أغلقت السلطات الأمنية أول أمس الاثنين مركز الدراسات السودانية، وألحقت ذلك بحملة معلنة في الصحف ضد عدد من المراكز البحثية والثقافية، ويتم تحرك واسع وسط نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني عامة في مواجهة هذه الهجمة. وعلمت (حريات) إن اجتماعا يعقد اليوم بين كل من كونفدرالية المجتمع المدني والحملة من أجل حرية التعبير، سوف يناقش كيفية التصدي لهذه الهجمة. وكانت السلطات قامت في 24 ديسمبر الجاري بإغلاق مركز الدراسات السودانية الذي يرأسه المفكر السوداني حيدر إبراهيم، بتهمة استلام أموال من جهات أجنبية لإسقاط النظام . وكشف المدير التنفيذي لمركز الدراسات السودانية عبد الله أبو الريش عن تلقيهم خطاب من وزارة الثقافة والإعلام ممهور بتوقيع الوزير أحمد بلال بفيد بإغلاق المركز لمدة عام بحجة أنه يمارس أنشطة “تضر بأمن السودان”. وكانت صحيفة (آخر لحظة) الصادرة في نفس اليوم، الاثنين، تحمل عنوانا عريضا نصه (حملات مداهمة واسعة على عدد من المراكز الثقافية خلال ساعات)، وقالت الصحيفة إنها علمت (من مصادر عليمة أن حملة واسعة ستشنها السلطات ستشمل عدداً من المراكز البحثية، وتلك التي تحمل صفة (ثقافية) خلال الساعات القليلة القادمة، بعد أن تسربت معلومات عن تلقي عدد من هذه المراكز لأموال خارجية باسم دعم منظمات المجتمع المدني ظاهرياً، في حين أن ذلك الدعم المالي الأجنبي يخصص حسب معلومات الصحيفة لدعم بعض القوى السياسية المعارضة للنظام في الخرطوم). وكانت (حريات) التقت الاثنين بالدكتور الباقر العفيف مدير مركز الخاتم عدلان للتنوير المعرفي، للاستفسار حول مغزى ذلك الخبر. وأفاد العفيف بأن هناك انزعاجا وسط منظمات المجتمع المدني بشأن هذا التهديد المعلن. وقال إن هناك ارهاصات كبيرة سبقت ذلك التهديد، “تم استدعاءنا في مفوضية العمل الطوعي (هاك) وكان معنا تحقيق يتساءل عن المشروعات والتمويل والممولين وحجم التمويل بتحديد قاطع ومن وكم أعطاكم كل ممول، وبعد ذلك قيل لنا لا بد أن تطبقوا قانون العمل الطوعي، والذي ينص على ألا نتقبل اي دعم من أية جهة اجنبية او غير اجنبية الا باذن من الوزير”، وشرح العفيف أن الوزير نفسه ليس شيئا محدداً بل يتغير، ففي الماضي كان الوزير المعني هو وزير الشئون الإنسانية، وبعد أن ألغيت هذه الوزارة صارت المعنية هي وزيرة الشئون الاجتماعية التي تم ضم العمل الطوعي لصلاحياتها، والآن (هاك) نقلت الى وزارة الداخلية فالوزير المعني هو وزير الداخلية، وبهذا التفسير للقانون فإنه يتوجب علينا إذا أردنا استلام أموال لإجراء عملنا الطوعي الثقافي والبحثي علينا أن نأخذ لذلك أذنا من وزير الداخلية. في سبتمبر هددونا بضرورة تطبيق القانون بحذافيره، وفي الشهر الماضي جاءونا في وفد كبير من ستة أشخاص وحققوا معنا تحقيقا مفصلاً، وكل ذلك يأتي في إطار تقييد العمل الطوعي. وقال العفيف: لذلك فإننا نأخذ الخبر المنشور في (آخر لحظة) مأخذ الجد، ونعتقد أن السلطات بعد أن أغلقت كل منافذ حرية التعبير المتاحة في الإعلام وكممت الصحف فإنها تنتقل الآن للمجتمع المدني لتغلق النوافذ الذي لا زالت تتنفس ببعض هامش حرية، لقد ألغوا لنا مؤتمر الكونفدرالية مؤخرا، وعدد من النشاطات بما يوحي بأن هناك نية لوقف نشاط المجتمع المدني. وكانت السلطات الأمنية منعت في الخامس من ديسمبر الجاري المؤتمر الصحفي الذي كان معدا له في المرصد السوداني لحقوق الإنسان وذلك لإعلان تجمُّع مُنظمات المجتمع المدني السوداني المعروف اختصاراً ب” الكونفدرالية”. والذي تنضوي تحت رايته أكثر من عشرين منظمة ومركز ثقافي سوداني، والمنظمات المكونة له هي الأكثر نشاطا وتأثيرا في المجتمع المدني السوداني إذ يرأس لجنة الكونفدرالية الدكتور أمين مكي مدني رئيس المرصد السودني لحقوق الإنسان. من جهتها تكونت الحملة من أجل حرية التعبير في يوليو الماضي وهي تشمل العديد من الإعلاميين والنشطاء وترأس لجنتها التنفيذية الأستاذة آمال عباس