رغم كل الحروب والمشكلات بين شمال السودان وجنوبه ،والتى أدت به إلى المرحلة الحالية لتقرير المصير ،مازال يجمع أبناء الشمال والجنوب فى السودان الكثير من المشاعر والعواطف ،ويجمعهم كذلك الوجدان المشترك وكثير من صفات الكرم والإعتزاز بالنفس والتواضع ،كما يجمعهم إرث ثقافى مشترك وتسامح دينى وعادات وتقاليد هى واحدة بشكل أو بآخر فى مناطق السودان المختلفة. ورغم المشاعر السلبية التى تم إستنفارها لدى أبناء الجنوب أثناء الإستفتاء من أجل إقناعهم بخيار الإنفصال فإن غالبية أبناء شعب الجنوب مازالوا يبادلون إخوانهم فى الشمال مشاعر طيبة ،خاصة أولئك الذين عاشوا أو خالطوا الشعب السودانى فى الشمال ،وكما حزن غالبية الشعب السودانى على رحيل أعداد كبيرة من إخوانهم من الجنوبيين من الشمال ،ودعا بعضهم إلى حداد عام حزنا على ضياع الجنوب ،فإن الجنوبيين بدورهم كان حزنهم وتأثرهم لايقل عن ذلك ،قال لنا فاروق جاتكوث القيادى الجنوبى البارز بجبهة الإنقاذ الديمقراطية بتأثر : نزحت إلى الشمال وكثير من أمثالى فى الجنوب ،ومايؤثر فينا هو حسن إستقبال المواطن الشمالى لنا ،وليس حكومة الشمال التى كانت تطاردنا ليلا ونهارا ،وهذه حقيقة نقولها للتاريخ ولوجه الله ،وكل كلمات الشكر لاتكفى ولاتوفى المواطن السودانى البسيط حقه ،ولكننى أدعو الله أن يعطيه الصحة والعافية ويعطينا المقدرة أن نستطيع مساعدته لاقدر الله إن هو أصبح فى محنة ،وأتمنى ألا تنقطع الصلة بيننا وبين إخواننا فى الشمال ،وهذه هى الصلات الطيبة التى أدعو إلى تطويرها من الآن قبل حدوث الإنفصال ،حتى يكون لدينا قصة نقصها على أطفالنا ،حتى يعرفوا تاريخ المشكلة التى حدثت والنقاط الإيجابية فيها ،حتى تكون لديهم قدرة على توحيد السودان مرة أخرى . ومن جانبه يرى إدوارد لينو عضو المكتب السياسى للحركة الشعبية ومسئول ملف أبيى بها ورئيس إستخباراتها السابق :أنه لم يكن أبدا للمواطن الجنوبى مشكلة مع إخوانه فى الشمال ،وأن المشكلة تكمن فى سياسات الحكومات التى تعاقبت على حكم السودان ،والتى فرقت المواطنين فى الشمال والجنوب وحاربتهم وهمشتهم “ويعرب لينو عن خشيته أن يتحول السودان الذى أراده جميع السودانيين بشمالييهم وجنوبييهم وطنا عزيزا كريما إلى شظايا ومزق . أما الإعلامى ميوم ألير مدير قناة إيبونى بجنوب السودان فيرى أن المواطنين الجنوبيين لايقلون عاطفة تجاه إخوتهم فى الشمال ،الذين إرتبطوا بهم ،وبادلوهم مشاعر الوفاء ،وقال :أعلم أن كثيرا من إخوتنا فى الشمال يكاد يموت كمدا وحزنا على بتر الجنوب ،رغم أن دعاة الإنفصال فى الشمال قاموا بالإحتفال بذبح ثور فى أول أيام الإستفتاء ،تعبيرا عن فرحتهم الغامرة بأن يذهب الجنوب ،وقد كانوا يعتبرونه عبئا عليهم ،ويضيف :إن مثل هذه المشاعر الطيبة مع إخوتنا فى الشمال لن تضيع سدى ،وربما أدت لوحدة جديدة فى المستقبل على أسس من العدالة والمساواة .