عماد الدين عمر الحسن كلمة غربا باتجاه الشرق تعجبني جدا كتابات الاستاذ المتميز مصطفي عبدالعزيز البطل ، بل انني من اشد المعجبين باسلوبه السلس وكلماته الواضحه البسيطه التي يؤلف بينها ويصيغها في ترتيب بديع فتخرج وهي تناغم القارئ فيستمتع بها اشد استمتاع سواء اتفق معه في الموضوع الذي يطرحه أو اختلف ، وهو ذات الاحساس الذي انتابني اليوم وانا اطالع عموده المقروء بصحيفه السوداني غربا باتجاه الشرق ، حيث تعرض في المقال الذي يعقب فيه علي الدكتور احمد محمد سعيد الاسد وهذا الاخير هو صاحب فكره التأميم في بدايات حقبه مايو ، تعرض الاستاذ البطل ضمن ما تعرض له الي بعض اسباب انتفاضه ابريل 85 وذكر انه لولا انفكاك الحلف المايوي الاسلاموي ووقوف قاده الحركه الاسلاميه الي جانب الثوره الشعبيه لكان الناس يستمعون حتي يومنا هذا الي اذاعه امدرمان وهي تصدح : تسلم مايو لينا وليك تسلم . نقول للاستاذ مع كامل احترامنا له بأنه قد أتي تماما بما استنكره من الدكتور الاسد ، فالاخير نسب الفضل في صنع الانتفاضه – ان كان هناك فضل – الي اليسار والحزب الشيوعي ، بينما نفي البطل ذلك واقتلع حقوق الصناعه هذه ونسبها الي الحركه الاسلاميه – علي الرغم من انه حاول ان يشرك معها اخرون من باب المجامله- ، وفي كل الرأيين سرقه لحقوق جهات اخري ساهمت بشكل او باخر في نهايه فتره مايو وبدايه نهايه السودان . برأ الكاتب كذلك قوي اليمين من تهمه خيانه الانتفاضه وتسليم السلطه للمجلس العسكري الانتقالي ، وان كنا نتفق معه ان قوي اليمين ربما لم تخن ، ولكن نعتقد أنها أهملت وتساهلت كثيرا ، وقد وقعت اكبر الاحزاب داخل كتله قوي اليمين ضحيه لمكر وخداع مورس من اصغر حزب داخل الكتله ، وكلكم يعرف الحزب الذي يتسم بهاتين الصفتين ويجيدهما . نقول ، المظاهرات التي شهدتها الخرطوم بدايات العام 85 ما كان لها أن تؤدي الي اسقاط حكم الراحل جعفر نميري لولا تدخل الجيش وانحيازه الي قرار استلام السلطه وقلب نظام الحكم ، وهذه حقيقه تاريخيه لا تستطيع كل الاحزاب التي شاركت في تلك المظاهرات مغالطتها بدليل أنها حاولت قبل ذاك التاريخ مرات عديده وقامت بمظاهرات أكبر من مظاهرات مارس ، بل وحاولت عن طريق القوه العسكريه احيانا ولكنها لم تنجح في ازاحه قاده ثوره مايو ، ولم تفلح في ذلك الا عندما استغلت فتره غياب رئيس الجمهوريه وماّل الامور الي نائب أول ضعيف لم يستطع التعامل مع الاحداث بالشكل المطلوب ، بالاضافه الي قرار الجيش الذي أشرنا اليه . وحتي بعد سقوط مايو فقد أخطأت الاحزاب السياسيه مره اخري باستعجالها الامور وتشكيكها في مصداقيه الحكومه الانتقاليه ونيتها بتسليم السلطه للشعب ، فالاحزاب لم تكن مستعده علي الاطلاق انذاك لممارسه الديمقراطيه ، بل ، ولا لإي نشاطات سياسيه بعد فتره طويله من البيات السياسي بلغت سته عشر عاما هي فتره حكم الرئيس الراحل جعفر نميري ، وربما كان من الانسب ان تمتد الفتره الانتقاليه لعامين اخرين علي أقل تقدير ، لكن ربما انها لم تكن تثق في العسكر الذين استلموا السلطه وحسبته انقلابا عسكريا غالبا ما سيطمع قادته ويسثتأثرون بالسلطه لانفسهم ، وإلا ..فإنها كانت تحتاج للكثير من الوقت لترتيب أوضاعها الداخليه ، وعقد مؤتمراتها الدستوريه وتنظيم وترتيب كل اوراقها المبعثره . وخلاف ذلك فقد كان الوقت مطلوبا حتي من اجل تنظيم المؤسسات التي أشرفت بعد ذلك علي اداره عمليه الانتخابات ، وإعاده صياغه القوانين التي تحكمها ، ومن ناحيه اخري من أجل اعاده ترسيم وتوزيع الدوائر الجغرافيه ، والتي لم تحظي بالتخطيط الموفق مما أدي الي احداث تغييرات كبيره في خارطه نتائج الانتخابات فيما بعد . كلمه اخيره : استاذنا البطل لا أظن ان ثوره ما ستقوم قريبا سواء تركها الدكتور الاسد لشأنها أو تدخل مره اخري مقترحا اعاده التأميم والترسيم . اخر كلمه : يوم اخر من العطش تشهده أحياء جنوبالخرطوم ، ولا ندري ان كان النيل قد إعتزل الجريان أو انه قرر التنحي فارضا شح المياه علي جيرانه طالما أن المسئولين عن إروائهم لا يتنحون ولا يعزلون .