خواطر رياضية د.صلاح الدين محمد عثمان [email protected] سبل تحويل الأندية الرياضية إلي شركات مساهمة
أثبتت الدراسات الأكاديمية التي أجريت في مجال اقتصاديات كرة القدم بأن فكرة تحويل الأندية إلى شركات مساهمه عامه هي فكرة فاشلة لأن الكثير من الأندية التي تحولت إلى شركات مساهمه عامة تحولت في النهاية إلى شركات خاصة أو شركات محدودة المساهمين يمتلك أغلبية أسهمها فرد واحد. لذلك لابد لنا في البداية أن نتعرف على الأشكال الموجودة على أرض الواقع لملكية أندية كرة القدم على المستوى العالمي وهي: 1. النادي المملوك لشركة خاصة أو لعدد محدود من الشركات وهذا هو نموذج الأندية الإنجليزية المتمثلة في أندية مانشستر يونايتد وليفربول. 2.النادي المملوك لقاعدة واسعة من المساهمين كمثال يوفنتوس الإيطالي والذي تحولت معظم أسهمه إلى مالك واحد فيما بعد. 3.النادي الذي تمتلكه شراكه بين جمعيته العمومية بأسهم قيمتها 51% و شركة خاصة تمتلك 49% و هذا هو نموذج الأندية الألمانية و على رأسها بايرن ميونيخ. 4.النادي المملوك بالكامل لجمعيته العمومية و يستثمر أمواله عبر شركات خاصة مملوكه للنادي كمثال أندية برشلونه و ريال مدريد الاسبانية. أثبتت الدراسات بأن النموذج الأخير هو الأنجح إقتصادياً و هو يمتلك حرية أكبر في الإستثمار تتيح له إجتذاب المعلنين والرعاة لتحقيق أعلى قدر من الأرباح عبر تسويق أخباره و مواده الإعلامية و شعاراته. في السودان يروج الكثيرون لفكرة تحول الأندية إلى شركات مساهمه عامه بدون دراسات و بشكل متعجل و يبدو أن هناك من يفكر في إمتلاك الأندية الكبيره كالهلال و المريخ بهذا التصور، ويروج البعض بأن هذه الفكرة فيها الحل لمشاكل تمويل هذه الأندية و تشغيلها، والبعض يقول بأن هذه الأندية تمتلك بنية أساسية قوية وفاعلة إذا تحولت إلى أسهم فهي ستحل كل المشاكل لأن شروط رخصة الأندية تنحصر في فريق كرة القدم و ليس لها علاقة بالنادي وما يمتلكه من بنيات أساسية ويجب حتى في حالة تمرير هذا المخطط أن ينحصر في فريق الكرة فقط و ليس في البنية الأساسيه من إستاد و مباني و أراضي و غيرها التي يجب أن تظل من ممتلكات النادي كهيئة رياضية تديرها جمعيتها العمومية. إذا افترضنا تحويل النادي بكامله إلى قيمة مالية موزعه على أسهم تطرح للجمهور، هنا يحق لنا أن نتسائل هل هذه الأسهم المكونة لرأس المال الأساسي للاستثمار فهل سيكون الصرف على فريق الكرة من رأس المال، وفي هذه الحالة إذا تم ذلك ما هو الاستثمار الذي سيعود بأرباح تضمن الحفاظ على رأس المال و تنميته، أندية كرة القدم ليست شركات ربحية و السبب الذي أفشل شركات المساهمة العامة في الأندية هو أنها ليست كمثل الشركات المساهمة العامة في مجالات الاستثمار الأخرى توزع أرباح أسهمها على المساهمين بصورة ربع سنوية أو نصف سنوية أو سنوية. التحول المنطقي و المطلوب في السودان في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية هو تعديل قانون مقوضية هيئات الشباب والرياضة الذي لا يسمح للأندية بالعمل التجاري وتكوين الشركات ليسمح بذلك، هذا التعديل إذا تم سيسمح للأندية بتطوير اقتصادياتها عبر السبل المتاحة من رعاية و إعلان و تسويق لأخبارها وصور لاعبيها وموادها الإعلانية من لبس ووشاحات وغيرها. إن الشروط الموضوعة للأندية المحترفة يجب أن تكون مرنه لتسمح للأندية المسجلة كهيئات رياضية بالدخول في شراكات مع مستثمرين مع الحفاظ على أغلبية الإدارة لها بنسبة 51% من الأسهم أو أكثر. في ظل الأوضاع الإقتصادية الحالية فإن تحويل الأندية إلى شركات مساهمه عامه سيكون عملية سطو صريح على هذه الأندية و ربما نجد المريخ و الهلال قد آلا لفرد أو أفراد قليلين بعد سنة واحدة من تكوين هذه الشركات المساهمة. التجربة المصرية في وقت سابق دعا طاهر أبو زيد وزير الرياضة رؤساء الأندية المصرية لبحث سبل تحويل أنديتهم لشركات مساهمة كخطوة على طريق الإصلاح، مؤكدا علي أهمية دور الاستثمار الحقيقي في خلق موارد مالية جديدة لزيادة الموارد المتاحة للأندية، وحتي تستطيع بمجرد تحولها لشركات واستقرار أحوالها المالية التخلي تدريجيا عن دعم الدولة. وأكد أبو زيد في دعوته أن وزارته ستقدم أي دعم قانوني بناء على طلب أي نادٍ خاصة الأندية الفقيرة من خلال فريق مستشاريها القانونيين. وقال إن تحويل الأندية لشركات مساهمة هو بداية التطوير الحقيقي المنشود. وأوضح أبو زيد أن الفترة المقبلة ستشهد انتعاشة رياضية بعودة النشاط الرياضي من مسابقات وبطولات محلية منها عودة الدوري العام، ويمكن أن تكون هذه الخطوة داعمة للمنظومة الرياضية المصرية في المستقبل القريب. وبالنسبة للكرة المصرية قال أبو زيد إنها يمكن أن تنقل الكرة في مصر من الاحتراف الوهمي إلي الحقيقي خاصة وأن اللعبة تدر أموالاً طائلة للأندية والدولة عمومًا في حالة استثمارها بشكل جيد لأنها أصبحت صناعة رابحة وليس مجرد لعبة ترفيهية. وضرب أبو زيد مثلا بنادي مصر المقاصة الذي أعلن تحوله إلي شركة مساهمة وأصبح أول نادٍ مصري يطبق نظام الاحتراف الذي طالب به الاتحاد الدولي "الفيفا" جميع الاتحادات علي مستوي العالم بتحويل الكرة إلي نشاط مستقل يدار من قبل شركات مساهمة. وأضاف أبو زيد إن الأندية – وخاصة الشعبية – طوال العقود الأخيرة ظلت تعتمد بشكل أساسي علي دعم الدولة واشتراكات الأعضاء إن وجدوا ومساعدات رجال الأعمال، ويمكن أن تتحول لشركات ويمكن لرجال الأعمال في كل محافظة أن يكون لهم دور في هذا الصدد، مما ينهض بهذه الأندية، سواء من حيث الخدمات للأعضاء أو المنافسة الحقيقية في المسابقات وتفريخ أبطال جدد في مختلف اللعبات. وفي ذات السياق كشف مدير عام سوق الخرطوم للاوراق المالية عثمان حمد أن تحويل الأندية الرياضية إلى شركات مساهمة، سيتيح لهذه الأندية موارد كبيرة في ظل الظروف الراهنة التي تعتمد فيها على أعضاء مجلس إدارة النادي، وهؤلاء إمكاناتهم محدودة، وتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تدافع جماهيري للاكتتاب في أسهم هذه الأندية، لكن هناك أسئلة طرحت لمعرفة ملكية هذه الأندية. وفي الختام نقول ان المسألة تتطلب دراسات كافية ودعوة المسؤلين عن النشاط الرياضي في السودان بمشاركة خبراء الاقتصاد ومجالس ادارات الاندية واللجنة الاولمبية السودانية والاتحادات العامة الرياضية ليتم تطبيق ذلك بعد الدراسة الوافية خلال الفترة المقبلة.