خارطة الطريق ناصر بابكر ورطة الإتحاد والمريخ وثمن الفوضى * عاشت الكرة السودانية في خواتيم الموسم الماضي أزمة كبيرة بخروج مجموعة من الأندية عن القانون وإعلانها العصيان والتمرد على الجهة المُسيرة للنشاط.. وكالعادة كان الهلال هو رأس الرمح في تلك الفوضى.. وكالعادة أيضًا ساد قانون المرأة المخزومية وفقه الترضيات والموازنات وتم حل القضية بتوجيهات عليا من خارج نطاق الأسرة الرياضية بعيداً عن القانون واللوائح وكانت النتيجة إرتفاع عدد أندية الممتاز من (15 نادياً) إلى (18 نادياً) وبالتالي إرتفاع عدد المباريات في النسخة الحالية وإرتفاع الأعباء المالية للأندية التي دفعت الثمن لسياسة درجت على إرضاء وتمييز كل متمرد وكل خارج عن القانون. * نتيجة ما حدث الموسم الماضي ظهر بجلاء في الموسم الحالي وتحديداً في جزئية البرمجة التي جأرت جل أندية المسابقة بالشكوى منها.. والغريب أن الهلال الذي كان السبب الرئيسي في هذا الوضع وفي الأزمة التي حدثت الموسم الماضي حصل على برنامج مريح للغاية مع إستهلاك مبالغ فيه لأغلب الأندية قبل مبارياتها أمام وصيف النسخة الماضية وكأن إتحاد الكرة أو ربما جهات عليا ترغب في مكافأة الهلال على خروجه على القانون وتمرده الموسم الفائت. * إتحاد الكرة وبدلاً من أن يتعلم من درس الموسم الماضي المرير.. وبدلاً من أن يكون ما حدث سابقاً سبباً للتغيير في طريقته ونهجه ليكف عن المجاملات والرضوخ لطلبات أندية القمة والإستجابة لها بعيداً عن تطبيق اللوائح والإلتزام ببرنامج المسابقات الذي يصدر.. مضى إتحاد الكرة قدماً في ممارسة عادته السيئة التي تسبب له كل عام مشاكل لا حصر لها.. حيث قام الإتحاد بتأجيل عدة مباريات للمريخ ليجد نفسه الآن في ورطة ومأزق كبير مع إقتراب موعد التسجيلات التكميلية التي تنطلق في (العاشر من مايو) في وقت ما زالت فيه لحامل اللقب ست مباريات في الدورة الأولى يفترض أن يخوضها بعد عودته من الجزائر يوم (21 أبريل) ما يعني أن هنالك (18 يوماً) فقط للمباريات الست. * تلك الوضعية دعت إتحاد الكرة أمس الأول لإصدار برنامج (مستحيل) لأربع من مباريات المريخ القادمة تبدأ ببرمجة مباراة بكادوقلي أمام الهلال يوم (22 أبريل) بعد (24 ساعة فقط) من عودة الأحمر من الجزائر بعد رحلة تستغرق (17 ساعة) وهو ما يوضح المأزق الذي يعيشه إتحاد فاقد للبوصلة لأن المريخ وبنص القانون لن يخوض مباراة كادوقلي في تاريخها الذي حدده إتحاد الكرة. * البرمجة تشير إلى أن المريخ وبعد اللعب مع الوفاق (19 أبريل بالجزائر) عليه أن يلعب أمام هلال الجبال (22 أبريل بكادوقلي) ثم هلال التبلدي (25 أبريل بالأبيض) ثم الأهلي شندي (29 أبريل بشندي) ثم الأهلي عطبرة (2 مايو بالخرطوم) أي يؤدي خمس مباريات في ظرف ثلاثة عشر يوما بسطيف ثم كادوقلي ثم الأبيض ثم شندي ثم الخرطوم. * ورطة الإتحاد تظهر أكثر من خلال تجاهله برمجة مباراتي المريخ أمام الخرطوم الوطني وهلال أم درمان ويبدو أنه ينتظر معرفة نتيجة مباراة الأحمر بالجزائر لأن بطل السودان وحال لا قدر الله لم يتأهل لمجموعات الأبطال فسيتحول لدور الترضية بالكونفيدرالية ومباريات ذهاب هذا الدور ستلعب يوم (السادس من مايو) وهو أمر إن حدث فسيضع الإتحاد في مأزق أكبر لأنه لن يتمكن من برمجة أي من المباراتين المتبقيتين للمريخ قبل إنطلاقة التسجيلات التكميلية (العاشر من مايو). * أما الأسوأ والأزمة القادمة التي ستنفجر حال لا قدر الله تحول المريخ للكونفيدرالية فستتمثل في رفض الأحمر جملة وتفصيلاً للبرمجة السابقة لأن تنفيذها يعني ببساطة فشله في دور الترضية أيضاً ونهاية طموحه ببلوغ المجموعات في المسابقات القارية.. فالرضوخ لتلك البرمجة يعني قتل الفريق بالإرهاق والإصابات جراء السفر المتواصل وخوض المباريات في أوقات متقاربة وجميعها مواجهات شرسة أمام أندية المقدمة بالممتاز. * ولكي نكون منصفين.. فلا يمكن إعفاء المريخ من المشاركة في الخطأ وهو يطلب تأجيل مبارياته في الممتاز قبل كل مباراة قارية لإقامة معسكرات خارجية وهي طلبات كان من واجب الإتحاد ومهما كان حجم الضغط الإعلامي رفضها والتمسك بالبرنامج المعلن مثلما سيرفض المريخ اللعب بكادوقلي في التاريخ الذي حدده الإتحاد مؤخراً لأن القانون في صف الأحمر. * فالمريخ بدأ يدفع ثمن تلك التأجيلات بخوضه مؤخراً لثلاث مباريات في ظرف خمسة أيام (السبت.. الإثنين والأربعاء) أمام وفاق سطيف ثم الأهلي ودمدني ثم مريخ نيالا.. وشخصياً وعلى الرغم من قساوة تلك البرمجة إلا أنني لم أنتقد الإتحاد لأن المريخ إرتكب أخطاء كبيرة وهو ينظر تحت أقدامه في كل مرة يطلب فيها تأجيل مباريات الدوري دون أن يدرس برنامجه كاملاً حتى نهاية النصف الأول ليعلم الثمن الذي سيدفعه جراء التأجيل المستمر لجولات الممتاز. * لكن طالما أن الإتحاد ظل يرضخ لطلبات القمة فعليه أن يتحمل مسئولية نهجه كاملة وأن يبحث منذ الآن عن مخرج للمأزق الذي وضع فيه نفسه.. فالمريخ من المؤكد لن يخوض مباراة كادوقلي في توقيتها المعلن والمؤكد أكثر أنه لن يقبل البرمجة الأخيرة حال تحول لا قدر الله لدور الترضية لأن القبول بتنفيذ ذاك البرنامج يعني ببساطة عدم التفكير في بلوغ مجموعات الكونفيدرالية مع الإشارة لأن المسابقات القارية تأخذ أولوية قصوى بالنسبة للمريخ وكذلك بالنسبة لكل الأندية المشاركة أفريقياً. * الوضع الحالي يجعل من الوارد تأجيل بعض المباريات لتلعب في النصف الثاني من الموسم.. لكن قبل ذلك على الإتحاد أن يراجع نهجه السابق وأن يبدأ إعتباراً من الدورة الثانية في التمسك ببرنامج المسابقات كاملاً دون رضوخ لأي طلبات تأجيل إلا إن كان يسندها القانون حتى لا يصنع الأزمات ويهدد منافساته بالفشل. * لا يوجد نادٍ في أفريقيا يتعرض لمثل تلك البرمجة.. لكن بالقدر نفسه لا يوجد نادٍ تؤجل له مبارياته التنافسية قبل كل مباراة أفريقية ليقيم معسكراً خارجياً.. وتبقى الفوضى التي حدثت الموسم الماضي هي الأصل في المأزق الذي يعيشه الإتحاد اليوم لأن حله لأزمة الموسم الفائت خارج نطاق القانون يجعله عاجزاً عن تطبيق القانون على أي نادٍ.