محمد الطيب الأمين مولانا جمال كان (عِمة) على رأس الكرة ودسوقي أجمل (شال) !!
* لو كان للموت (تاريخ ملعوم) لما قصرنا في وداع كل راحل. * كنا سنحسن وداع الأعزاء. * ولكن الله سبحانه وتعالى قد جعل الأعمار بيده ولا يعلم غيره (أين ومتى وكيف نموت). * ولهذا أحتفظ الموت ومنذ بداية الخلق ، أحتفظ بدهشته وصدمته وحزنه ووجعه . * فقد بكينا أعزاء حتى ظننا أننا لم ندخر (باقي دموعنا) لأحزانا اللاحقة. * ظننا أن الدموع (نفدت) ولم نعلم أن الدموع بحار. * بكينا مولانا جمال حسن سعيد (عصر الأربعاء) وقلنا لعلها (آخر الأحزان). * وجينا بعد (24) ساعة فقط وبكينا أستاذنا الكبير محمد أحمد دسوقي (عصر الخميس) ولن نقول لعلها (آخر الأحزان). * ذات الدموع وذات الوجع الذي ودعنا به مولانا جمال حسن سعيد (عصر الأربعاء) عشنا ذات تفاصيله (عصر الخميس) مع دسوقي. * ولعل بين هذا الثنائي شبه كبير. * شبه وتقارب ليس في (السن وأيام الرحيل) بل هو شبه في (روح السلام) التي يتمتع بها (جمال ودسوقي). * مولانا جمال (عِمة) على رأس الكرة السودانية ودسوقي (شال) على كتف الصحافة الرياضية. * كان مولانا جمال حسن سعيد رجل متسامحاً وطيب القلب وقوي في الحق حتى وإن كان هذا الحق هو مجرد (3 نقاط). * رجل يتمتع بقبول وحضور وله صولات وجولات في القانون. * هو من الإداريين القلائل الذين صنعوا لأنفسهم مكانة في التاريخ الرياضي برغم تواجده خارج الخرطوم (مركز الرياضة) . * أضفى مولانا جمال كاريزما لفرقة الأمل وشخصية معتبرة بل جعل عطبرة على كل لسان. * كان من (كبار عطبرة) ومن الذين يبثون الأمان للأجيال. * تجربة مولانا الإدارية تستحق أن يقف عندها الناس لأنها تجربة فيها كثير من العطاء والتحدي والعمل النبيل. * هو تاريخ عريض في مجال القانون والرياضة والأدب. * لم تفقده عطبرة والأمل بل فقده كل السودان. * أما نحن في مجال الصحافة فقد فقدنا واحداً من (ثوابت المهنة). * دسوقي .. بدأ وانتهى وهو بذات النجومية والألق. * قلم شجاع دافع عن الهلال في ساحات النزال وجاهر بالحق وكانت له مواقف حفظها التاريخ. * ظلت الصحف تتسابق في الفوز بزاويته وكان هو يسبقنا في حب الهلال. * مدرسة في الصحافة نهلنا منها الكثير. * كنت أقرأ لدسوقي قبل دخولي المجال وكان يعجبني حبه للهلال، وبعد أن دخلت واصلت متابعة ما يكتب بذات اللهفة. * قالوا الزول بتعرفو في السفر .. وقد قابلت الراحل لأول مرة داخل الطائرة ونحن متجهين إلى تونس في مهمة صحفية هلالية. * بعثة الهلال لم تكن معنا في ذات الطائرة فقد سبقتنا البعثة تقريباً. * أذكر يومها تعرضت الطائرة لمطبات جعلتنا في حالة لا يعلم بها إلا الله. * ما حدث داخل الطائرة في تلك اللحظات جعلني اتنفس بصعوبة مما جعل (المضيفة) تنقذني بالاوكسجين و(البطاطين) . * وقف لحظتها الراحل إلى جنبي وقفة مشرفة واحاطني بكثير من المشاعر الأبوية الجميلة. * ومن لطفه أنه ما كان يحكي هذه الواقعة ظن منه أنني (أخجل من تلك الجرسة). * تشرفت بالعمل مع الراحل في أكثر من صحيفة وقد كان لا يحب الظلم ويدافع عن حقوق المحررين والضعفاء. * برحيله فقدنا علم وركيزة مهمة من ركائز الصحافة السودانية. * نسأل الله العلي القدير أن يرحمه ويغفر له ويحسن إليه. * والبركة في تلاميذه وكل عارفي فضله. * التعازي لكل الزملاء والأخوان. * اللهم نسألك عالي الجنان لمولانا جمال واستاذنا دسوقي ولكل موتى المسلمين. * (إنا لله وإنا إليه راجعون).