د . مزمل أبو القاسم ثنائية الطموح والصبر الجميل * لاعبان سودانيان يمكن اعتبارهما نموذجاً للصبر والاجتهاد وقوة الشخصية والسعي للإجادة والتغلب على المصاعب، وهما الحارس المتميز محمد المصطفى، ونجم الوسط الخلوق أبو عاقلة عبد الله. * اللاعبان اللذان نالا شارة التميز في مباراة منتخبنا الوطني مع نظيره الجابوني مساء أمس الأول واجها مصاعب كبيرة، كانت كفيلةً بإنهاء مسيرتهما الكروية، لو استكانا لها، وخضعا لسطوتها. * لم يوفق محمد المصطفى في فرض نفسه أساسياً مع المريخ، وظل حبيساً للدكة أكثر من سبع سنوات، بل لم يجد حتى فرصة الجلوس على كنبة الاحتياط في معظم السنوات المذكورة، فتمت إعارته لعدة أندية، منها مريخ الفاشر ومريخ نيالا وأهلي عطبرة ومريخ كوستي، وكان يعود لناديه بعد نهاية كل إعارة كي يجدد علاقته مع دكة الاحتياط الحمراء. * صبر واجتهد وثابر حتى خدمته الظروف وكافأته الأقدار على صبره واجتهاده، برحيل حارس المريخ الأول جمال سالم إلى الهلال، وإخفاق منجد النيل في شغل خانته، ثم برحيل عبد الله أبو عشرين إلى الهلال أيضاً، وسنحت الفرصة لصبور الحراسة الحمراء، فأحسن استغلالها، ولم يفرط فيها، حتى أصبح الحارس الأساسي للمريخ والمنتخب الأول. * نجاحه يحكي قصة كفاح يستحق عليها محمد المصطفى الإشادة، بعد أن صار من أهم الأعمدة الأساسية للمريخ والمنتخب على حد السواء، ونجزم أن شخصيته الهادئة المهذبة المثابرة لعبت دوراً أساسياً في نجاحه المتأخر. * قد لا تكون معاناة أبو عاقلة شبيهةً بمعاناة أيوب الحراسة المريخية لأنه لعب أساسياً في الهلال بعد ضمه مباشرةً، لكن اجتهاده يستوجب الانتباه أيضاً، سيما وأن صاحبه وجد نفسه مهدداً بالرحيل عن ناديه قبل موسمين من الآن، عندما تلكأ الهلال في إعادة قيده وقدم له عرضاً زهيداً كاد يجبره على الابتعاد. * بعد ذلك تعرض أبو عاقلة لأسوأ إصابة يمكن أن تحلق بأي رياضي، أثناء مشاركته في بطولة كأس العرب للمنتخبات بالدوحة، حيث سقط معطوباً عقب دخوله بديلاً في مباراة السودان ولبنان وعجز عن مواصلة اللعب، ليتضح أنه مصاب بقطع في الرباط الصليبي. * توقف أبو عاقلة عن اللعب قرابة العام، وخضع لعملية جراحية في الدوحة، ثم عاد أقوى من ما كان، ليفرض نفسه أساسياً في توليفة الهلال (بوجود أحد عشر أجنبياً)، ويصبح من الأعمدة الرئيسة للمنتخب الوطني، ويقوده مع رفيقه دربه محمد المصطفى للفوز الغالي الذي تحقق على منتخب الجابون القوي مساء أمس الأول. * كثيرون يعيبون على لاعبي السودان ضعف طموحاتهم وقلة اجتهادهم وعدم تمتعهم بالفكر الاحترافي المطلوب توافره عند لاعبي كرة القدم، وبكل تأكيد فإن أبو عاقلة عبد الله ومحمد المصطفى بريئان من تلك التهم، لأنهما كدا واجتهدا وتفوقا على الظروف الصعبة التي اعترضت مسيرتهما الكروية، ورفضا الاستلام لها، فانطبقت عليهما مقولة (لكل محتهد نصيب). * كل صقور الجديان كانوا نجوماً في مباراة الجابون، فقد أجاد صلاح نمر وإرنق في قلب الدفاع، وقدم أطهر وبخيت خميس مباراة جيدة في طرفي الملعب، وسجل كومي اسمه بأحرف من نور بتسجيله أحد أجمل الأهداف في تاريخ صقور الجديان، وأعاد التوزة اكتشاف نفسه مع بادو الزاكي، واجتهد الجزولي وتيري ووليد الشعلة في خط المقدمة وقدما مباراة كبيرة وإن لم يفلحا في التسجيل. * كلهم اجتهدوا وشاركوا في الانتصار الجميل، لكن نجومية اللقاء آلت بكل جدارة لثنائي قوة الشخصية والصبر الجميل (محمد المصطفى وأبو عاقلة) فاستحقا تحية خاصة وإشادة كبيرة منا ومن كل محبي الكرة السودانية على اجتهادهم وصبرهما وقوة شكيمتهما وطموحهما الوثاب. آخر الحقائق * بحسب للمغربي بادو الزاكي واقعيته التي دفعته للاعتماد على غالب لاعبي فريقي القمة في مباراتي الجابون. * ويحسب لمساعده إبراهومة إصراره على ضم التوزة وكومي، لأن الزاكي لا يعرفهما ولم يسمع بهما أصلاً. * أوضحت مباراة أمس الأول أن فترة التوقف خصمت الكثير من سيف تيري وجردته من نجوميته السابقة وقلَّصت خطورته على المرمى. * أصبح يفرط في التمثيل وادعاء الإصابة بطريقة ممجوجة، ليفقد الكرة من دون أن يكسب مخالفات. * من أبرز عيوب المنتخب الحالي خلوه من اللاعبين أصحاب الحلول الخاصة والمهارات الاستثنائية. * سيكتسب المنتخب دفعةً كبيرة بعودة الحلواني أحمد حامد التش والمدافع المتميز مصطفى كرشوم للتوليفة الأساسية. * كذلك ستمنح عودة محمد الرشيد وسط صقور الجديان دفعةً لا تقدر بثمن. * آخر خبر: الفوز على منتخب موريتانيا في البقعة سيضمن لنا التحليق في نهائيات الكان.
