من كان يتخيل أن تمتد نيران الحرب إلى ود النورة وود الجتر؟ أبوعاقله أماسا * من كان يتوقع أن تصل الحرب في أسوأ مراحلها إلى بقاع آمنة ومطمئنة مثل الحرقة والمدينة عرب وحلة عباس والمحيريبا وقراها وقرى الحلاوين..فالسؤال المطروح: لماذا هي جزء من ميدان الحرب؟، ومن كان يتخيل في أسوأ التشاؤمات أن تجتاح مناطق تعتبر في المعاناة والتهميش مثل أصقاع دارفور وجنوب دارفور والشمالية وأسوأ منها مثل ريفي أم رمته شمال غرب ولاية النيل الأبيض.. وهي المنطقة التي كتبت عنها قبل سنتين تقريراً يحكي عن معاناتها مع مرض (الكلازار) مع تدهور الخدمات الصحية بها..!؟ * في أسوأ الأحوال لم نتوقع أن يصل الإقتتال أغوار بعيدة في الجزيرة مثل ود الجتر وعشرات القرى من الطيبين، الذين كانوا يستقبلون الضيوف بالترحاب والإكرام، ولكن.. بفعل من لا يرقب في البشر إلاً ولا ذمة أصبحنا نعيش هذا الكابوس واقعاً مرعباً في وقت رفعت فيه كل السقوفات عن الأخلاق تماماً وأصبح التقتيل خارج أرقام الحساب، وما حدث خلال يومين في ود النورة وود الجتر والقرى المحيطة كارثة إنسانية يجب أن توثق وتنقل عبر الفضائيات ليعرف العالم حقيقة ما يحدث في السودان، ولا أظن أن عتاة مجرمي الحروب في العالم قد سبق وتعمدوا قصف قرى المدنيين وارتكاب مثل هذه الجرائم إلا ضد المسلمين في البوسنة والهرسك..! * لقد شهدت ولاية الجزيرة جرائماً ستدون في تأريخ البشر كواحدة من أسوأ الحروب، ولأن الجزيرة المعطاءة أرض الطيبة والطيبين والمنارات والشيوخ سترفع أياديها لخالق الكون فقط ليقتص لها من القتلة والمجرمين..!! * المؤلم حقاً.. أنه وبرغم ما يحدث في الجزيرة من مذابح وانتهاكات يتهم بعض شذاذ الآفاق من ماسحي الجوخ والمتملقين أهلها بالتعاون مع المليشيا، وتمنع المواد التموينية ويحظر الدواء عن الولاية ليجوع الملايين، بل ويسمع الهاربين منها ما هو مردود من حديث يضع كل من بقي في مناطق الولاية في خانة المتعاونين مع العدو، وهو ما يؤكد أن هذه الولاية عانت وما تزال تعاني المرارات في كل الإتجهات.. رغم أنها ولاية الإنتاج الأولى، ورغم ما يمر بها من ظروف ما زالت خيراتها تعبر الحدود وتذهب للولايات ناكرة فضلها..! * الڤيديو الذي وثق لحظة الهجوم على قرى (ود النورة) وهو من تصوير الفاعل نفسه كان في تقديري أكبر إدانة لهذه القوات لأنها بدأت بتصوير السيارات التي اعتمدوا عليها في نقل الجنود وربطوا عليها أسلحتهم، وجميعها سيارات مواطنين معروفين وقد تعرفوا عليها بسهولة، وغاية الألم أنهم استخدموها في قتل المواطنين العزل في ذات القرى.. وتؤكد الإحصائيات أن عدد المواطنين الأبرياء الذين قتلوا في المناطق التي تم اجتياحها بشكل فردي بغرض النهب أو حتى بدون سبب يذكر تجاوز الآلاف منذ اجتياح الولاية وحتى الآن، فضلاً عن بعض الممارسات اللصوصية الهمجية من إقتحام المنازل ونهب المحاصيل وإحداث الفوضى في الأسواق.. كلها جرائم موثقة، وإن كانت الدولة ممثلة في أعلى قمة الهرم غير قادرة على القيام بمسؤولياتها فعلى الأقل يجب أن يحاسب كل على مايقول وتكف السلطات عن مضايقة العامة في مخارج الولاية.. لأن الأثر سيكون مدمراً للمجتمع السوداني فيما بعد..!!