مما قاله لي الترابي يوماً أنه ضد القتل.. *ضد إزهاق الأرواح لدواعٍ سياسية… يصعب الجدال عنها أمام الله.. *وضرب لي مثلاً بإعدام مجدي… في مال يخصه.. *وليس مجدي محجوب وحده ؛ وإنما جرجس بطرس… وأركانجلو أقادو أيضاً.. *وقال إنه ظل مقاطعاً من أعدم مجدي إلى أن…. *كان لا يصافحه… ولا يكلمه… ولا يقابله… ولا يحب أن يسمع عنه – أو منه – شيئاً.. *أما عبارة (إلى أن) هذه فقد أكملها إشارة بيده… لم أفهمها.. *ومضى قائلاً : كل أخطاء السياسة ما دون قتل النفس يمكن تصحيحها.. *يمكن تصحيحها ذاتياً… أو بواسطة آخرين يؤول إليهم الحكم.. *ولعله استشهد بحديث (لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً).. *وأقول (لعله) لأني لا أذكر بالضبط… وهو بين يدي الحق الآن.. *وتذكرت حديثه هذا عن أخطاء السياسة (القاتلة) عند مشاهدتي برنامجاً تلفزيونياً.. *وكان عن أخطاء الطيران (القاتلة)… بقناة ناشيونال جيوغرافيك.. *وخطأ البارحة نجم عن إرهاق الطيار ومساعده… وتسبب في إزهاق أرواح.. *وعوامل كثيرة تؤدي لوقوع الكوارث… حسب محققي الطيران.. *ومنها الغرور… والضغوط… والإرهاق… والتهور… وقلة الخبرة… واللا مبالاة.. *وقالوا إن (الإدارة) تتحمل جانباً كبيراً من هذه الأخطاء.. *فواجبها أن تستبعد من لا يكون مؤتمناً على أرواح الركاب جراء أحد هذه العوامل.. *والآن أنظر إلى ما يحدث عندنا من كوارث… في زماننا هذا.. *سواء في مجال السياسة… أو الاقتصاد… أو الخدمات.. *وأغلبها بسبب تساهل (الإدارة) في اختيار من توكل إليهم مهام مصيرية.. *فكان أن أزهقوا أرواح مشاريع… ومقدرات… و(بشر).. *وكلٌّ منهم ينطبق عليه أحد العوامل التي أشار إليها محققو كوارث الطيران.. *أو ربما اجتمع أكثر من عامل في مسؤول واحد.. *فالمتسببون – مثلاً – في الحدث الذي أدى لاحتلال حلايب كانوا متهورين… قطعاً.. *وقد ذكرهم لي الراحل الترابي بالاسم… واستثنى الرئيس.. *ومن تسببوا في تغيير عملتنا – وانهيارها من بعد – كانوا مغرورين… جزماً.. *وتبعهم بغرور من أفقدوا المواطنين الثقة في البنوك الآن.. *ومن تسببوا في كارثة انهيار تعليمنا – بشقيه – كانوا قليلي الخبرة… طبعاً.. *وما زال الانهيار جارياً إلى يومنا هذا.. *ومن تسببوا في تحطم ناقلنا الجوي – وضياع خط هيثرو – كانوا أغبياء… حتماً.. *وتفرق دم هذا الجرم بين مجهولين… ربما تعلمهم (الإدارة).. *وبعد قرابة ثلاثين عاماً من التجريب ما زلنا نختار المغرور… والمتهور… والبليد.. *والترابي كان يرتجف خوفاً من القتل… أو الإسهام فيه.. *هكذا قالها (الإسهام)… ولكن فات على أن أسأله عن شيء ذي صلة بالمفردة..