دقات الساعة تشير إلى الثامنة والنصف صباحاً.. كنا حينها ندلف إلى دائرة تدريب الكلاب الشرطية بالخرطوم وثمة حركة دؤوبة تملأ المكان وقد تهيأوا لاستقبال من علموا بمجيئهم فيما استقبلتنا الكلاب بطريقتها الخاصة من الهياج وتعالي أصوات النباح وهي تتشبث بالأبواب تارة والقفز تارة أخرى داخل أقفاصها وعلمنا حينها أن سبب هياجها أنها اشتمت روائح زائرين غريبة عنها وغير مألوفة لديها، في حظيرة الكلاب الشرطية عوالم مختلفة لم نألفها ولم نتوقع وجودها فهي سلالات ولديها مستويات ذكاء متباينة، في صغرها وشبابها حتى كهولتها، في أعمار محددة تكون خلال فترة حياتها قد قامت بأعمال جليلة في مجال كشف الجريمة حسب تخصصاتها في التعرف على المخدرات أو تعقب الأثر، أو إخراج المجرمين في طابور الاستعراض، كان الانبهار والدهشة حالنا أثناء تجوالنا في الساحة ونحن نتابع المدربين وننبهر أكثر بطاعة الكلاب العمياء لهم وهي تتلقى حافز النشاط في شكل كرة أو عظمة، ترتبط بمدربيها حتى تصل سنا لابد فيها من التخلص منها وإبادتها بالموت الرحيم. حكى رائد شرطة محمد عبدالرحمن إبراهيم مدير دائرة تدريب الكلاب الشرطية أن الوحدة تم إنشاؤها على يد الرئيس الأسبق إسماعيل الأزهري في العام (1967م) وأسسها اللواء لويس بعدد (7) كلاب أحضرت كهدية من جمهورية مصر العربية وكانت تسمى آنذاك(سلاح الكلاب) وفيما بعد أصبحت تتبع لكلية علوم الشرطة ومن ثم المباحث الجنائية وآلت أخيراً للأدلة الجنائية، وهناك مذاهب سارت على نهجها دائرة تدريب الكلاب الشرطية كالمذاهب المصرية، الألمانية، السويدية، والمغربية وآخرها جنوب أفريقيا في العام 2012م.
الكلاب الشرطية لها سلالات ولكل منها خواص ومواصفات معينة كالذكاء والتركيز والشجاعة وتقبلها للتدريب وتتم مخاطبة الكلاب عبر المدربين عن طريق لغة الإشارة لأنها تعطي قوة للكلب وبذلك يتقبل مدربه ويعمل على أساسها ولها أسماء تعرف بها كما توجد ملفات وسجلات للكلاب الشرطية تحدد هويتها إذا كانت من داخل السودان أو خارجه ومتى تم استجلابها ومن أي بلد كذلك تضم تاريخ ميلادها وأسماءها وأسماء آبائها وامهاتها وفصيلتها ولونها ورقم الحظيرة بالإضافة إلى أنها تحمل جوازات سفر. ولا يمكن لأي كلب أن يكون كلبا شرطيا فهناك سلالات معينة كالكلاب الألمانية أو البلجيكية لها خواص معينة كالذكاء والتركيز والشجاعة وتقبلها للتدريب ومن أهم أساسيات تدريب الكلاب هي طاعة المدرب ويتعرف المدرب أثناء استعراض الكلاب لجريمة معينة على مرتكبها من خلال العض أو الخربشة .
ويفضل تدريب الكلاب أو الاستعراض في أجواء باردة للعمل بصورة جيدة والعكس يقل أداؤها كلما ارتفعت درجة الحرارة وقد تم استعراض لفقرات تفتيش المتفجرات والمخدرات وأخيرا فقرة الطاعة والهدف منها (عمل كنترول) ويتم تحفيز الكلاب لأداء عملها بصورة جيدة. من اهم العقبات والتحديات التي تواجه الدائرة هي دعم (وجبات طعام الكلاب) والتي يتم استجلابها من خارج السودان لأنها مكلفة وباهظة الثمن حيث قدرت تكلفتها في العام السابق ب(13) مليار جنيه ومن أفضل الوجبات حسب الموسوعة البريطانية هي الوجبات الجافة. وتضم دائرة التدريب الإدارة الفنية فرع (التدريب) لتدريب الكلاب والمعلمين والمشرفين في التخصصات المختلفة كالأسلحة والذخائر والمخدرات وتتبع الأثر وطابور الشخصية، وهناك شعبة التوليد والمتابعة، والرعاية وتضم (التغذية وعلاجها والوقاية) بالإضافة لشعبة تتبع الأثر روائح الإنسان (العرق) تتبع آثار الجناة في مسرح الحادث التي تتعلق بالسرقات والقتل مضيفا أن المدة الزمنية التي تأخذها الكلاب للتعرف على الأثر لا يمكن تحديدها فهي في الأصل مخلفات إنسان ولكن كلما كان عرض الكلب لتتبع الأثر في فترة زمنية أسرع يوم أو اثنين أو ثلاثة يكون أفضل لأن الحرارة تبخر الرائحة وأيضا الهواء يساعد في جرف الرائحة كذلك يساهم الغبار في تلوث الرائحة للآثار المتواجدة في الزلط ولكن أنجح أعمال الكلاب في تتبع الأثر تكون في الولايات لقلة عدد السكان او بالقرب من البحر. يوجد في كل محلية كلب تتبع الأثر يعمل في مسرح الحادث على سبيل المثال لا الحصر في بورتسوداندنقلاالجنينة مروي وسنار الفاشرحلفا تعمل في مختلف التخصصات ونوه إلى أن ولاية كسلا لم يتم استلام أي كلاب وذلك بسبب صيانة الحظائر وتوجد كلاب في السجن الاتحادي بكوبر وكلاب المطار كوجود شخصية مهمة لتفتيش المطار بالإضافة لعملها في كشف المخدرات (القنب الهندي أو الهيروين ، الكوكايين) وغيرها وأخرى لكشف المتفجرات كانقعاد محكمة مهمة لتفتيش قاعة جلسة المحاكمة. بالإضافة لشعبة الاستعراض (كلاب الاستعراض). موضحا بأن هناك دائرة تعمل كمدرسة للكلاب الشرطية وبعض التخصصات بالمتفجرات وأخرى للمخدرات، هناك الجناح البيطري للكلاب ويتم تطعيمها سنويا من مرض الساق والأمراض الفيروسية الأربعة وتتم مكافحة الطفليات (الداخلية والخارجية) والفيروسات كل (3) أشهر. وأشار لأنه لابد من المتابعة الصحية والدورية لحظائر الكلاب حيث يأتي الطبيب إلى عمله صباحا ويقوم بالمرور على الحظائر ما بين (2-3) مرات يوميا ومن خلال مشاهدته وملاحظته للكلب من المآكل والمشرب والبراز وعدم الحركة او من طريقة وقوفه وحالته النفسية يتعرف الطبيب ما إذا كان مريضا أم لا وفي حال مرض الكلب يتم أخذه الى الجناح البيطري وأخذ عينات منه ويتم تشخيص المرض ومن ثم علاجه ومن المهم جدا وجود مدرب الكلب لكي يتمكن الطبيب من ممارسة عمله وذلك لكيفية تعامل المدرب مع الكلب والطاعة وعمل كنترول. وبسؤاله عن الضوابط مع ازدياد استجلاب الأثرياء للكلاب الشرطية في الآونة الأخيرة قال ان مهمتهم في دائرة تدريب الكلاب هي التدريب فقط وليس من اختصاصهم وإنما مسئولية وزارة الثروة الحيوانية وإن استجلاب أي كلب لدائرة التدريب لا يتم إلا بموافقة الثروة الحيوانية، كما يوجد حوض به محلول من الجماكسين يتم وضع الكلاب داخله لإزالة أي فيروسات أو غيرها مم جلدها وقال إن الكلاب تصل اعمارها إلى (11) عاما فيما يقل اداؤها في سن (8) اعوام وإذا تقدمت سن الكلاب العمرية لسن معينة واصبحت غير قادرة على العمل في هذه الحالة يجب إبادتها بالموت الرحيم عن طريق حقنها بمخدر. تقرير : ابتسام خالد