أجرته: آمال الفحل تصوير: متوكل البجاوي في الحوار الذي أجرته معه (الإنتباهة) كشف رئيس فرع الشؤون القانونية بالإدارة العامة للأدلة الجنائية، سيد عبد الله أحمد حمدي، عن حجم التطور الكبير الذي شهدته وسائل كشف الجريمة، وقال العقيد سيد عبد اللّه أحمد إن حوالى «870» قضية معقدة قد تم حسمُها عن طريق البصمة الوراثية (D.N.A) مشيراً في هذا الصدد إلى تطور أدوات الجريمة وأساليبها. وأكد أن التطور يواكب تطور الجريمة نفسها وأحياناً يسبقها، وتحدَّث بالتفصيل عن أكبر وأبشع الجرائم التي حدثت داخل وخارج الخرطوم. ويقول اللواء إن درء الجريمة مكلِّف جداً لكن تقدم الخدمات بلا مقابل.. وشرح التداخل في بعض القضايا والتقنيات الحديثة ما بين التشريع والقانون، وقال في هذا الحوار إن نسبة القضايا التي تم فحصها ووردت من ولاية الخرطوم خلال النصف السنوي للعام «2012م» «93%» وفيما يلي نص الحوار:- أولاً: نريد تعريفًا للأدلة الجنائية؟ هي الحقائق أو المؤشرات التي نتحصل عليها بتحديد الخواص العامة أو الخاصة لأثر مادي تخلّف عن جريمة. نسبة الجرائم في الخرطوم كيف تصفها؟ نسبة الجرائم في الخرطوم عالية جداً مقارنة بالولايات، والقضايا التي تم فحصها ووردت من الخرطوم من المختبرات الجنائية نسبتها «93%» للنصف السنوي لعام «2012م»، أما عام «2011م» فوردت من المختبرات الجنائية المركزية «7937» قضية، أما الولايات فبلغت «510» قضايا، أما عن مسرح الحادث في «2011م» في ولاية الخرطوم «2847» قضية، والولايات «13» حالة، هذا بالنسبة لإدارة مسرح الحادث في المركز. بهذا التعريف الذي ذكرته ماذا حققت هذه الإدارة في مجالها؟ مجهودات الإدارة العامة للأدلة الجنائية تبدأ من زيارة مسرح الحوادث بواسطة دائرة مسرح الجريمة، حيث يتم استنطاق مسرح الحادث بناءً على الآثار المادية الموجودة فيه وتوجيه سير التحري نسبة لذلك وتحديد الأسلوب الإجرامي الذي ارتُكبت به الجريمة وتحديد الدافع لارتكاب الجريمة وتحديد المسؤولية الجنائية.. مثلاً هل كان الجاني في حالة دفاع شرعي أم لا؟ كذلك هل كان الحادث عرضًا أم إهمالاً أم متعمدًا؟، كذلك تحقيق علاقة الشبه بين الفعل والسلوك الإجرامي، والنتيجة لهذا العقل والسلوك بالتكامل مع الطبيب الشرعي، لذلك يتم رفع الآثار المادية وتحديدها وحفظها بطريقة صحيحة للاستفادة منها فيما بعد لمقارنتها مع الآثار المادية للمتهمين أو المشتبه بهم. كذلك بدائرتنا المختبرات الجنائية وتحقيق الشخصية حيث يتم إجراء الفحوصات والتحليل للآثار والعينات أو معروضات القضايا بغرض الوصول إلى هُويتها أو خواصّها العامة أو الذاتية حسب الاختصاص، فقضايا الكيمياء الجنائية والأسلحة والآثار الميكانيكية والتزوير والتزييف والفحوصات الفيزيائية يتم فحصها بإدارة المختبرات الجنائية، أما قضايا البصمة فيتم فحصها بإدارة تحقيق الشخصية كذلك لدينا الكلاب الشرطية وهي ذات أغراض متعددة حيث يُستفاد منها في تتبع الآثار والكشف عن المخدرات والمتفجِّرات والأسلحة. نريد أن نقف على الخطوات الاحترازية لمنع الجريمة؟ توجد إدارة للمعلومات والتسجيل الجنائي حيث يوجد سجل لمعتادي الإجرام حتى لو غيّر المعتاد مكان إجرامه سوف تكون جرائمه السابقة موجودة في السجل وتستفيد أقسام الشرطة والإدارات الأخرى المختصة من ذلك بوضع المعتاد في رقابة الشرطة وأخذ التعهد له، وهي من الإجراءات الشرطية لمنع الجريمة، كذلك يُستفاد منها في التقرير العقابي بواسطة المحاكم، كذلك من مجهوداتنا في مجال منع الجريمة كشف المتفجرات بواسطة الكلاب الشرطية، وكذلك لدينا أجهزة للكشف قبل حدوث الانفجار، ونقوم بتأمين المؤتمرات والاحتفالات واللقاءات المهمة ونقوم أيضاً بإعطاء طالبي الوظائف شهادة حسن السير والسلوك حتى لا يتم تعيين معتادي الإجرام لارتكاب الجرائم من خلال وظائفهم، فهذه هي مجهوداتنا في مجال منع الجريمة. كيف يتم الكشف عن الجرائم؟ تلعب المعامل الجنائية دوراً كبيراً في كشف الجرائم ابتداءً من مسرح الحادث فلدينا دائرة متى ما طُلب منها تأتي لتزور أماكن مسرح الحادث المختلفة واستنطاق مسرح الحادث وقراءته بناءً على الآثار الموجودة فيه، بعد ذلك إذا وُجدت آثار تتبع بواسطة الكلب الشرطي، ويمكن التوصل إلى كشفها ورفع الآثار المادية وتحريزها وحفظها وتسليمها إلى المتحري للاستفادة منها فيما بعد متى ما تم القبض على المشتبه فيهم أو المتهمين، فإذا تم القبض على المتهمين نأتي إلى المختبرات الجنائية أو تحقيق الشخصية، فإذا وُجدت متعلقات سوف يتم طابور الكلب البوليسي للتعرف على الشخص صاحب المتعلقات أو الشخص الذي لمس المتعلقات، فالمختبرات الجنائية تتكون من إدارات مختلفة وعملها كشفي يعني كشف الجريمة يتم بمضاهاة الأثر الموجود في مكان الحادث مع آثار المشتبه فيهم فتتم المضاهاة والمقارنة، فإذا حدث تماثل تكون قاطعة، فإذا حدث تشابه تحتاج إلى بينات ثانية. يتطور العالم كثيراً في آليات كشف الجرائم وتتحدث عن نمطية وإرث هل استفدتم من هذا التطور؟ نعم، مثلاً: البصمات الوراثية نستفيد منها في النسب وتم كشفها مؤخراً، وأول قضية تم التعامل بالبصمات الوراثية فيها قبل أربعة أعوام، وبالنسبة للنسب فإذا جاءنا شخص ويريد أن ينفي نسبه نحن لا نعمل له ذلك، فمجمع الفقه في السعودية بيَّن أنه توجد أدلة يمكن الرجوع إليها وهي الإقرار والشهادة، فنحن عملنا فقط في هذا الجانب هو إثبات البنوّة فإذا وجد تنازُع في ولد معين يتم إجراء الفحوصات لنثبت نسب هذا الولد. هذه قضايا شائكة ربما تتعلق بالشريعة كيف تتعاملون معها؟ هذا لا نعمل به وليس من المفروض أن يطلبوا منا أن نحقق في النسب، لأن آخر ما ورد في الشريعة اللعان بالنسبة للزوجين، وتوجد الشهادة والإقرار، فإذا وُلد الجنين وحدث نفي نسب هذا لا نهتم به لأن نفي النسب معروف في الشريعة الإسلامية إنه بالإقرار أو الشهادة، لكن إذا وُجد تنازع نحن نهتم لكي نثبت نسب هذا الولد، فهذه قضايا عملنا بها كثيراً جداً، فمثلاً إذا حدث تبديل للأولاد مثلما حدث ذلك في قضية الحصاحيصا المشهورة فهذه أثبتناها بالفصائل، فالفصائل تنفي لكن لا تثبت، فإذا لم تثبت الفصائل يمكننا أن نعمل ب (D.N.A)هذا بالنسبة للتنازُع. ما هي أكبر وأبشع الجرائم التي تم اكتشافها في العام «2012م» داخل وخارج الخرطوم؟ من أكبر وأبشع الجرائم التي تم اكتشافها خارج الخرطوم عام «2012م» هي جريمة صائغ المجوهرات الذهبية بولاية نهر النيل الذي تم قتله وحرقه، أما في الخرطوم فحادثة الكلاكلة «الرجل الذي قام بقتل زوج خطيبته السابقة وابنها الصغير وإصابة الأم بأذى جسيم». أصبحت الجريمة تأخذ أبعاداً جديدة في تطورها كيف تتعاملون مع ذلك ومن يسبق الآخر؟ هناك تطور في كشف الجريمة، وتم إدخال أجهزة دقيقة، مثلاً في الكيمياء الجنائية تم إدخال أجهزة لفحص الكيمياء، وحدث تطور في (D.N.A) وحدث كذلك تطور في البصمة عن طريق الحاسوب، ففي الماضي كان الفحص يدويًا لتحقيق الشخصية، لكن الآن أصبح آليًا عن طريق أجهزة الحاسوب، فأدخلوا قاعدة بيانات عبر برنامج (office) وتم إدخال البصمة عن طريق الحاسوب ويمكن البحث في الشخص المعني وما هي سوابقه. ربما تعتبر البصمة الوراثية من أبرز التطور العلمي في هذا المجال.. إلى أي مدى تتعاملون معها؟ لا توجد تشريعات (D.N.A) «البصمة الوراثية» لكن حجية القرينة بقدر دلالتها على إثبات الواقع.. يعني القرينة حجتها بقدر دلالتها على إثبات الواقع.. يعني هذه قاعدة عامة.. لكن لا توجد تشريعات خاصة ل (D.N.A). التزوير من أكثر الجرائم انتشاراً، هل هناك تأهيل بما يناسب حجم الجريمة؟ نعم لدينا خبراء التزوير والتزييف بالإدارة وبعضهم لديهم خبرة طويلة بل البعض منهم ترقى إلى رتبة لواء، أما بالنسبة لقصّاص الأثر فهذا يكون في الأقسام، أما الآثار عندنا فتتم عن طريق الكلاب الشرطية، وعن طريق الكلاب نحن نتتبع آثار المتهمين، أما قصاصو الأثر فيكونون في الأقسام، فالآن الآثار بعدما كنا نتابعها بقصاصي الأثر أصبحت بواسطة الكلاب الشرطية فهذا تطور كبير جداً. في تقديرك ما هي أكثر الجرائم حداثة؟ أكثر الجرائم الجديدة هي جرائم الحاسوب وهي الجرائم الإلكترونية.. توجد اختراقات لمواقع إلكترونية وتم كشفها وحُوِّلت الآن للمحكمة وآخرها موقع وزارة الداخلية.. ونحن لدينا معهد علوم الأدلة الجنائية، وحسب الهيكلة فإنه يوجد تنسيق بينه وبين الإدارة العامة للأدلة الجنائية، وتوجد دورات للمحامين والسلطة القضائية والنائب العام وأي جهات ذات صلة، وهذه الدورات تُعقد في معهد علوم الأدلة الجنائية وتشارك فيها الأدلة الجنائية وتوجد دورات تدريبية للمحامين. تحديداً هل هي بمقابل أم مجاناً؟ هذه المعلومات تقوم بلا مقابل، فهذه الدورات يقيمها المعهد وتنشر الثقافة القانونية عن طريق المحاضرات والزيارات، وتوجد زيارات من جهات متعددة مثلاً من كليات القانون ومعهد الإصلاح القانوني وأي جهة تريد الزيارة تخاطب الإدارة وتتم الموافقة على الزيارة.. فأي معلومة نعطيها من غير مقابل. تحدثت عن التطور التقني هل يشمل ذلك تدريب الكلاب الشرطية وهل ارتقت إلى مستوى أساليب الجريمة؟ يوجد تطور جديد وتم استجلاب كلاب شرطية جديدة من ألمانيا، والكلاب لها أغراض معينة، فتوجد كلاب للسلاح، وكلاب للمخدرات والآثار، كذلك توجد كلاب للاستعراض، وأي كلب له أغراض معينة يمكن الاستفادة منها. هل توجد مراكز تدريب بالسودان للكلاب؟ يوجد الآن تطور وتبادل للخبرات، وتوجد كذلك دورات تدريبية خارج السودان، والآن في السودان لدينا مركز يسمى «اياكو» لتدريب الكلاب الشرطية تأتي إليه دول شرق ووسط إفريقيا لكي يتدربوا في هذا المركز. فنحن الآن أصبحنا لدينا مركز للتدريب.. والكلاب سلالات متعددة، فنحن نجلب سلالات من ألمانيا بها كلاب ذات سلالات عالية، والكلب يعمل دائماً بحاسة الشم القوية التي عنده، فحاسة الشم تختلف من كلب إلى كلب. كم عدد القضايا التي تم حسمها عن طريق البصمة الوراثية؟ توجد قضايا كثيرة حُسمت عن طريق البصمة الوراثية، فالبصمة الوراثية بدأ العمل بها عام «2008م» وتم حسم «82» قضية، أما في عام «2009م» فحسمت «174» قضية وعام «2010م» حسمت «177» قضية وعام «2011م» حسمت «262» قضية وحتى الآن في عام «2012م» حسمت «175» قضية يعني عدد القضايا حتى الآن «870» قضية وكل عينة تكلفتها عالية تبلغ «350» جنيهًا هذا قبل ارتفاع الدولار، فالخدمات التي تقدمها الإدارة العامة للأدلة الجنائية خدمات مجانية. البصمة الوراثية هل هي بينة أم قرينة؟ البصمة الوراثية من القرائن القاطعة ولا توجد بصمتان متطابقتان إلا بصمة التوائم المتماثلة من بويضة واحدة حدثت بعد الإخصاب، فالبويضة عندما تنقسم بعد الإخصاب يحدث تماثل ل (D.N.A) هذا بالنسبة للتوائم فإذا كان التوأم ليس من بويضة واحدة يكون (D.N.A) فيه اختلاف. هل تعني بذلك أن البصمة قرينة؟ القرينة هي بينة من البينات لكنها كذلك قرينة من القرائن وهي بينة قاطعة لو استوفت شروطها. قد يسأل البعض عن ما هية البصمة الوراثية وتفاصيلها؟ دائماً تظهر في الآثار الحيوية مثل الدم، المني، واللعاب والآثار التي تحتوي على الخلية الحية وتؤخذ من الدم، وأكثر البصمات التي نعمل بها في المعمل الجنائي هي بصمة الأصابع والبصمة الوراثية. هل ينحصر هذا التطور المتمثل في مركز الأدلة الجنائية في العاصمة فقط أم يشمل الولايات؟ توجد فروع في السودان وفي بورتسودان وتوجد أيضاً في ولاية شمال كردفان «الأبيض» وولاية جنوب كردفان «كادقلي» وولاية النيل الأبيض «كوستي» هذه هي الولايات، ويوجد لنا نظير في الدول، أما الإدارة العامة للأدلة الجنائية في الخرطوم فهي المركز لكل الولايات، ويمكن أن تأتي عينات من بعض الولايات ليتم فحصها في المركز. هل تعامل البصمة مثل «الفيش» خاصة في الجرائم الكبيرة مثل اختطاف الطائرات وتوثيق عتاد المجرمين؟ لدينا إدارة المعلومات والتسجيل الجنائي وهي تسجيل المحتالين، وسوف يكون فيها بصمة الأصابع والبصمة الوراثية، وهي عينات تؤخذ من المحتالين، ولكي تكون هناك قاعدة بيانات للمحتالين في الشرع للبصمة الوراثية. هل تشمل البصمة الوراثية توثيق المسؤولين كذلك؟ هذا ليس من اختصاصنا، فهذه من المفترض أن تكون في الإدارة العامة للسجل المدني، فنحن عملنا يرتبط بالإجرام والمحتالين وتكوين قاعدة بيانات لهم.. فنحن دائماً عملنا عمل جنائي. أما بالنسبة لبصمة الأصابع والبصمة الوراثية لكل شخص فهذه من المفروض أن تكون في الإدارة العامة للسجل المدني، فالإدارة العامة للأدلة الجنائية تحقق في تنازع البنوة، فمثلاً إذا حدث تنازع بين أسرتين في ولد فنحن نعمل بالفصائل، فالفصائل تنفي لكن لا تثبت.. فإذا الفصائل لم تثبت نلجأ إلى موضوع (D.N.A).. أما النسب فله قواعد معينة إما بالشهادة أو الإقرار، وفي حالة نفي النسب بالنسبة للزوجين يمكن بعد ذلك اللجوء إلى اللعان بين الزوجين.