كون السلطات تتعامل بعسف وقمع مفرط مع المتظاهرين السلميين أو تطلق الرصاص على صدورهم العارية ، أو تصوب على أجسادهم النحيلة طلقات بنادق (الخرطوش) التي تتناثر شظاياها المعروفة وسط الثوار ب(حبات السكسك) في محاولة لاختراق صمودهم ، ولكنهم لا يأبهون بها ولا بأصوات القنابل الصوتية التي يضحكون عند سماعها بدلاً من أن تدخل في قلوبهم الرعب والرهبة. بالأمس كنت في منطقة على مقربة من الموكب وبحكم المهنة، بحسب صحيفة الجريدة، رصدت الأحداث في ذلك المكان الذي يقع بالقرب من موقف (شروني) ، بدأ المشهد الدرامي بالانتشار الواسع لقوات الشرطة والقوات المشتركة جنوب (شروني) وكانت مدججة بكل أدوات قمع التظاهر التي درجت السلطات على استخدامها (بنادق خرطوش – رصاص مطاطي – عربات مياه ملوثة- قاذفات قنابل صوتية – قنابل غاز مسيل للدموع – أسلاك شائكة). نصبت القوات الاسلاك الشائكة على امتداد الطريق جنوب (شروني) لتواجه موكب الثوار القادم من محطة (باشدار) وبحكم الجاهزية والاستعداد المبكر للقوات وفي المقابل الشباب اليافعين أصحاب الاجسام النحيلة الذي يلجأون الى الحجارة حال الضغط عليهم توقعت أن لا يبلغ موكب الأمس مداه أو يصل (شروني) ناهيك عن (المريديان) ، ولكن كانت المفاجأة أن الشباب ضغطوا على العساكر حتى تراجعوا ليسيطروا على (شروني) بعد عمليات كر وفر فيما جنحت مجموعات منهم لقيادة معارك جانبية مع العسكر في منطقة ابراج النيلين حتى تستطيع المجموعة الرئيسية التقدم وبالفعل استطاعت الوصول حتى (المريديان) فيما وصلت مجموعة أخرى شمال مسجد الخرطوم الكبير متوجهة نحو القصر. تجاوز الموكب الرئيس المكان الذي كنت متواجداً فيه وكانت عمليات الكر والفر لا تمكن من تغطية كل المساحة إكتفيت بما شاهدت وبدأت رحلة العودة وفي طريقي استوقفني منظراً غريباً لم أعهده من قبل فلقد شاهدت أحد أفراد الشرطة يحمل (كيساً) ويقوم ب(تلقيط) فارغ قنابل الغاز (البمبان)، سألت أحد المارة عن السبب فقال لي ربما لا تريد القوات أن تترك أثراً ولكن لم اقتنع وسألت أحد الناشطين فقال لي الفارغ (ألمونيوم) و(كيلو الألمونيوم) يباع في السوق بحوالي 700 جنيه، وبالتالي هذه الظاهرة منتشرة وسط افراد الشرطة فهم يجمعون فارغ (البمبان) للاسترزاق أيضاً ..هكذا هو حال بلادي ولا حول ولا قوة إلا بالله.