كلما واجه السودان عسف القرارات الصادرة من الاممالمتحدة ومجلس الامن على وجه التحديد، كانت علاقة الخرطوموبكين على طاولة التشخيص والفحص، هل بين البلدين علاقة ترقى الى ان توصف بأنها استراتيجية؟ ام انها فعلا استراتيجية؟ ولكن من طرف واحد هو السودان باعتباره اكثر حاجة الى سند الصين والى(فيتوه) الذي ما زالت بكين تضن به كلما أحيل الى مجلس الامن أمرا يخص دارفور او يتعلق بالحكومة السودانية وهي تكافح الحركات المسلحة المدللة من المجتمع الدولي. لست ادري ما الذي جعل مسؤولا حكوميا رفيعا يشير الى ان الصين ستستخدم حق النقض في مجلس الامن لوقف اجراءات المذكرة التي رفعها اوكامبو الى قضاة المحكمة الجنائية الدولية يطلب فيها توقيف الرئيس البشير؟ ربما يكون قد تلقى وعودا من رصفائه الصينيين بأن بلادهم ستفعل ذلك، وربما كانت تصريحاته من منتجات حسن الظن، او هي من باب تقديراته وقراءاته السياسية ومؤدى اجتهاده. غير ان كل هذه العوامل مجتمعة قد تعجز عن الاجابة على سؤال يفرض نفسه ويظل معلقا في الهواء يحتاج الى اجابة صينية، لماذا امتنعت الصين منذ الوهلة الاولى عن الاعتراض على القرار «1593» الذي قضى باحالة القضية الى المحكمة الجنائية الدولية؟، كان بمقدور الصين ان تكافح الحريق وهو في بداياته، وان ترتق الفتق قبل ان يتسع بفعل الولاياتالمتحدةالامريكية وفرنسا وبريطانيا واوكامبو. فهل تستطيع الصين ان تخرج(الفيتو) بعد ان لاح في الافق ان نتائج كارثية ستترتب على تقاعسها عن استخدامه ضد القرار «1593»؟ البعض يقول ان الصين ستفعل ذلك لأنها ستصوت داخل مجلس الامن وهي متحللة من الضغوط التي كانت تمارس عليها باستخدام ورقة الاولمبياد..ولكن من يضمن الا ترمي الولاياتالمتحدة بأوراق ضغط اخرى في وجه الصين؟ ربما لم تندم الصين طوال تاريخها السياسي على عدم استخدام حق النقض داخل مجلس الامن (الصين من اقل اعضاء مجلس الامن استخداما له)، ولكن قد يلاحقها هذا الشعور ان هي تراخت عن استخدامه في حق السودان الذي وفر لها منفذا اقتصاديا مهما في افريقيا، كما اتاح لها حلا جزئيا لمشكلة الايدي الصينية الباحثة عن عمل، وفوق ذلك شكّل موطيء قدم راسخ للتنين الاصفر في افريقيا