الخرطوم: ماجدة حسن «الكبسة السودانية» لا تشبه الكبسة السعودية، فبينما الأخيرة وجبة شهيرة تتكون من اللحم والارز، فإن الكبسة السودانية حالة مرضية وعرة تتطلب علاجاً لا يصفه الطبيب. وحالة «الكبسة» في المجتمعات السودانية، ترجع جذورها إلى المعتقدات والتراث والفولكلور عند بعض القبائل.. وهي حالة يصاب بها المرء في حالات الختان والزواج والوضوع.. وجميعها ترتبط بعدم الالتزام بطقوس «الجرتق» خصوصاً لمن إعتادوه وتعرف الحالة أيضاً «بالمشاهرة»، وربما أكثر الحالات شيوعاً في المجتمعات السودانية زواج الأختين، أو الأخويين، ومن يتأخر منهما في الانجاب يقال إنه «كبس»، واحياناً تعترى إحدى الزوجتين حالة مرضية آنية، يلجأ الأهل لعلاجها أو حل المشكلة بمعاونة أهل الخبرة من النساء لفك الكبسة. والخوف من حدوث «الكبسة» هو الذي أدى إلى تقليد زيارة النيل والاغتسال بمائه في الليلة التي يظهر فيها القمر.. وهو كذلك الذي أدى إلى التحصين بالقلادات الذهبية وخصوصاً خاتم الجنيه وهناك من يضع باذنجان تحت السرير، أو مرود نحاس.. ويقال أيضاً من الاشياء التي تؤدي إلى الكبسة زيارة من وضعت عقب القدوم من «بيت البكاء»، ويؤيد ابراهيم البزعي الباحث في التراث السوداني ما يحدث في المجتمعات السودانية، وان أكد انها اشياء لا علاقة لها بالعلم إنما هي أشياء طقوسية مكتسبة خوفاً على الصحة، تحصن بها المجتمعات نفسها.. وأوضح البزعي ان «الكبسة» أو المشاهرة إعتقاد وحالة خفية، متعلقة بالطقوس والقدسيات التي «تفك» العوارض.. أما ضرورة التحصين بخاتم الجنيه، فهو يراها نظرية لكف العين.. حيث الغرض منه لفت النظر.. «حتى تقع العين فيهو».. أو كما قال البزعي لتصيب العين صورة الملك جورج «النصراني».. ويؤكد علماء النفس أن الاعتقادات والطقوس الفولكورية لا زالت سائدة في المجتمعات السودانية، والمشاهرة من الاعتقادات المتوارثة من الاجداد، ومهما وصل التعليم وتفتحت العقول فإن تلك العادات لا زالت تورث إلى يومنا هذا!!