الحزب حزبٌ والدولةُ دولة، ولا يلتقى الحزب والدولة إنْ كانَ الحزب حاكماً إلا فى سوابق نادرة، أبرزها الآن المؤتمر الوطنى! فى حالاتٍ مرصودة ضُبِطَ حزب المؤتمر الوطنى مرتدياً زى الدولة الرسمى، وهو ضبطٌ يضايق المنتمون إليه والمتعاطفون معه... فالحزب الذى ينال ثقة ناخبيه ويضع أقدامه على بلاط الحُكم يصبح دولةً للجميع بعد أنْ كان حزباً لأعضائه! ضُبِطَ مسئول مكتب المؤتمر الوطنى بمصر مُتلبّساً بتصريحٍ جهير بأنّ المؤتمر الوطنى يقف مع المرشّح محمد مرسى فى إنتخابات الرئاسة فى جولتها الثانية، ما يعنى أنّ المؤتمر الوطنى ضد احمد شفيق، تصريحٌ يتجاوز الأعراف السياسية وطبيعة العلاقات السودانية المصرية، وهو تصريح يكلف السودان فواتير واجبة السداد ليس فى حالة فوز شفيق فقط بل ايضاً فى حالة فوز مرسى! كان افتتاح فرع للمؤتمر الوطنى بمصر فى عهد الرئيس حسنى مبارك مثار جدل، فهى بدعة حزبية لا يوجد ما يقابلها حتّى فى دول الاتحاد الاوروبى، مع انّ البرلمان الاوروبى يتغذّى من الأحزاب فى مختلف دول الاتحاد، حتى قيل وقتها انّ فرعاً للمؤتمر الوطنى بالقاهرة يمنح الحزب الوطنى بمصر حق افتتاح فرع له بالخرطوم! سارت أمور مكتب المؤتمر الوطنى بالقاهرة فى أيّام حسنى مبارك بتلك الخيوط الدقيقة، ولم يتعرّض المكتب لهزّة أرضيّة بتفاعلات الثورة المصريّة مع انّ هذه الثورة لم تسلم منها السفارة الاسرائيلية ولا السفارة السعودية! يهم الحادبون على سلامة العلاقات السودانيّة المصرية صدور بيان توضيحى بأنّه لا المؤتمر الوطنى ولا الحكومة السودانية يقفان مع أحد المرشحين فى الجولة الثانية مثلما كان موقفهما فى الجولة الأولى... فعلاقة السودان بمصر فوق الاحزاب وفوق الجماعات ولن ياتى ذلك اليوم الذى نشهد فيه توأمة بين حزبٍ هنا وحزبٍ هناك! لو كنت عضواً بالمؤتمر الوطنى فى أىٍ من مستوياته كنت سأطلب سحب مسئول المؤتمر الوطنى بمكتب القاهرة جزاءً وفاقاً لتصريحه، فليس معنى أنّ مصر تشهد هزّات أرضية أنْ يضيف السودان للهزّة ريختراً، أو أطالب بنقل المكتب ومسئوله من القاهرة إلى حلايب!!