بعض مُتعلقاتنا أحياناً يكون لها القدرة على ملازمتنا بما يفوق عمرها الافتراضي، وهذا ليس دليلا على جودة صناعتها فقط، فقد يكون دليلاً على قدرتها فى صرف نظرنا عن بديلها، وهى قدرة لا تتوافرُ لكثيرٍ من الزوجات! لى (ضفّارة) اشتريتها قبل ثلاثة وعشرين عاماً بقروش معدنيّة من على رصيفٍ بأحد شوارع وسط القاهرة، كان ذلك بعد أسابيع من مجئ الإنقاذ، وتعيش معي هذه الضفارة حتى هذه اللحظة... فى كل هذا الزمن تقوم بوظيفتها الأولى وهى تقليم الأظافر، وتزيد على ذلك وظائف ثانويّة فهى قطّاعة للخيوط وفتّاحة للعلب وخرّامة للورق! تقوم (ضفّارتي) بكل هذه الوظائف طوال هذه المدّة، فصارت واحدة من لوازم حقيبتي فى السفر... سافرت معي داخل السودان فى اتجاهاته الأربعة، وخارج السودان إلى قاراتٍ أربع! قبل سنواتٍ خمس بحثت عنها فى مكانها الذي تسكن فيه فلم أعثر عليها... نبّشت بين الأرفف والمكتبة والمَسْمَعة والمُستودعة، فتشّت عنها بين الاسطوانات وبعثرت لها الأوراق فلم أجدها... كنت على يقين انّها لم تخرج عن مداراتي، حتى عثرت عليها فى مكانٍ اخترع نفسه! قبل أعوام أربعة نسيت وضعها فى حقيبة السفر فأدخلتها فى آخر اللحظات فى جيبي، وفى مطار الخرطوم رَصَدَتها عين كاميرا تلتقط الحيازات المعدنيّة، فصادرها منّي القائمون على الأمر بالمطار باعتبارها قطعة سلاح أبيض، ناقشوني فحكيت لهم حكايتها فوعدوني بتسليمها لمن أبعث به بالإنابة... وبعد سفري جاءهم مندوبٌ عنّي لاستلام (الضفّارة) ولمّا عدت إلى السودان سلّمني إيّاها فعادت إلى دورتها الحياتيّة معي! فى آخر سفرياتي كانت (الضفّارة) فى الحقيبة ولمّا وصلت المطار المقصود لم أعثر على حقيبتي... أبلغت المسئولين، وشرعت بعد أيام فى شراء مُتعلقات بديلة كانت بالحقيبة بما فى ذلك (ضفّارة) جديدة... وبعد عودتي إلى السودان أُخبرت بأنّ حقيبتي الضائعة قبل شهرين ستعود إلىّ، وبعد أيّام عادت الحقيبة فعادت لي (الضقّارة)! لسببٍ يعلمه الله وحده لم يحتفل الإنقاذيّون بذكرى الإنقاذ الثالثة والعشرين، أمّا العبد لله فيحتفل هذه الأيّام احتفالين، احتفالٌ بعودة (الضفّارة) وآخرٌ بذكراها الثالثة والعشرين!!