أخي وصديقي الأعز الأستاذ عثمان عمر الشريف ... كنت أراه منذ سنوات طويلة صاحب نظرة بعيدة وخيال واسع ... وفكر عميق .ولكن منذ أن تولى وزارة التجارة بعد غيبة طويلة من جهاد النفس ... أصدر قرارات متناقضة ... أولاً أوقف إستيراد المستعملة للسودان ... والتي هى عبارة عن إسبيرات تم فكها من سيارات أصيبت إصابة بالغة فى حوادث المرور بالدول العربية ... وخاصة السودان ، بمعنى أنها من سيارات جديدة ، تصل السودان وتباع بأسعار مناسبة لا علاقة لها بأسعار الجديدة .والقرار الآخر ... إصداره لقرار يسمح بإدخال السيارات المستعملة إلى السودان ، بعد أن كان هناك قرار يمنع دخولها .هذا قرار غير موفق ... لكن السيد رئيس الجمهورية أصدر قراراً ألغى بموجبه قرار وزير التجارة الذى لم يكن موفقاً فيه .ما كنت أخشاه ... أن تفشل قرارات بعض الوزراء أصحاب الإختصاص أن يصدروا قرارات يمكن أن تكون إختراقاً للإجراءات الإقتصادية الصارمة التي إتخذتها الدولة لإصلاح الإقتصاد السوداني.وعثمان عمر عرف طوال حياته بإتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب ، لكن لا أدري ما الذى أصابه .إن إيقاف دخول السيارات القديمة ... مع الضيق الشديد الذي تعانيه شوارع الخرطوم التى إمتلأت بالسيارات القادمة من خارج السودان .... القديمة التى لا يزيد سعرها عن الألف دولار لتباع بخمسين مليون جنيه ... خلاف السيارات الحديثة والتي بلغت أسعارها مئات الملايين ...، دائماً عندما يزور السودان أجانب خاصة من أهل الصحافة العربية ... يندهشون عندما يرون السيارات الفارهة من أحدث الموديلات تجري فى شوارع الخرطوم التي عرفوها بأنها مدينة فقيرة .ويجب على كافة الأجهزة ... وخاصة قيادات الدولة ان تكون بالمرصاد لأى قرار يصدر من أية جهة كانت يمكن أن يحدث إختراقاً للقرارات الإقتصادية ... أو يقلل من فعاليتها ... وخاصة أن حظر دخول السيارات المستعملة صدر من مجلس الوزراء وليس من صلاحيات الوزيرإلغاء ذلك القرار .كنت أود أن يعرف صديقنا عثمان عمر عدد السيارات المستعملة التي تقف فى معظم سوح العاصمة ... وكم بلغ سعرها ... وهل تركت أثراً على أصحاب الدخل المحدود ... خاصة أن السيارة الآن أصبحت ضرورية وضرورة ملحة لكل الأسر وليست ترفاً كما كان ينظر إليها .أيضاً وبالتأكيد يعرف الوزير كم تبلغ إحتياجات السيارة الشهرية من بنزين وزيت وصيانة ... إنها أقرب لمصروف البيت الشهري ... كما أن معظم الموظفين الذين إشتروا هذه السيارات المستعملة ، لم يستطيعوا الإيفاء بدفع الأقساط الشهرية ... فتعود هذه السيارات إلى البنوك الضامنة مرة أخرى ... ويضيع كل المال الذي دفعه المواطن الذى اشترى السيارة بضمان بنكي .لقد جاء قرار الرئيس فى مكانه ... ومع توقيته السليم .ويجب أن يكون فى كل وزارة مستشار اقتصادي يساعد الوزير فى إتخاذ القرار المناسب وفى الوقت المناسب .أعرف أن عثمان عمر يريد الإنحياز للجماهير ليتمكن كل مواطن من اقتناء سيارة له ولأسرته .