النجل الأكبر للراحل جون قرنق دي مبيور الزعيم التاريخي للحركة الشعبية كسر الصمت السياسي لأسرة جون قرنق أمس وخرج عبر صحيفة (ماكلاتشي) الأمريكية ليعلن على الملأ معارضته لحكومة الجنوب، ويصف من يتولون السلطة هناك بأنهم زعماء عصابات وأنهم قادوا انقلاباً بعد وفاة والده. لهجة مبيور الذي التقته الصحيفة بالعاصمة الكينية نيروبي تشير إلى الجفوة المتطاولة بين أسرة قرنق والقيادة الحاكمة في حكومة الجنوب.. صمت أسرة قرنق خلال الفترة الماضية ظَلّ لغزاً مُحيِّراً للمتابعين الذين يرون أن نصيب أسرة ملهم الحركة ومؤسسها ورمزها من الاهتمام لا يتناسب مع نضال وإسهام القائد الراحل في تأسيس دولة الجنوب. ربما أدت الطريقة الغامضة التي مضى بها جون قرنق إثر تحطم طائرة أقلته من يوغندا فى العام 2005م إلى توتر العلاقة بين الأسرة وقيادات نافذة بالحركة وهو الأمر الذي عبّرت عنه ربيكا قرنق أرملة الراحل في هجومها وانتقاداتها المتكررة لحكومة الجنوب. ربيكا قرنق وزيرة النقل والطرق السابقة تحدثت كثيراً عن التحديات التي تواجه حكومة دولة الجنوب وانتقدت الطريقة التي تعاملت بها جوبا مع عائدات النفط وقالت كان يمكن لها أن تنجز أكثر مما أنجزته ودعت لمحاربة الفساد وتطبيق قانون المحاسبة. أخطر ما قالته ربيكا آنذاك إن الشمال قدم الكثير من أجل تطوير الجنوب، كما أنه عمل على المساواة بين الشماليين والجنوبيين وقالت هذا ما دفع الجنوبيين الموجودين بالشمال لرفض خيار العودة للجنوب. توقيت إعلان مبيورمعارضة حكومة جوبا لم يأت اعتباطاً، فالتقارير السالبة التي رشحت عن منظمات الأممالمتحدة عن الأوضاع في الجنوب خلال المرحلة الماضية شكّلت صورة ذهنية سالبة عن الطريقة التي تدير بها الحركة الشعبية الأوضاع هناك. التقارير الأممية فى الآونة الأخيرة تحدثت عن تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية في الجنوب وذهبت إلى أكثر من ذلك وهي تتحدّث عن مُمارسات الجيش الشعبي وحالات السلب والاغتصاب. وليس بعيداً كذلك الإشارة إلى هروب مستشار أممي من الجنوب عقب كشفه لقوائم فساد لمجموعة من قيادات حكومة الجنوب والحركة الشعبية، وما أحدثه هذا الكشف من خلل كبير في العلاقة بين حكومة جوبا والمجتمع الدولي. من الواضح جداً أن خروج مبيور لإعلان معارضته على الملأ يستصحب كذلك رؤية وحدوية عبّر عنها حينما قال إن قيادات الجنوب ذهبوا عكس ما كان يرغب قرنق وما كان يقول.. الأخطر فى تصريحات مبيور قوله إن حكومة الجنوب تحاول تخويفه في صمت بعد ملاحظات انتقد فيها جوبا على صفحته في (فيسبوك).. مبيور مضى إلى أخطر من ذلك وهو يؤكد أنه نجا من محاولة اغتيال في العام 2008م. رببما أراد مبيور أن يعبر عن قلقه تجاه سلامته الشخصية وهو ما قاله بالفعل ولكن توقيت الحديث وطريقته يشيران إلى أن رمالاً بدأت في التحرك تحت حكومة الجنوب وقد زحفت هذه المرة من عرين (الأسد) وأرملته الجريحة ربيكا قرنق.