معاناة طويلة وتعقيدات كثيرة يتعرض لها السودانيون الراغبون في السفر إلى ليبيا أمام أبواب وشبابيك السفارة الليبية بالخرطوم ، بعض هذه المشكلات بدأت منذ لحظة التفكير في السفر وتتواصل المهزلة والوقوف في طوابير طويلة أمام السفارة للحصول على التأشيرة ، حتى اللحظة التي يقرر فيها حرس السفارة تنفيذ عملية طرد المواطنين بقوة ، فبعد أن كانت الأمور بالسفارة تسير على ما يرام منذ أربع سنوات مضت ، والحصول على تأشيرة الدخول إلى ليبيا لا يستغرق ثلاثة أيام ، اختلت الموازين واختلفت الأوضاع وأصبحت التأشيرة إلى ليبيا من المستحيلات يتحكم فيها السماسرة وأصحاب مكاتب السفر الوهمية الذين يستغلون الوضع السئ الذي تمر به السفارة ويستولون على أموال المواطنين مقابل تأشيرة مزورة أحيانا وحقيقية أحيانا أخرى لكنها مرتفعة التكاليف . من المعروف أن لكل سفارة موظفين يقومون بعملية التسجيل ومنح التأشيرة للمسافرين ، لكن ما يحدث في السفارة الليبية بالخرطوم لا يصدق ، فالذين يقفون على عملية تسجيل أسماء المسافرين عبارة عن سواقين لا علاقة لهم بموظفي القنصلية ، أما التأشيرة يقوم بها موظف واحد وهو القنصل ، مع النظر إلى أن عدد المسافرين إلى ليبيا يفوق (2000) مواطن سوداني ، والسفارة تعمل يومين فقط خلال الأسبوع ، حيث تبدأ فترة العمل بها التاسعة صباحاً وتوصد أبوابها في وجوههم قبل الحادية عشرة صباحا تتركهم في حيرة من أمرهم وأسئلة كثيره تدور بمخيلتهم تأتي الإجابة عليها أحيانا من حرس السفارة بأن الزحمة سبب تأخير التأشيرة .. ولكن ما الذي خلق الزحمة ؟. المشكلة التي يواجهها السودانيون أكبر من ذلك ، فبعد أن كان الدخول لليبيا عبر الباب الآن أصبح بالشباك ، هؤلاء المواطنون يعاملون أسوأ معاملة من قبل العساكر السودانيين بالسفارة ، ويفتقدون للأسلوب الحضاري ومظلة وكراسي للإستراحة كما هو متوفر في العديد من السفارات ، ووقع بعضهم صيدا سهلا في شبكة مافيا من السماسرة السودانيين ، المهزلة الحقيقية والاستهتار بالمواطن السوداني فاق الحدود ، المأساة حسب حديث المسافرين لليبيا ل(حضرة المسئول ) تتمثل في تعثر إجراءات السفر عن قصد ، سجل البعض أسماءهم بالسفارة قبل شهر رمضان الماضي وحتى اليوم لم يستلموا التأشيرة ، ولا الرقم الآلي الذي يصل من وزارة الخارجية الليبية ، وفي حال وصول الرقم الآلي لا تمنح السفارة بالسودان المواطنين فرصة مراجعة أرقامهم ، بالتالي تضيع عليهم فرصة السفر خاصة ان فترة صلاحية الرقم الآلي ثلاثة شهور اذا انقضت يسقط اسم المسافر من الكشوفات ، ليبدأ الاجراءات من أول جديد ويبدأ معه نزيف الأموال ، واكثرهم لا يجد فرصة التسجيل قرابة التسعة أشهر بسبب الزحمة رغم ذلك يأتون ليقفوا في الطابور لكن دون جدوى ، حال المواطن السوداني الراغب السفر لليبيا يغني عن السؤال . المسافرون إلى ليبيا شباب ونساء ورجال كبار في السن ، أسباب مختلفة اجبرتهم لتحمل المعاملة السيئة والمماطلة في الإجراءات بالسفارة ، منهم الباحث عن فرصة عمل ، وآخر يريد اللحاق بأسرته ، وبعضهم ترك ماله وفر هاربا بسبب المعارك في ليبيا ويريد العوده مجددا ، وهناك عدد منهم دفعوا مبالغ للحصول على زيارة وتزامن حصولهم على الزيارة مع الأحداث في ليبيا علما أن الزيارة بمبلغ 3500 جنيه ، حاليا أمورهم معلقة حيث أنهم لم يحصلوا على تأشيرة سفر ويبكون على أموالهم التي ضاعت سدا، ما زاد الطين بلة أن السفارة باتت غير ملتزمة بالضوابط القنصلية حيث ألزم القنصل كل الراغبين في السفر بإجراء الفحوصات الطبية المطلوبة في معامل (الترالاب ) ، وهذه المعامل اسعارها مرتفعة تفوق ال(355) جنيها ، في وقت الجميع أجرى فيه الفحوصات الطبية في معامل أخرى بسعر خمسين جنيها فقط ، وهم لا يملكون المبالغ الكافية لإعادة الفحص ، يرى المسافرون أن طلب إعادة الفحوصات الطبية في ذلك المعمل تحديدا أمر مستفزا ومحطم لإحلامهم ، ويزيد من تعقيد سفرهم ، ما يؤرقهم أكثر أن السفارة حجزت جوازاتهم ولا نية لها في تسهيل عملية تسجيل الأسماء ، وكشف البعض وجود مافيا سودانيين يؤشرون للبعض من داخل البيوت بمبلغ (1500) جنيه في وقت لا يتعدى سعر التأشيرة من السفارة مبلغ ال (93) جنيهاً ، وأضافوا أن الموظفين السودانيين الموجودين داخل السفارة يقفون عقبة في طريق المسافرين ولهم الفضل في إيجاد أساليب غير أخلاقية لم تكن موجودة سابقا بالسفارة ك(السمسرة والرشاوى ) فالسفر إلى ليبيا في الوقت الراهن إما بواسطة أو سوق أسود ،بالواضح الصريح .. هناك فوضى وتلاعب وعمل غير رسمي في التسجيل ومنح التأشيرة ، وذلك النظام الساري في السفارة لا شك أن تغيره سيخل بمصالح (ناس ) يعملون فيها. ذلك الوضع المأساوي جعل البعض يفكر في السفر إلى ليبيا عن طريق البر ، وهدد آخرون بالاعتصام أمام مبنى السفارة إذا لم تحسم تلك الفوضى ، ويناشدون الجهات المسؤولة ووزارتي الخارجية بالدولتين اتخاذ إجراء بإيقاف السفر إلى ليبيا بدلا عن الذلة التي يتعرض لها السودانيون ، و(حضرة المسئول ) تتساءل .. السفر إلى ليبيا مشكلة قنصل أم سفارة ؟!