في أول اجتماعات اللجنة التحضيرية لانعقاد المؤتمر العام للحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل طردت مساعدة الامين العام للتنظيم اشراقة محمود ممثل الحزب من ولاية القضارف من اجتماع اللجنة التحضيرية ، تلك الحادثة مثلت أول مسمار في نعش الممارسة التي ينشدها الحزب في ديمقراطية التنظيم وحكم المؤسسة ، اختصرت الحادثة ايضا مشقة المتلهفين لحزب تحكمه المبادئ والقناعات والمؤسسات لا المواقف الشخصية ، ليس ذلك فحسب مصادر بالحزب الاتحادي فإن امانة الحزب العامة بولاية القضارف قد قامت بإرسال خطاب رسمي يطالب بتوضيح الحادثة التي بحساب الواقع أنها الغت مشاركة ولاية كاملة في التحضير للمؤتمر العام للحزب ، وطالب الخطاب ايضا برد حقوق الحزب المنتقصة في حضور هذا الاجتماع المهم لممثله المفوض بحضوره إلا أن الرد على ذلك الخطاب لم يصل وربما لم تقرأه قيادة الحزب. الخروج من باب الدخول : قبل أن يجف المداد الذي مهرت به مجموعة الاصلاح المنشقة عن الاتحادي الديمقراطي الاصل بقيادة القيادي البارز أحمد علي ابوبكر والدكتور الباقر أحمد عبد الله خرج الأخير متأبطا استقالة لم تنفع معها الرجاءات بعد ان تيقن ووصل الى قناعة ان الممارسة الحزبية والالتزام بمقررات ومبادئ التنظيم مجرد شعارات لا تتحقق في الحزب الذي انضم اليه مؤخرا ، الباقر أوجز تجربته داخل ردهات الاتحادي المسجل بغير المجدية أو تلك التي يرجو من ورائها المنتمي تحقق الاهداف ، وزاد أن هنالك شبه طمس للتاريخ الذي حمل الاتحادي المسجل على ظهر مبادرة الراحل الشريف زين العابدين الهندي ، الباقر لم يكن وحده فبعده بأيام قليلات ترجل ابن رفاعة معاوية إبراهيم حمد القيادي البارز بالحزب واحد رجال الشريف الاوفياء والمساهم الكبير في المبادرة عبر أدائه للمؤتمر العام للحزب الذي انعقد قبل عقد من الزمان ، القيادات التي ترحل من احزابها رغم انتمائها التاريخي يجد لها المراقب العذر في عدم قدرتها على التواصل في حزب لا يحمل هوية الأحزاب والمنظومات السياسية. الأداء الضعيف : العملية التنظيمية داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل أصبحت خاضعة لمعايير لا تمت الى أهدافه ومقاصده بصلة ، تلك الحالة من الاضطراب اجهزت على تماسكه ، في القضارف أدى تفجر الاوضاع الى آخرها الى انسلاخ العشرات من صفوف الحزب بالولاية وفي جنوب كردفان أغلق الحزب بالضبة والمفتاح وخرج منسوبوه الى الشارع العام يبحثون عن الحزب بعد ان فقده اعضاءه وهم داخل فنائه وداره ، الحزب الاتحادي رغم مشاركته منذ آجال طويلة إلا ان تلك المشاركة لم تحقق غاياتها في البرنامج الوطني الذي وقع عليه الحزب ملتزما وملزما شريكه المؤتمر الوطني ، المشاركة في السلطة التي كانت تتضاءل مع بزوغ كل فجر الى الأدنى وانحصرت في تجربتها هذه الاخيرة على نفر قليل لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة بل تجاوزتها الى القبول على مبدأ الصديق والقريب والاخ شوهت منظر الحزب واقعدت أداءه ، الاجيال التي تذوق بعضها زمنا من ممارسة الاتحادي الديمقراطي قبل ان يتشقق لن يطيب لها مقاما في ظل هذه الاوضاع ، فالصوت والكلمة داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل اصبح رهينا بالانتماء الى الافراد والشلليات وليس الى المؤسسة. دقيس آخر الخارجين : لا يلوح في الافق ابدا عقار أمثل لجرح الاتحادي المسجل الذي ينزف بعضويته كل يوم ، الاستقالات التي كانت تقتصر على اعضاء الحزب ورؤسائه في المحليات والقرى تعدتها الآن الى منسوبي الحزب في الجهاز التنفيذي والحكومة ، وذلك تطور نوعي ومفصلي ربما يفضي بالحزب الى الفراغ الكبير ومن ثم الفناء ، استقالة القيادي الابرز واحد حكماء الحزب الذين عاصروا اجيال الاستقلال ومهروا نضالاتهم في الحزب بالإخلاص والوفاء لمبادئ الاتحادي هاهم يتسللون ، الزعيم ورئيس الحزب الاتحادي بالفاو وعضو البرلمان عن دائرة الفاو الخامسة محمد يوسف دقيس يغادر بعد ان اعياه المسير في دروب الى اللا شئ ، دقيس الذي تقدم باستقالته في الامس القريب لن يحتمل رؤية اعضاء حزبه ودائرته يبحثون عن الخدمات بينما ينتفع قادة الحزب في مقاعدهم الوثيرة التي يتنقلون منها بإرادتهم لا بإرادة الجماهير ، في الفاو هنالك الكثير من المناشط التي تقدم بها دقيس لأهل منطقته إلا ان تلك الطلبات لم تلتفت لها قيادة الحزب المشغولة يبدو بقضايا اخرى ليس من بينها قضية الحزب ، دقيس قبل ان يغادر استسمح الجميع ان يستريح قليلا لأنه قدم في هذا الحزب وعمل مع الشريف حسين الهندي ومع الشريف زين العابدين الهندي ومع احمد فاضل سعد والمرحوم بابكر عوض السيد ذلك الجيل من الآباء الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل الحزب الاتحادي الديمقراطي. حزبنا لوحدنا : الواقع الآن داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل لا يفسره إلا حديث واحد صحيح ان قيادة الحزب الموجودة في دكته والمشاركة في الحكومة والمتمتعة بالمناصب قد وصلت الى قناعات انه لا احد اجدر منها او اقدر منها للبقاء في هذه الكراسي، بل انها وصلت الى مرحلة طاغوتية استسهلت فيها عوامل الجماهير التي تحرك وتصنع التغيير ، فباتت لا ترى غير اجندتها ولا تأتمر الا بأمر نفسها وتستخدم الحزب كلافتة فقط تجلس خلفها وتتأكد بلا مواربة أو وجل انها محمية من جهات تريد استمرار هذا الواقع الشاخص وان دفعت من ورائه ثمنا للممارسة السياسية والأداء الوطني المطلوب ، ويدخل الآن الحزب بسبب هذه السياسات الى منعرج خطير حيث اصبح لا يحرك ساكنا امام الهجرات التي قصمت ظهره وتسربت من بين ثنايا جداره الكثير من القيادات صاحبة الكسب التاريخي ليس اقلها زعيم الاتحاديين وكبيرهم محمد يوسف دقيس وخيرة القيادات من أمثال مولانا خضر فضل الله الذي حاول جاهدا ان يستطعم هذا الوضع لكنه عجز إلا ان يغادر مستقيلا وبلا رجعة ، ليصبح الحزب الاتحادي الديمقراطي بأيدي عصبة قليلة صنعت منه دمية تحركها متى اردات وشاءت ، وبات الآن مشروع البحث عن الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل هو الشغل الشاغل لجماهيره.