حتى نهاية يوم حادث اليرموك لم تطلب الخارجية السودانية اجتماعاً للجامعة العربية ولو على مستوى المندوبين والذين هم سفراء يقيمون في القاهرة حيث المقر. والإعلاميون الذين سعوا لإفادات من الجامعة سمعوا من قيادات فيها انهم لم يتوافروا على إفادات رسمية من السودان تؤكد اتهامه لاسرائيل. وان الجامعة لا تأخذ مواقف الدول من أجهزة الإعلام. نحن في حاجة لمراجعات مهمة ليس فقط لوسائل وفاعلية عملنا الخارجي بل لترتيب أولويات العمل الخارجي، فلسطين قضية عربية وإسلامية وأحق بها أولاً الدول العربية والإسلامية وهي مفتاحها وليس ايران وقصف اليرموك ليس لأنه ينتج سلاحاً لإيران أو لحماس واسرائيل ضربت من قبل شاحنات وسيارات على الطريق الذي يمكن أن ينقل سلاحاً لغزة أو لحماس أو حزب الله علينا أن نفكر أن أهداف اسرائيل يمكن أن تكون في تخريب علاقات السودان العربية وخاصة مع الخليج والسعودية. ايران تبني علاقات إستراتيجية وعسكرية وتجارية مع جنوب السودان وسيكون الجنوب أرضاً استثمارية لها ومن وسائل تأمينها أن يكون السودان ضعيفاً وخائفاً يتحكم في قراره الجنوب أيهما أهم للسودان اليوم علاقات قوية بالخليج ومصر. والعالم العربي أم علاقات مع ايران وهل سيفيدنا أن نستقبل سفناً ايرانية نتقوى بها في وجه اسرائيل أم علاقات خارجية مرتبة؟ ايران أهدتنا من قبل سجاداً ايرانياً وسفناً من التفاح ذلك عندما كان السودان يحتاج القمح والوقود. اسرائيل ترى في السودان عمقاً عربياً وقد كان السودان كذلك. ومن الشرف للسودان أن يكون عمقاً عربياً تستهدفه اسرائيل. فعداوة ايران لاسرائيل موقف قوي مشرف ولكنه لا يقوم على قواعد ورؤية شاملة يمكن الاتفاق معها في كل تفاصيلها. كلامي هذا خطأ فيه صواب وصواب يحتمل الخطأ ولكنه خطوة لنقول من خلالها إننا نحتاج لمراجعات وتفكير جديد بعيداً عن ضغط الهجوم الاسرائيلي وضغط العلاقات الايرانية والتفكير العاجل في ظل الضربة والسفن الإيرانية التي زارتنا كله سيكون تفكيراً مختلاً. فالتفكير السليم هو وضع أهداف السودان مع مصالح السودان ونسج الخيوط الموصلة لتحقيق أهدافنا، ولا أرى أن ضربة نووية لاسرائيل من ايران ممكنة أو مفيدة، كما لا أرى أنّ صواريخ تطلق من غزة تجاه اسرائيل قد يكون لها هدف ونتيجة، ونحن علينا ألا نراهن على غير الممكن.