تترقب موريتانيا اليوم السبت عودة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد رحلة علاج امتدت شهرا في باريس بعد تعرضه للاصابة برصاصة طائشة ، ثار حولها جدل كثيف في موريتانيا ، استبق الرئيس العودة بالظهور امام وسائل الاعلام الفرنسية برفقة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ليؤكد لانصاره وخصومه على السواء أنه بصحة جيدة تمكنه من ادارة شئون البلاد. وكانت احزاب المعارضة الموريتانية طالبته بالتنحي بعد ان طالت فترة علاجه بفرنسا بحجة ان الحالة الصحية للرئيس لم تعد تمكنه من القيام بمهامه ، الرئيس سعى كذلك الى تهدئة الاجواء قبيل العودة من خلال نفيه مجددا وجود مخطط للاطاحة به ، وقال في مقابلة حصرية مع قناة (فرانس 24) إنه سيعود إلى نواكشوط اليوم السبت لاستئناف عمله رئيسا للدولة بعد غياب امتد لأكثر من شهر، و كشفت إذاعة فرنسا الدولية أن الرئيس الموريتاني كان يقضي فترة نقاهة في باريس في مكان سري بعد أن غادر مستشفى «بيرسي» حيث خضع لعلاج من الاصابة التي تعرض لها. ويرى مراقبون ان الرواية الرسمية الموريتانية للحادث اسهمت في اثارة الشكوك وفتحت الباب واسعا للتكهنات ، فبعد ساعات من اصابة الرئيس ولد عبد العزيز منتصف اكتوبر الماضي بطلق ناري من احد جنوده عن طريق الخطأ بالقرب من العاصمة نواكشوط خرجت الاجهزة الرسمية لتعلن ان الحادث كان طفيفا ونجمت عنه جروح خفيفة وظهر الرئيس على شاشات التلفزة مطمئنا الشعب الموريتاني قبل السفر الى باريس الذي قيل حينها انه لن يطول وهو لاستكمال العلاج الذي ابتدره الرئيس في نواكشوط، ولكن ايام العلاج في باريس طالت حتى وصلت الى شهر كامل ومعها طالت التساؤلات والتكهنات حول طبيعة الاصابة ، وعندما طالبت المعارضة الموريتانية الكشف عن حقيقة الوضع الصحي للرئيس، داعية إلى ابتعاد الجيش عن الحياة السياسية العامة،ردت عليها السلطات الموريتانية أن «صحة الرئيس بخير وأنه سيعود إلى موريتانيا في أقرب الآجال»، دون تقديم أي توضيح عن حالة الرئيس الصحية. وانشغل الشارع الموريتاني بالتسريبات التي تناقلتها وسائل الإعلام العربية بأن قيادة الجيش الموريتاني تلقت تقريرا سريا مفصلا عن حالة الرئيس الصحية وشرعت بعدها في اتخاذ عدد من التدابير التنظيمية داخل الجيش. وذكرت صحف عربية أن قائد الأركان محمد ولد الغزواني ترأس قبل أيام اجتماعا لكبار قادة الجيش ناقش خلاله أحدث التقارير الطبية عن صحة الرئيس واحتمال عجزه، وبالتالي قرر اتخاذ الإجراءات الضامنة لعدم وجود فراغ في السلطة، في حالة عجز الرئيس. ويرى مراقبون ان استباق الرئيس العودة بالظهور الاعلامي في فرنسا جاء للرد على المعارضة ودعوة رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض في موريتانيا محمد ولد مولود للبحث عن حل بعد عجز الرئيس عن أداء مهامه بسبب مرضه ، وقال « إن عجز الرئيس عن تأدية مهامه يعرض البلد للعديد من المخاطر الجسيمة التي تتطلب من جميع الفاعلين السياسيين في البلد التحرك لإنقاذه بشكل سريع «.وأضاف ولد مولود - الذي كان يتحدث مساء يوم الاثنين الماضي أمام مهرجان شعبي نظمه حزبه بمقاطعة عرفات بالعاصمة نواكشوط ، أي قبل ظهور الرئيس بيوم واحد فقط « إن من أبرز المخاطر التي تهدد موريتانيا بعد عجز الرئيس عن تأدية مهامه هي فقدان الأمن ، وتعطل المؤسسات الدستورية ، وتوقف الإدارة عن عملها بسبب الإهمال والتفريط .» وتابع قائلا « إن غياب رأس الدولة وعدم قدرة الحكومة الحالية على إدارة البلد تبرر الإسراع في الإعداد لمرحلة انتقالية في موريتانيا تجنب البلد مخاطر الانزلاق، وتقود الأطراف السياسية إلى اتفاق شامل ينهي الأزمة الحالية في البلاد «. كما أكد جميل ولد منصور رئيس حزب تواصل الموريتاني المعارض أن موريتانيا تعيش فراغا دستوريا في ظل الأوضاع الصحية التي يعيشها الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، مضيفا أن من شروط الإمامة صحة العقل والبدن ، والبلد لن يبقى رهينة في يد عاجز.وأكد ولد منصور خلال مهرجان شعبي لحزبه في نواكشوط تحت عنوان « من أجل الوطن» رفض تواصل لأي تهديد لأمن الوطن ورفضه للحرب على الجارة مالي . مشيرا في نفس الوقت تأييد الحزب للحوار بين أطراف الأزمة المالية.وأوضح أن مصلحة الوطن فوق مصالح الأشخاص والهيئات وما دام الوطن يعيش فراغا دستوريا والرئيس عاجز عن القيام بمهامه فإن موقف تواصل سيبقى مؤيدا لوحدة منسقية المعارضة لأنها الأمل في خروج الوطن من أزمته. وعلى صعيد متصل طالب الزعيم المعارض صالح ولد حننا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بالاستقالة وترك الموريتانيين يحددون مستقبلهم بكل حرية، والتفرغ للعلاج الذي لا يزال يحتاجه كما تقول الصور الواردة من باريس.وقال صالح ولد حننا في تصريح صحفي إن استغلال ولد عبد العزيز من قبل الفرنسيين أمر مخجل وإن الموريتانيين كانوا يتمنون أن تكون الإطلالة من الداخل ومن وسائل الإعلام الموريتانية بدلا عن أن يظهر في وسائل الإعلام الفرنسية للحديث عن ملف خطير ومرفوض من كل الموريتانيين.وأضاف «إن الحكومة الموريتانية لا دور لها، وإن استغلاله من قبل السلطات الفرنسية يكشف مستوى ارتهانه للأجانب، وبعده عن المصلحة الوطنية».وفي خضم هذه التطورات أكد الحزب الموريتاني الحاكم أن الشعب سيحكم على أصحاب الأقاويل والترهات والأباطيل بما يستحقون.