يتهم الإمام الصادق المهدي بأنه يهرب على الدوام إلى (طريق ثالث) يتجنب به اتخاذ موقف محدد من خيارين . و إذا صح هذا الاتهام ، فليس صحيحاً أن الطريق الثالث خطأ مطلق . و إن كان لابد من طريق ثالث فإن الصادق المهدي هو أفضل من يرسم هذا الطريق بحكم تخصص الإمام . و قد وجد السيد الصادق بوصفه رئيس المنتدى العالمي للوسطية سانحة ذهبية في الأزمة المصرية فرسم طريقاً ثالثاً مناسباً للخروج من الأزمة ، و لا يقلل من مبادرة المهدي فتور القوى السياسية المصرية تجاهها ، فهو فتور متوقع من قوى تعتبر نفسها رائدة في المنطقة ، لكن يكفي الزعيم السوداني حضوره اللافت بطرح محترم يفترض أن يبعث الفخر عند بني وطنه . في توصيف دقيق و تشخيص موفق قال الإمام إن أسوأ ما يرمي به المؤيدون للإعلان الدستوري الطرف الآخر هو أنهم إنما يعملون على تعطيل مسيرة الوطن و إفشال حكم الذين انتخبهم الشعب .. و أسوأ ما يرمي به الرافضون للإعلان أصحابه هو أنهم إنما يبعثون الدكتاتورية . و لم يلجأ الأمام لطرح توفيقي ، فاستشهد بقول الإمام العز بن عبد السلام (إن أي موقف يحقق عكس مقاصده باطل) و هو استشهاد يوحي بخطأ الإعلان الدستوري مع الاحتفاظ للرئيس المصري بحسن القصد الذي لم يتحقق ، و ناشد المهدي الرئيس مرسي صراحة بإعادة النظر في الإعلان الدستوري لفتح الباب لحوار جاد يحقق التراضي الوطني .. يجئ طرح المهدي المنحاز للديمقراطية متسقاً مع موقف مبدئي منها في وطنه و خارجه . تكتسب مبادرة المهدي أهمية إضافية لصدورها من زعيم تيار سوداني متهم بمعاداة مصر ، و هو اتهام لا تسنده حجة ، و ينطلق فقط من موقف حزب الأمة التاريخي الرافض للإتحاد مع مصر . الموقف الذي لا يعني معاداة مصر مثلما لا يعني موقف الاتحاديين العمالة لمصر .. و لم يفت على المهدي المولع بالاستشهاد بكل مقال يناسب المقام أن يقول في حق مصر ما نالت مصر نعمة أو نقمة إلا وجدت لنا بذاك نصيبا. من أهم ما يميز السيد الصادق المهدي أنه لا يفقد البريق عندما يفارق السلطة . ويعزى ذلك لحضوره الدائم في المنتديات الفكرية مشاركاً بحصيلته الثرة ، ومشاركاته الداخلية والخارجية في ملتقيات ومهرجانات سياسية وثقافية وفنية ورياضية تعينه على ذلك معرفته الموسوعية .. كما يحمد له حضوره الاجتماعي مشاركاً بشخصه أو رسائله أو مندوبيه في مختلف المناسبات الاجتماعية ، فقد أوفى بجدارة مواصفات الزعامة ..