في حديث خص به (سياسة حرة) أكد محمد الخاتم علي مدير مكتب مساعد رئيس الجمهورية جعفر الصادق الميرغني وصول مساعد الرئيس للخرطوم في الأيام القليلة المقبلة .. و نفى بشدة ما تردد في مجالس المدينة عن استيائه من الأوضاع , و قفزه من قطار الحكومة . يعرف أن الإنسان ينفي عن نفسه أو عن موكله ما يشين أو يعيب , و عندما يكون النفي بشدة فهو تأكيد معزز على عدم صحة ما ألحق بصاحب النفي أو بموكله . فهل الاستياء من الأوضاع الحالية السيئة التي لا يختلف على سوئها إلا مكابر شئ يعيب السيد جعفر الصادق حتى يسارع مدير مكتبه إلى النفي الشديد ؟ كما جاء في التصريح الذي أوردته أمس الاول صحيفة الرأي العام في صفحة (سياسة حرة) . هو مثال للضرر الذي قد يلحقه شخص بصاحبه و هو يظن أنه ينفعه .. و إذا لم يكن ضرورياً لحسابات يعرفها السيد جعفر الصادق التأكيد على استيائه من الأوضاع , فمن الضروري جداً ألا ينفي ما قيل عن استيائه , و أن يدع الأمر بلا نفي و لا تأكيد . و عل التصريح غير الموفق الصادر عن مدير المكتب يتيح فرصة للسيد جعفر لتصريح و لو كان فضفاضاً (يبيض) به وجه حزبه , كأن يقول إنه قلق على الأوضاع التي تمر بها البلاد و أنه انطلاقاً من واجبه كمساعد لرئيس الجمهورية سوف ينقل إليه رؤية قد تعين على تجاوز هذه المرحلة الخطيرة . تصريح مدير مكتب مساعد الرئيس تعبير عن عدة أزمات أولها أزمة الكادر الحزبي الذي أصبح نادراً , و لا تجد القلة المؤهلة فرصة للصعود إلى مواقع مؤثرة احتكرها أصحاب الولاء الشخصي أو الأسري . و يعبر التصريح عن أزمة في التفكير المنهجي للحزب , فالمشاركة في السلطة ليست باطلاً مطلقاً بل قد تكون قراراً صحيحاً إذا أتخذ وفق رؤية واضحة يعرف الحزب كل أبعادها , لكن التصريح يكشف أن مشاركة الحزب تمت من أجل المشاركة لذاتها حتى أصبحت غاية يخشى ضياعها بثبوت استياء السيد جعفر من الأوضاع . صعد السيد جعفر إلى الموقع الرفيع برمزية معروفة , لكن الرمزية وحدها لن تجعل منه مساعداً ناجحاً خاصة في مثل هذه السن و قلة تجربته في ميدان السياسة الشائك , و بذلك هو أحوج ما يكون لمستشارين قريبين من ذوي الخبرة و الدراية , و ألا يتحدث باسمه من يوقعه في تبعات مثل هذا التصريح غير الموفق . عقلية واحدة قوامها المحافظة على الغنيمة , فيسارع الجميع لنفي ما قد يعرضهم لخطر الإبعاد عن القصر أو عن الجنينة .. هذا ينفي أي (اتهام) بعدم الرضا عن أداء الحكومة , و ذاك ينفي اتهامه بعدم الرضا عن طريقة إدارة الحزب .