ظللنا فى (الرأي العام) منذ مارس 2010م نتابع قضية اختطاف الباخرة (آيس بيرج (1) ) وطاقمها ال (22) بحاراً منهم (2) من البحارة السودانيين .. وقتها أكدت الأنباء أن الباخرة غرقت قبالة السواحل الصومالية .. وكانت (الرأي العام) أول صحيفة سودانية وعربية تؤكد أن الباخرة لم تغرق كما تناقلت الخبر وكالات الأنباء العالمية ، بل تعرضت للاختطاف من قبل القراصنة فى عرض البحر .. الإثنين الماضي نشرنا بعض التفاصيل عن تحرير الباخرة بواسطة قوة من حرس السواحل البورتلاندى .. وظللنا نتابع أخبار البحارين السودانيين بعد حبسهما لمدة ثلاثة سنوات .. الحمد لله تأكدت سلامتهما .. فجر الثلاثاء الماضي الساعة الثانية صباحاً كانت (الرأي العام) الجهة الإعلامية والرسمية الوحيدة التى استقبلتهما بمطار الخرطوم، ليحكيا لقراء الصحيفة تفاصيل غريبة لعملية اختطاف وتحرير الباخرة. في الحلقة الاولى استقبلت (الرأي العام) البحارين السودانيين (احمد الامين احمد كورهمي ) , مهندس ثالث , (وعبد المنعم عبد الحفيظ عبد الحليم ) ميكانيكي , اللذين اختطفا ضمن طاقم الباخرة (آيس بيرج (1), التي ترفع علم بنما ويمتلكها رجل اعمال اماراتي , يمني الاصل استقبلتهما بمطار الخرطوم فجر الثلاثاء قادمين بالإثيوبية من نيروبي ... وسردا تفاصيل عملية اختطاف الباخرة وإجبارها التوجه الى معقل القراصنة بمنطقة (قرعت ) بالسواحل الصومالية .. ومن خلال هذه الحلقة الثانية نستعرض التفاصيل الكاملة والدقيقة لما حدث للبحارة والباخرة اثناء فترة الاختطاف التي استمرت زهاء الثلاث سنوات. داخل عرين القراصنة وصلت الباخرة تحت تهديد سلاح القراصنة الصوماليين الى منطقة (قرعت) على السواحل الصومالية , والتي تعد (عرين) القراصنة , حيث يخفون فيها البواخر المختطفة .. بعدها مباشرة اتصل زعيم القراصنة بمالك الباخرة الاماراتي الجنسية اليمني الاصل , واخبروه ان باخرته(آيس بيرج (1)) تحت قبضتهم , ويطالبون لإطلاق سراحها مع الطاقم بفدية (6,6) ملايين دولار , وعرض عليهم مالك الباخرة (200) ألف دولار إلا انهم رفضوا , واخذوا يهددون ويتوعدون بقتل البحارة واحدا تلو الآخر , وحرق الباخرة , لكن المالك لم يذعن لتهديدهم .. بعد ايام امر القراصنة الطاقم بالتحرك , وحاولوا اختطاف باخرة من عرض البحر , لكن مرور بارجة حربية امريكية افشلت مخططهم , حيث اتصل قائد البارجة بالضابط الاول للباخرة (آيس) , وهو هندي الجنسية , وذكر لهم ان المركب مختطف من جانب القراصنة فاقتربت البارجة من المركب المختطف محاولين تفتيشها , غير ان القراصنة خدعوا قائد البارجة بان عددهم (50) قرصانا , وطلبوا منهم التراجع حتى لا يحدث اطلاق نيران فعادت البارجة الحربية الى عرض البحر , وامرنا القراصنة العودة الى عرينهم بمنطقة (قرعت) على السواحل الصومالية ... بعدها اتصلت بعض المنظمات الدولية محاولة اطلاق سراح الباخرة بطاقمها , لكن القراصنة , رفضوا إلا بعد دفع الفدية المطلوبة .. واخذوا يهددون باستئصال كلى البحارة وبيعها وبسبب ذلك التهديد اصيب ضابط ثالث يمني الجنسية بحالة هستيرية ونفسية وكان يختبئ في غرفته , وأخيرا لم يحتمل قسوة القراصنة وتهديدهم ,فانتحر بان القى نفسه في البحر , فقام القراصنة بانتشاله ميتا ووضعوه في ثلاجة الباخرة المخصصة للحوم والخضروات , وكانت فارغة وظلت جثته داخل الثلاجة (3) أشهر كاملة .. بعدها نفد وقود الباخرة , وتوقفت الثلاجة عن العمل فقذف القراصنة الجثة في عرض البحر . بعدها اتصلت منظمة (اوكتير) وأوضحت انها بصدد جمع اموال الفدية فأحس البحارة المختطفون ببصيص من الامل في الافراج عنهم , إلا ان المنظمة المذكورة لم تفعل , بل اتصلت وأوضحت انها سوف تجمع أموالا من السفارات لشراء الطعام للبحارة إلا ان القراصنة رفضوا عرضها . الاقلاع الى الهند بعد نفاد الوقود , قام القراصنة بشراء وقود من البر الصومالي , وأمرونا بالتحرك بالباخرة ناحية الهند لاصطياد مركب آخر والمطالبة بفدية لكنهم لم ينجحوا في اختطاف باخرة اخرى , حيث انها كانت تحت حراسة السفن الحربية , فعدنا الى السواحل الصومالية في رحلة استغرقت (17)يوما ... بعدها استمر تفاوض القراصنة مع مالك الباخرة , فقام برفع الفدية من (200)الف دولار الى (350)الفاً فرفضوا , بل قاموا ببيع الباخرة المختطفة لقراصنة آخرين بمبلغ (350)الف دولار. +علمنا ان حكومة ولاية (بورتلاند ) , شرق الصومال تفاوضت مع القراصنة ما صحة ذلك ؟ *اجل , طلبوا منهم الموافقة على الفدية البالغة (350) الف دولار , وحسب ما ذكره مالك السفينة , ولكن القراصنة رفضوا العرض .. كما تدخل شيخ قبلي صومالي كوسيط , وطلب منهم قبول مبلغ الفدية وإطلاق سراح البحارة المسلمين لكن القراصنة رفضوا وساطته 0 وحاولت قوة من القوات البورتلاندية اقتحام الباخرة , إلا انها فشلت .. بعدها تحرك القراصنة بالباخرة الى منطقة اخرى مجهولة آمنة خوفا من هجوم ثانٍ من قوة حكومة ولاية بورتلاند الصومالية , ولنقص الوقود لم يتمكنوا من الوصول لوجهتهم , فاتهموا البحارة بتخريب المركب , وإخفاء الوقود, وكعقاب , قاموا على مرأى من كل البحارة بقطع اذني الشيف انجينير (كبير المهندسين) وهو يمني الجنسية , ثم حبسوه داخل غرفة لوحده وكان ينزف بغزارة من اذنيه . كما قاموا بضرب المهندس الثاني ,وهو غاني الجنسية , كما ضربوا الضابط الثالث السوداني (احمد) ضربا مبرحا بخراطيش الكهرباء حتى تورم ظهره , ولا تزال آثار الضرب واضحة عليه. *سألت الضابط الثالث (احمد).. ماذا كنتم تأكلون طيلة فترة الاختطاف لثلاث سنوات ؟ *كان القراصنة يقدمون لنا في بداية الاختطاف وجبتين , واحدة في الصباح والأخرى مساء , وبعد فترة تقلصت الى وجبة واحدة فقط عند الظهر. *ما طبيعة الوجبتين ؟ _في الصباح كانوا يقدمون لنا شاياً وخبزاً وفي المساء الارز بدون لحم او اي شىء آخر. *هل كنتم تعانون من نقص مياه الشرب النقية ؟ _كانوا يقدمون لكل بحار لترا واحدا من المياه العذبة لمدة (4) ايام , وهي كمية قليلة لا تكفي ليوم واحد للبحار الواحد ولذلك كنا نقسمها الى (4)ايام بمعدل نصف كوب شاي في اليوم. *من أين كان يجلب القراصنة الطعام ؟ _يجلبه قائد القراصنة من منطقة (قرعت). *هل كان الدواء متوافراً بالباخرة في حالة مرض افراد الطاقم ؟ _كل الادوية المتوافرة عبارة عن مسكنات مثل (بروفين), و(برمستمول), هذه كل الادوية المتوافرة داخل الباخرة , والحمد لله لم يصب أحد من الطاقم بمرض يستدعي نقله للعلاج بالمستشفى , وهذا من فضل الله. تحرير الرهائن بعد مضي حوالي ثلاث سنوات بالباخرة بطاقمها أسرى تحت رحمة القراصنة الصوماليين , هاجمت فرقة عسكرية من الكوماندوز التابعين لحكومة ولاية بورتلاند الصومالية السفينة .. وهنا نترك الضابط الثالث (احمد الامين احمد كورهمي ) يحكي تفاصيل الهجوم على الباخرة , وكيفية تحرير البحارة . بتاريخ 10|12|2012 قامت قوة عسكرية يطلق عليها (بورتلاند مارين بوليس فورس) (PMPF) بالهجوم على الباخرة ، من كل الجبهات (بحري ، جوي ، أرضي) حيث كانت طائرة هيلوكبتر تحلق باستمرار فوق الباخرة ترصد مكان القراصنة داخلها ... كان عدد أفراد القوة العسكرية البورتلاندية حوالي (160) تحاصر الباخرة من البر بجانب (3) قوارب عسكرية سريعة مسلحة بها حوالي (16) جندياً بجانب عدد من القناصة المسلحين بالرشاشات الآلية سريعة الطلقات ... وتم حصار الباخرة لأيام . قاطعته : هل حدث إنزال لبعض أفراد القوة البورتلاندية من طائرات الهيلوكبتر على سطح الباخرة ؟ لا ، لم يحدث إنزال حيث أن مهمتها كانت جمع المعلومات للقوة المهاجمة وتحديد موقع القراصنة والبحارة المختطفين داخل الباخرة ، بعدها حدث اشتباك وتبادل للنيران بين افراد القوة المهاجمة والقراصنة وعندما اشتد القصف على الباخرة قام القراصنة بطلب دعم من البر لكنه لم يصل . كم استمر تبادل اطلاق النيران بين الطرفين ؟ (13) يوماً .. وكان الاشتباك يشتد في الفترة الصباحية من الثامنة صباحا وحتى العاشرة . وأين كان البحارة المختطفون اثناء تبادل النيران ؟ تجمعنا في غرفة واحدة وكنا اثناء تبادل النيران نرقد على ارضية الغرفة خوفا من الشظايا . هل سقط ضحايا ؟ لم يصب أي بحار بأذى لكن قائد القوة البورتلاندية التي هاجمت القراصنة استشهد بنيران القراصنة وهو الجنرال (عبد الرزاق قري) وتوفي ثلاثة من القراصنة ، وتم أسر البقية ومنهم قائدهم . العودة إلى الوطن عقب استيلاء قوة (PMPF) البورتلاندية على الباخرة (آيس بيرج (1)) وتلقينها القراصنة درساً لن ينسوه ، وقتلت ما قتلت وأسرت ما اسرت ، اخذنا افراد القوة الى معسكر لهم بمنطقة (إيل) وهي تتبع لولاية (بورتلاند) مكثنا فيها حوالي اليومين ، وأكرموا وفادتنا وقاموا بالكشف الطبي علينا بعدها نقلونا الى بورتلاند وهناك التقى بنا ابن رئيس بورتلاند وبعض المسئولين ثم نقلونا الى مستشفى (قوري) وتم الفحص طبياً على كل البحارة ، فحصا دقيقا حيث اتضح ان معظم البحارة كانوا يعانون من سوء التغذية والتهابات وفقر الدم لقلة الحركة لامتداد فترة الاختطاف قرابة السنوات الثلاث ، لم تطأ أقدامنا الأرض حسب أوامر القراصنة ... بعدها نقلونا إلى مدينة (بوصوصو) شرق الصومال على الساحل الصومالي بالمحيط الهندي بعدها جاءت طائرة عسكرية هندية أقلت البحارة الهنود وعددهم (5) بحارة وكان عددهم ستة بحارة هنود لكن احدهم اختفى من الباخرة اثناء حجزها ويرجح انه حاول الهرب ولقى مصرعه غرقاً ... كما حضرت طائرة رئاسية من اليمن على متنها وزير النقل البحري اليمني والسفير اليمني في مقديشو بجانب وزيرة حقوق الانسان اليمنية واصطحبوا معهم البحارة اليمنيين الى صنعاء ولم يتبق سوانا انا وزميلي (عبد المنعم) والبحار الغاني والفلبيني ، بعدها تم نقلنا بطائرة تتبع للأم المتحدة إلى العاصمة الكينية نيروبي ، حيث قامت (المنظمة العالمية للبحارة) بتسليمنا إلى السفارة السودانية في نيروبي التي استقبلتني مع زميلي (عبد المنعم) في منزل يتبع للسفارة ، مكثنا فيه يوما واحدا واستقبلنا فيه طاقما من سفارتنا بنيروبي ... كما استدعانا الملحق العسكري بالسفارة السودانية الى مكتبه مرحباً بنا وقامت السفارة باستخراج وثيقتي سفر لنا ، ثم غادرنا نيروبي إلى أديس أبابا ترانزيت ومنها إلى الخرطوم وتحملت السفارة السودانية في نيروبي قيمة تذكرتي العودة لنا ... نشكر جميع الجهات التي ساهمت في تحريرنا خاصة القوة العسكرية البورتلاندية .