سواء زار الدوحة للمشاركة في برنامج الشريعة والحياة حيث تثير فتاواه وآراؤه الفقهية الكثير من الجدل، او سواء كان البرنامج محض غطاء للقاءات وتفاهمات، فإن الدكتور الترابي حط رحاله في قطر، ومن هناك غذّى الصحافة ووكالات الانباء والوسائط الاعلامية بتصريحات بدت غريبة على مواقفه من قضية دارفور، اذ قال(إن الدوحة مؤهلة لحل المشكلة، حيث يبحث أطراف أي نزاع دائما عن بلد لا يرتاب فيها لتحقيق التسويات). واعتبر الرجل مواقف بعض أطراف نزاع دارفور تجاه المبادرة القطرية بأنها«انفعالات أولية سالبة». ولأن الترابي لا يجيد فن المجاملة فإنه قد عبّر -من حيث يقصد ربما- عن شيئين: الاول هو امكانية نجاح قطر في اطفاء نار دارفور وإلى الابد، والثاني موافقة بعض الحركات المسلحة على رعاية الدوحة للمبادرة العربية.. الا انه وبذكاء حاول ان يشير على الحكومة القطرية بأنه من الافضل ان تمضي الوساطة دون الانطلاق من المبادرة العربية.. فقد قال (كثيرون يعتقدون أن المبادرة القطرية لا بأس بها بدون الجامعة العربية). الراجح ان العدل والمساواة هي المقصودة بعبارة (بعض الحركات) التي اشار الترابي الى موافقتها، اذ ان لهذه الحركة رابطاً غير مرئي بأفكار الشيخ النازعة نحو الحريات واعطاء الاطراف نصيبها من السلطة والثروة حتى (يعتدل الميزان) كما قال في عبارته الشهيرة عقب الافراج عنه من واحدة من اعتقالاته. ولأن الحكومة القطرية مدركة انه ربما يكون للترابي دور ما يمكن ان يلعبه لحل مشكلة دارفور، فقد اجرى مسؤولون بارزون لقاءات مع الترابي، حاولوا فيها الدخول الى القضية من المدخل الصحيح، فرأوا ان تنقية الاجواء بين الوطني والشعبي هي اوجب ما يمكن عمله كضربة بداية. لو تجاوب الترابي مع المبادرة القطرية فإنه يكون قد وضع (مدماك) مهماً في البناء، وهذه فرصة ذهبية له لينفي عن نفسه صفة الهدم.