(لن أذهب إلى العاصمة القطرية الدوحة أو أي مكان آخر، لن أغادر السودان الى الا أعلى، الى القبر بالطبع) هكذا كان الترابى يتحدث إبان مفاصلة رمضان التى شقت عصا الاسلاميين بالسودان، تعليقا له على ما قيل إنها وساطة قطرية تهدف الى توفير الاقامة الدائمة له هناك لإنهاء خلافه مع البشير بصورة جذرية، مفضلا حرارة الخرطوم على الاقامة فى الدوحة، فى وقت كانت فيه قطر من اوائل الذين سعوا للم شمل الاسلاميين. وبين رمضان المفاصلة ورمضان الجارى، يذهب الترابى بكامل ارادته هذه المرة للمكان الذى رفض ان ينفى اليه قبل امد. فالرجل الذى وصل الدوحة امس الاول فى زيارة تستمر لثلاثة ايام يلتقي خلالها عددا من المسئولين القطريين، بجانب تقديمه لعدد من المحاضرات والندوات فضّل اعطاء بارقة أمل لانهاء ازمة دارفور التي استطالت واستفحلت. وان كان مقربون من الشيخ يقولون انه ذهب الى الدوحة فى الاساس للمشاركة فى برنامج (الشريعة والحياة) بقناة الجزيرة القطرية، الا ان علاقته بقطر التى وصفت بأنها خاصة فى هذا الوقت جعلت المبادرة القطرية ملفا رئيسيا فى حقيبة الرجل. مضيفين فى ذات الوقت الى ان الدوحة كانت اول مكان خارجى يقصده الشيخ بعد المفاصلة. وذهبوا ايضا الى ان القطريين يحترمون الشيخ الى ابعد حد. وما ان وطئت اقدام الترابى ارض الدوحة حتى اكد دعمه للمبادرة القطرية لحل أزمة دارفور، المدعومة من جامعة الدول العربية. وابدى الرجل تفاؤله بها، رغم انه اشار الى العقبات الكبيرة التى تنتظرها. غير ان ناشطين بالمؤتمر الشعبى نبهوا الى ان ترحيب شيخهم بالمبادرة مبدئيا، هو بمثابة موافقة مشروطة ليس الا، واضافوا ان الصحف والمحللين ذهبوا بعيدا فى تحليلهم لحديث الشيخ. وقال مصدر -فضل حجب اسمه- ان الشيخ سيدرس المبادرة جيدا، وسيبدى ملاحظاته لاحقا. الترابى فى حديثه فى الدوحة حاول ان يستعرض اوراقه باشارته الى العلاقة القوية التى تجمعه وحزبه المؤتمر الشعبى بأطراف الصراع الدارفورى، وأضاف الترابى أن لدي المؤتمر الشعبي صلات بكل الأطراف في السودان بما فيها الأطراف الحاكمة، وليبتسم قليلا وهو يضغط بأسنانه على عبارة أن الصلات لم تنقطع مع هذه الأطراف بشكل كلي!!. الترابى الذى سعى ليبدو كمن فى يده عصا حل ازمة دارفور برر اعراض الحركات عن المبادرة لعلاقتها بالجامعة العربية، ملمحا لمعارضة الحركات المسلحة لاى تحرك او مسعى للجامعة العربية، خاصة ان معظم الحركات الرافضة للمبادرة القطرية اشارت الى مواقف الجامعة غير المتزنة بالنسبة لها. الترابى لم يكتف بالترحيب بالمبادرة القطرية فحسب بل ذهب ابعد من ذلك، معتبرا ان الدوحة افضل وسيط فى الساحة، ولا احد يمكنه التشكيك فى مواقفها. ووصل الامر بالرجل حد التلميح الى ارتفاع نسب فرص نجاح المبادرة القطرية لو انها كانت بعيدة عن الجامعة العربية. وفى الوقت الذى اغدق فيه الشيخ الثناء على الدوحة من لدن نجاحها فى جمع الفرقاء اللبنانيين، شن هجوما لاذعا بطريقة شبه علنية وهو يتحدث عن دول مجاورة ومهتمة بالسودان تعتقد بان أية تسوية للمشكل السودانى لابد وان تلعب فيها بفاعلية. وسخر الشيخ من تلك الدول وهو يقول لقد تأخرت كثيرا.وامتدت سياطه لتجلد بلا رحمة ايضا الجامعة العربية، مشيرا الى دور تعوزه الفاعلية للجامعة العربية، فضلا عن محاولات قامت بها دول أوروبية محايدة (عملت في هدوء لحل أزمة دارفور)، وأخرى كان لها مصالح في السودان في أوقات سابقة. وشدد الترابي على أن تحركات الدول الأوروبية لحل الأزمة لم تنطلق كلها بحسابات سياسية، مشيرا إلى أن بعض حساباتها كان إنسانية كذلك. زعيم المؤتمر الشعبى لم ينس الربط بين نجاحات قطر فى لبنان وما ينتظرها فى دارفور معددا اوجه الشبه بين المبادرتين وأضاف أن (هذه المبادرة مثل المبادرات العربية في لبنان.. إذ كانت الجامعة العربية تطوف ولا تستقر أصلا.. ثم ظهرت المبادرة القطرية التي نجحت في تسوية التأزم..) في إشارة إلى المبادرة القطرية التي أثمرت عن اتفاق الدوحة في مايو الماضي، وأنهت الأزمة اللبنانية .