تصدرت بعض الصحف بحر هذا الأسبوع نبأ مزعج يشير إلى نشاط جماعات تنصيرية استطاعت ان تستقطب عدداً مقدراً من الشباب، وتحويلهم من الدين الإسلامي الى الدين المسيحي عبر عملية تنصيرية منظمة تستهدف كل ولايات السودان ، وهذا أمر جلل وخطير يستدعي ان تُستخدم كل الوسائل لمحاربته، فهو ليس فقط مجرد استهداف لبعض فئات المجتمع السوداني، بل انه يأتى فى إطار التأسيس (لعلمنة ) السودان التى تسعى دوائر غربية لإيجادها بالبلاد . والأدهى والأمر ان تمارس هذه الظاهرة ليس فقط بالكنائس بل بمناطق قد لا يشتبه فيها البعض، كما حدث هذا بمعهد جوار خلاوى القرآن فى منطقة ام ضواً بان وهو معهد لتعليم اللغة الانجليزية وعلوم الحاسوب، ولكن داخل هذا المعهد تجرى عمليات تنصير واسعة وبخطوات واثقة نحو تنصير ابناء تلك المنطقة التى عرفت باهتمامها بالقرآن ، واللافت للنظر ان الجماعات التنصيرية فى الغالب تركز نشاطها بالمناطق الأكثر ارتباطا بالقرآن كما حدث أن تمت عمليات تنصير كبيرة ببعض مناطق دارفور وتحول شيوخ الخلاوى الى قساوسة !! الامر الآخر الذى يجب الانتباه اليه, استغلال بعض الشقق المفروشة لممارسة هذا النشاط، لذا ينبغي ان تراجع الجهات المسئولة مسألة تأجير هذا النوع من السكن الذى تمارس في الكثير منه العديد من الممارسات التى لا تشبه قيمنا وأخلاقنا ..وتعدى الامر الآن الى استهداف إسلامنا وهذا ما لا نقبله. الأمر الأخطر ان عمليات التنصير هذه لم تكن وليدة عام أو عامين، بل بدأت منذ ما يقارب العشرين عاما، فحسب حديث الداعية الاسلامي عمار صالح أن أكثر من مائة شخص تم تنصيرهم بالسودان خلال العشرين عاما الماضية، وان حملات التنصير تستهدف مناطق شمال السودان فيما يبدو ان خطط الغرب واللوبي الصهيوني تسير وفق ما يريدون ، فما يبتغونه ان يدور السودان فى فلك الصراعات والنزاعات والحروب حتى لا يلتفت الى التنمية سواء أكانت اقتصادية او اجتماعية ، فالسودان لم يعد قادرا على الاستفادة من موارده الكامنة او المستغلة إلا النذر القليل منها بسبب الحروب التى تديرها دولة الجنوب بالوكالة فى مناطق النزاعات، على الرغم من ان السودان دفع فاتورة الحرب بفقده جزء من مساحته . انشغال السودان بهذه الحروب وخلافاته مع دولة الجنوب، جعلته يفتقد بعض القيم التى بدأت تنسرب من دائرة اهتماماته ما نتج عنه ظهور بعض الاختلالات الاجتماعية التى وصلت حد انتشار ظاهرة التنصير التى تم كشفها (صدفة) عبر حادثة تنصير الطالبة الجامعية التى اثارت جدلا واسعا أواخر العام الماضي, اذ تم الامر عبر بعض الكهنة بكنائس الخرطوم ما جعل السلطات المختصة تبحث فى الامر لتكتشف أن شبكة منظمة تعمل تحت مظلة أنشطة ثقافية وسط الشباب والطلاب بدعم من جهات أجنبية . وعلى الرغم ان بعض الأنباء اوردت ان هذه الشبكة تمارس عملها عبر الدجل والشعوذة إلا ان هذا لا يعفي الجهات المسئولة من مسئوليتها عن انتشار هذه الظاهرة. فالشعب السودانى من حقه ان يسأل لماذا تسمح الحكومة لأية منظمة ان تعمل دون رقيب أو حسيب أو حتى تدقيق فيما تقوم به ؟ وهل تضع الجهات المعنية ضوابط دقيقة لعمل المنظمات أيا كانت تستوثق عبرها حول الأغراض الحقيقية لإنشاء المنظمات والجهات الممولة لها ومن وراء هذا التمويل ؟ وأين دور وزارة الارشاد والتوجيه من هذا، بل اين أئمة المساجد، فهؤلاء فيما يبدو انشغلوا ايضا بالقضايا السياسية وتركوا مهامهم التوجيهية والروحية !! هذه الغفلة التى انغمس فيها هؤلاء، جعلت خطر العولمة والثقافات العلمانية تستشرى وتتسلل خلسة الى مفاصل اكثر القضايا حساسية، هى قضية ديننا الاسلامى الذى أوصانا به رسولنا الكريم ان نعض عليه بالنواجذ ، والأخطر فى الامر ان المستهدف هم الشباب والطلاب وهم الفئة الأكثر تأثراً وتأثيراً ، فهم شديدو التأثر بمجريات الأحداث فما يحدث الآن من تغيرات هو بسبب تأثير الثقافات الغربية والعلمانية على هذه الفئة ، وهم ايضا سريعو التأثير فى المجتمع بما تشربوه من ثقافات هى الأبعد عن قيمنا الدينية وإرثنا الاجتماعي لذا فان تلك المنظمات التنصيرية كانت الأذكي حينما استهدفت الشباب! لذا فالمطلوب من المجتمع ان ينتفض لمواجهة هذا الخطر الذى يستهدف حماة مستقبل السودان بدءا بالأسرة التى ينبغى ان تتابع بدقة ابنائها حتى لا ينجرفوا نحو تيار الحملة الغربية والوقوع فى شباك الشبكة العلمانية ، وان تنشط المنظمات الاسلامية وسط الشباب تنظم برامج روحية تجعلهم أكثر ارتباطا بقيمهم الدينية والروحية ، هذا مقابل ان تقوم وزارات الارشاد والوزارات الاجتماعية بدورها كاملا تجاه تزكية المجتمع، وألا تترك ثغرات تنفذ من خلالها مثل هذه الشبكات ، ينبغى أن توجه أئمة المساجد باستغلال هذه المنابر فقط للجانب الديني, وأن تترك الأمور السياسية للجهات التى يعنيها الأمر ، فانغماس أئمة المساجد فى القضايا السياسية ربما أتاح فرصا أوسع للكنائس ان تنشط وتعمل بكثافة لتنصير شباب السودان!! يجب ألا تعتمد وزارة الإرشاد فقط على التعهدات التى التزمت بها مطرانية الخرطوم بعدم تكرار ظاهرة التنصير والتزامها بمنع الكنائس القيام بها ، ينبغي ان تجري محاسبة لهذه الكنائس والجهات التى شاركت فى هذه العملية ,بل يجب ان تراجع القوانين التى تقر بمسألة التسامح الدينى بين الأديان الأخرى وتضع بندا بتنفيذ أقسى العقوبة لمن يسعى لتنصير المسلمين تصل حد إغلاق الكنيسة التى تمارس ذلك ، فان كان حكم المرتد عن الاسلام القتل، فيجب ان يكون الحكم على من يتسبب فى خروج أي شخص عن ملة الإسلام عقابا مغلظا يصل حد طرده من البلاد ..فهلاّ فعلت الجهات المسئولة ذلك؟!