من أين يأتى المستثمرون فى الصحافة بهذا المال الوفير ؟ ... ولماذا ينافسون أهل المهنة فى تأسيس صحف بأموال مهولة ... ستضيع طال الزمن أو قصر . وهل تعرف هؤلاء المستثمرون على حقيقة ما يجرى فى الصحف من إرتفاع كبير فى كافة مدخلات الطباعة وكثرة الصحف ... وقلة كبيرة فى التوزيع مهما بذلت الصحف جهدا جاذبا للقراء وشحا فى الإعلان وتحصيله . الآن الصحيفة بلغت جنية ونصف الجنيه ... وبعد قليل ستصبح جنيهين هذا ليس كثيرا عليها ... إذا وجدنا ربطة الجرجير تساوى 2 جنيه ... والجرجير يملأ كل المزارع ... كما أن سعر كيلو الليمون عشرة جنيهات مع أنه مزروع فى السودان وليس مستورداً من أمريكا أو اليابان . مشكلة القارىء السودانى ... لا يعرف ماذا يريد من الصحيفة ... هل يريد أخبار الجرائم الفظيعة ... أم يريد التحليل الرصين والأخبار الصادقة ... والمقالات الموضوعية . وهل القارىء تجذبه الخطوط المميزة والأخبار التى غالباً ما تكون أخبار كاذبة أو نصف كاذبة . ومجلس الصحافة والمطبوعات يومياً يصدق لصحيفة جديدة ... ويجدد تصديقات لصحف توقفت منذ فتره طويلة ...حتى أصبحت الصحف أضعاف التي تصدر في بلدان الأمية فيها منعدمة.. والكثافة السودانية كبيرة. نحن لسنا ضد الصحف الجديدة.. بل أعتقد إعتقادا جازما بان الصحف الجديدة تزيد من التنافس المهني الذي يؤدي إلى تطوير العمل الصحفي... والمزعج في الأمر دخول عناصر ليست لها علاقة بالعمل الصحفي.. يرون في إنتاج الصحف مدخلا جديدا للثراء ومضمارا آخر للعمل، بدلا عن أعمالهم السابقة، لذلك امتلأت الصحف بمساهمين وأصحاب شركات تركوا عملهم في الزجاج والدولار والحديد والخشب واتجهوا للاستثمار في الصحافة. والصحافة لمن لا يعلم من هؤلاء لا تعطي إلا من يعطي لها ... ولا يستطيع مستثمر من خارج (الكار) أن يحقق نجاحاً وأرباحاً تذكر ما عدا القلة وهذه القلة ضاعت لعدم حسن توظيف رأس المال أو ضياعه في نوعية مختلفة من دروب الكتابة الصحفية. لذلك نأمل من مجلس الصحافة أن يوقف كثيراً من الذين يتركون أعمالهم السابقة ويتجهون للاستثمار فى الصحافة ... ويجب أن يوجه لهم سؤالاً واحداً ، لماذا تركت عملك السابق الناجح واتجهت للصحافة ؟ وماذا تريد من الصحافة ؟ . بعضهم يريد الصحافة لأنها تخلق له وضعاً إجتماعياً متميزاً يؤهله للوصول إلى غايات يريدها هو ... وبعضهم يريد إنقاذ صديق فشلت تجربته الصحفية ويريد إنقاذ تلك التجربة والتى سبق أن حققت نجاحاً كبيراً . الاستهبال فى العمل الصحفى لا يفيد ... بل يطيح بكل الآمال التى يتمنى المستثمر تحقيقها ... والصحافة لا تؤدى إلى البرلمان أو إلى الوزارة ... لأن الطريق بينها وبين البرلمان والوزارة والزعامة غير سالك ... خاصة إذا كان المستثمرون غير معروفين . ومن أعماقى أتمنى لكل المستثمرين الجدد فى عالم الصحافة كل التوفيق وكل النجاح ... لأنهم سوف يضيفون للتجربة ويستوعبون كل الذين لا يجدون عملاً فى الصحافة الحالية ... وبتحسين مرتبات العاملين فى الصحف الحالية ، خاصة أنهم عرضوا مرتبات مهولة لبعض الكتاب والصحفيين ... والملاحظة الجديرة بالذكر... أن لا تكون الصحف الجديدة ساحة للمهاترات ... وساحة للكيد ... وساحة لتصفية الحسابات السياسية والحزبية وغيرهما لأنها طرق أثبتت فشلها وأن نجحت لدي البعض الذين يهاجمون الصغار والكبار. تحياتي لكل صحيفة جديدة ولكل قلم جديد . والله الموفق وهو المستعان