تمكنت إسرائيل والولاياتالمتحدة من إيهام العالم بأن الملف النووى الإيرانى يهدد العالم كله وأن النظام الإيرانى أخطر من النازية التى أحرقت اليهود ومن واجب العالم كله أن يقاطع إيران ويعاديها. بل إن مجلس الأمن فرض عددا من الجزاءات ضد إيران ويستعد لفرض جزاءات أخرى فى إطار الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة على أساس أن إيران تهدد السلم والأمن الدوليين، ومثل هذا القرار سيكون مسوغاً قانونياً للهجوم الإسرائيلى على إيران، فى الوقت الذى لايجرؤ نفس المجلس على مجرد الانعقاد لمناقشة الجرائم الإسرائيلية المستمرة بدءاً بالاستيطان واحتقار قرار محكمة العدل الدولية بشأن الجدار العازل والإدانات الجماعية فى الجمعية العامة للسياسات الإجرامية الإسرائيلية. ولم يلتفت أحد لهذه الضجة الإعلامية والتهديدات اليومية الإسرائيلية والأمريكية بمهاجمة إيران إلا أن مثل هذا التهديد باستخدام القوة بشكل متواتر هو الذى يهدد السلم والأمن الدوليين وهو المحظور وفق المادة 2/4 من ميثاق الأممالمتحدة الذى يعمل مجلس الأمن فى إطار أحكامه. وقد أثارت التهديدات بالهجوم والنذر بفرض المزيد من الجزاءات فى مجلس الأمن اهتمامنا بحثاً عن أساس قانونى لهذا العمل خاصة من جانب مجلس الأمن وماهو التصرف غير القانونى الذى أتته إيران حتى تقوم هذه الضجة وينخرط مجلس الأمن فى هذه المهزلة الفجة. فقد أعلنت الولاياتالمتحدة وإسرائيل أن إيران من حقها أن تستفيد من الطاقة النووية السلمية، ولكن المشكلة أن إيران تنوى تحويل هذه القدرات النووية من الاستخدام السلمى إلى الاستخدام العسكرى وأن تأكيدات إيران بعدم نيتها فى ذلك ليست صحيحة أو صادقة، وأنه إذا تحولت إيران إلى قوة نووية مع كل هذا العداء لإسرائيل فقد تخاطر بإزاحة إسرائيل من الخريطة. وقد صدرت تصريحات متعددة من واشنطن وباريس ولندن وبرلين وغيرها من العواصم الأوروبية الكبرى تؤكد على أنها سوف تمسح إيران من الخريطة إذا هاجمت إسرائيل وأنها لن تسمح مطلقاً بأن تتحول إيران إلى دولة نووية لأنها دولة دينية متطرفة وتأوى الإرهاب وتساند «الإرهابيين» أى المقاومة العربية ضد إسرائيل، وأنها تقول للغرب لا بشكل سافر مما يشجع غيرها على الخروج على بيت الطاعة الغربى. لكل هذه الأسباب فرض مجلس الامن جزاءات على إيران. فلم تشن إيران عدواناً على دولة أخرى، ولم تخالف قراراً معتبراً من قرارات الأممالمتحدة. بل على العكس من حق إيران أن تحوز القدرات النووية العسكرية وأن تنسحب من معاهدة منع الانتشار النووى، كما أن إعاقة إيران عن حيازة القدرات السلمية هو انتهاك جسيم من جانب الدول النووية الغربية لالتزاماتها فى اتفاقية منع الانتشار النووى. ولم يثبت أن إيران هددت بزوال إسرائيل ولكنها توقعت زوالها وهو رأى معظم الباحثين والدول. فلماذا الحملة على إيران غير النووية الآن بينما يتسامح الغرب بل يساند إسرائيل النووية التى تعتدى على جيرانها وعلى الشعب الفلسطينى وتعلن كل يوم عزمها على الاستيلاء على فلسطين وطرد سكانها. ومن الواضح أن السبب الحقيقى فى استهداف إيران هو عداؤها لإسرائيل ومساندة المقاومة ضدها، ورغبتها فى احتكار القوة النووية، أما إذا خضعت إيران للهيمنة الصهيونية والأمريكية، فسوف يسمح لإيران بأن تفعل ماتشاء مادامت فى إطار المصالح الأمريكية والصهيونية كسائر دول المنطقة. والخلاصة أن الجزاءات التى يفرضها مجلس الأمن على إيران ليس لها أى أساس قانونى وتعد انتهاكاً لسلطة المجلس فى الميثاق والأولى أن توجه هذه الجزاءات لإسرائيل التى تمعن فى امتهان قرارات المنظمة الدولية وترتكب أبشع الجرائم وتعد أكبر مهدد للسلم والأمن الدوليين فى المنطقة.