ان التحليل المنطقي لروية السياسي والكاتب البريطاني "سيريل تاونسنيد،وهو من (حزب المحافظين) ،نقف على حقيقة المجتمع والرأي العام الأوروبي من حالة إسرائيل العنصرية الراهنة، وهزيمتها السياسية والأخلاقية حتى في أذهان اليهود المتنورين في العالم، ومع هذا لايشعر العرب أن حالة إسرائيل هذه تقع في أهم ما يجب أن يتم البناء الاستراتيجي عليه ، ولاسيما هذه الأيام والجمعية العامة تجتمع لتناقش أهداف الألفية الحالية، ثم ما يعلن عنه حارس مواخير وخمارات موسكو أفيغدور ليبرمان، من المفروض أن يتداعى العرب من أجله، فالديمقراطية الإسرائيلية كذب مكشوف، ونوايا الترحيل لعرب الثمانية والأربعين حقيقة لم تعد بحاجة إلى إثبات، فإلام الصبر ،وعلام التفاوض، وما هو المأمول من عدو يعلن أنه لن يقدم شيئا، لكنه راغب بالتفاوض الذي يتنكر لكافة المرجعيات ، فاللامرجعية هي الطريق الصهيوني إلى اللاحل ،ومن استبعاد الحل يعتقدون بأن فرض دولة الطيف الواحد هو الحاصل الأخير ،وبموافقة من يواصل التفاوض من الفلسطينيين، وفي مواجهة هذه الغطرسة كانت تصريحات الرئيس بشار الأسد لكل من يتداول مع سورية بشأن المفاوضات، وآخرهم المبعوث الأمريكي جورج ميتشل، بأن العودة إليها لابد أن تكون عبر المرجعية المعروفة والضمانات الأكيدة ورعاية الأطراف ذات الصلة ، فإسرائيل كيان مأزوم من الداخل ويتبارى الجميع بالمزيد من الغطرسة والعنصرية والاستيطان، مرة أخرى تتكشف المعايير المزدوجة التي تمارس عندما يعني الأمر إسرائيل، فها هي الولاياتالمتحدةالأمريكية ، والدول الغربية عموماً، تؤكد ذلك بكل تصميم، ودون أي تراجع عنها مع تصعيدها في اجتماعات (مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية) في فيينا بلجوئها لإجراءات جديدة ضد إيران كنوع من الضغط على المجموعة العربية لسحب مشروع قرارها الذي يحث ويطالب الكيان الصهيوني للكشف عن قدراته النووية، والهدف تحويل الأنظار والاهتمامات العالمية عن خطورة الترسانة النووية الإسرائيلية التي تعتبر الخطر الأساسي والوحيد الذي يهدد المنطقة، الضغط الأمريكي والأوروبي حيال هذا الأمر لن يقف عند هذا الحد بل يذهب إلى حد تهديد المجموعة العربية من أنها إذا لم تسحب مشروعها القاضي لضرورة الكشف عن الترسانة النووية الإسرائيلية فإن ذلك سيدفع إسرائيل إما رفض المشاركة في المؤتمر الإقليمي المقرر عقده في العام 2012 بشأن إخلاء المنطقة من السلاح النووي. الأميركيون ومعهم الأوروبيون في إطار دفاعهم المستميت عن الترسانة النووية الإسرائيلية، ومواصلة ضغوطاتهم على الجانب العربي، يرون أن التركيز على إسرائيل فقط من الجانب العربي سيعوق التقدم الذي تم إحرازه دولياً للحد من انتشار السلاح النووي في العالم، إضافة إلى أنهم يقدمون التبريرات الافتراضية، ويلوحون في نفس الوقت بسلة من الضغوطات من أجل عدم الاقتراب العربي، أو عدم تفكير الطرف العربي بالقدرات النووية الإسرائيلية، كي تبقى خطاً أحمر لا يمكن لأحد الاقتراب منه، باعتباره يشكل اختراقاً رهيباً لنظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على جدار وستار استمرار التفوق الصهيوني الكمي والنوعي على الأمة العربية جمعاء، وهذا ما تضمنه حقيقة تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الياباني يوكيا أمانو الذي خلا من أي مضمون ولا يرقى إلى المستوى المعهود لبنود الوكالة القاضية بضرورة معرفة القدرات العسكرية الخاصة بالملف النووي الإسرائيلي،كذلك الحال في الضغط الأوروبي والأمريكي لحماية قدرات إسرائيل النووية تمثل في التعتيم على الفضائح التي نشرتها مؤخراً صحيفة (الغارديان) البريطانية حول العرض الإسرائيلي لحكومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا عام 1979 لبيعها صواريخ طراز (أريحا) مزودة برؤوس نووية ،باعتبار أن مثل هذه الحالة تكشف حقيقة التعاون النووي الصهيوني ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا على مدار السبعينيات والثمانينات ،وعن التجارب النووية التي أجرتها إسرائيل في إطار هذا التعاون في جزر إفريقية، وهو ماكشفها أكثر من قمر صناعي أمريكي مصادفة، والحال كذلك في المسارعة للتعتيم على ما أورده قائد البحرية في جنوب إفريقيا عام 1983 ،ونشرته صحيفة (هاآرتس) بأن إسرائيل عرضت على جنوب إفريقيا وقتذاك تسليمها ثمانية صواريخ برؤوس نووية، وهو ما أدى إلى سجن هذا المسؤول في جنوب إفريقيا ويدعى «ديترغيرهارد» إذاً مسلسل حماية الترسانة النووية الإسرائيلية متواصل ،وها هي صحافة الغرب أيضاً يطولها هذا المسلسل، والتي طالبت أكثر من صحيفة في دول الغرب بلدانها بتحمل المسؤولية الحقيقية عن الدور الأوروبي في إنشاء وتصنيع أسلحة إسرائيل النووية وتطويرها في غاية السرية المعهودة وبتغطية أوروبية واضحة على مر العقود، إن الغرب مدان من الأساس في توفير كل الدعم والإسناد لبناء السلاح النووي في إسرائيل منذ الخمسينيات في القرن الماضي ، التي بدأت في إطار اتفاقيات فرنسية عن طريق( شركة سان جوبيان) النووية الفرنسية التي بنت (مفاعل ديمونة) في فلسطينالمحتلة في العام 1957 ،وموافقة الحكومة الفرنسية في العام 1960 على قيام إسرائيل بالمشاركة في تجربة نووية فرنسية جرت في صحراء الجزائر في منطقة حمودي بغراف، ومشاركة خبراء إسرائيليين فيها، ناهيك عن التعاون الألماني النووي أيضاً في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي واستمراره حتى الثمانينات، ولاسيما في مجال صناعة الغواصات النووية الألمانية من نوع (دولفين)، والحال كذلك في التعاون البريطاني مع الكيان الصهيوني الذي بلغ ذروته منذ العام 1957 حين باعت بريطانيا أكثر من عشرين طناً من الماء الثقيل لمفاعلات إسرائيل في (ديمونة)، والأمر أيضاً طال النرويج التي زودت إسرائيل بقدرات نووية ولاسيما ب 34 كيلو من البلوتونيوم في العام 1963،أما أمريكياً فالأمر في غاية الوضوح، إذ بدأ الإمداد الأمريكي النووي لإسرائيل منذ أيام الرئيس الأمريكي جون كيندي في العام 1961 الذي اغتالته المافيا الإسرائيلية لمحاولته الإقدام عن كشفه لسرية الترسانة النووية الإسرائيلية في العام 1963 ومحاولته التحقيق في فضيحة سرقة إسرائيل لليورانيوم من الولاياتالمتحدةالأمريكية عرفت باسم (فضيحة نيوميك) في ذلك الوقت .