تسود في الشارع الفلسطيني نظرة تشاؤم حيال زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى المنطقة، وبينما تواصل تل أبيب ورام الله استعداداتهما لاستقباله، يشكك محللون في جدوى هذه الزيارة في خدمة القضية الفلسطينية خصوصا مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتصعيد عمليات بناء وتوسيع المستوطنات بالضفة الغربية. ويرى أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي عبد الستار قاسم أن زيارة بوش لا تحمل أي مردود سياسي ينفع الفلسطينيين، وذلك استنادا إلى التاريخ الذي يثبت أن الفلسطينيين لم يجنوا أي فائدة من تدخل الولاياتالمتحدة الأميركية في المنطقة، حسب قوله. وقال قاسم إن زيارة بوش لرام الله لن تخرج عن سياق سياسة واشنطن في البحث عن مصالحها ومصالح حليفتها إسرائيل، وأكد أن الزيارة لن تخرج عن سياق “الضغوطات الأمنية أو السياسية على الجانب الفلسطيني”. وأشار قاسم في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إلى أن الرئيس الأميركي سيستغل الزيارة للمطالبة بتشديد الخناق على المقاومة، وإخضاع الشعب الفلسطيني، وحشد العالم العربي ضد إيران، حسب تعبيره. من ناحيته قال صالح النعامي الكاتب الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي إن المواقف والتصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي في حواراته ومقابلاته الصحفية لعدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل موعد الزيارة، تخيّب آمال كل الفلسطينيين ومن ضمنهم أولئك الأكثر تحمسًا للدور الأميركي في العملية السياسية. وأضاف النعامي في تصريحات للجزيرة نت أن بوش أعلن بشكل واضح وجلي تراجعه عما أعلنه في مؤتمر أنابوليس نهاية نوفمبر الماضي، بشأن إقامة الدولة الفلسطينية، وأصبح يروج أن “هدف المفاوضات الفلسطينية والإسرائيلية التوصل إلى تعريف الدولة الفلسطينية وليس إقامتها”. وأوضح أن الزيارة “تحمل صفعة للسلطة الفلسطينية التي راهنت على دور بوش في تحريك المسار التفاوضي”، مشيراً إلى أن إعلان الرئيس الأميركي مسبقًا عن عدم نيته الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف الاستيطان يؤكد أن مضارّ الزيارة أكبر من منافعها على القضية الفلسطينية. وأكد النعامي أن تصريحات بوش بشأن تفهم الولاياتالمتحدة، ضم إسرائيل للتجمعات الاستيطانية بالضفة الغربية يشكل “حسما وقتلا لعملية التفاوض برمتها، ويوقع السلطة الفلسطينية في حرج شديد أمام أبناء الشعب الفلسطيني”، خصوصا في ظل قيام السلطة بالتدليل على عمق التزاماتها الأمنية عبر اعتقال كوادر ونشطاء المقاومة، حسب قوله. من ناحيته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل “الاستقبال الإسرائيلي للزيارة بتصعيد عدواني واضح ضد الشعب الفلسطيني، يعني أن الإدارة الأميركية متواطئة مع هذا العدوان”. ورجح أن الرئيس الأميركي لا يحمل “سوى جملة من الوعود أو جملة من الإجراءات ذات الطابع الأمني” التي ستعقبها -بعد انقضاء الزيارة- عودة إسرائيل إلى تصعيدها العسكري على نطاق واسع”. وتوقع عوكل في حديث مع الجزيرة نت أن يعمل بوش على تحريك عجلة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، لكنه استبعد في الوقت نفسه أن تصل هذه المفاوضات إلى وعد بوش بشأن إقامة الدولة الفلسطينية خلال عام 2008. أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة وليد المدلل فقال إن الرئيس الأميركي يتخذ من زيارته لرام الله “بوابة ومطية لتحقيق مصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة، وتحسين صورة حزبه لإظهاره بمظهر الحريص على أميركا من خلال ادعائه أنه يدعم ما يسمى بمحور الاعتدال في المنطقة”.