السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(قصة رجل قتلته الوثائق الامريكية..وهو حي يرزق) (1-3)..نجوت من أنياب الكلاب الجائعة..!
«الجوكر» أحد ضباط (19) يوليو يخرج عن صمته:

بهدوء ممتع يقوم الصحفي السوداني البارع الاستاذ /محمد علي صالح كبير مراسلي صحيفة( الشرق الاوسط) اللندنية في واشنطن بترجمة وثائق عن السودان بالغة الأهمية والحساسية وذلك من الوثائق الرسمية الأمريكية التي تنشر بعد مرور ثلاثين عاما.. وحوت تلك الوثائق المترجمة معلومات مثيرة رصدت عبر مصادر مختلفة..ومصدر الاثارة انها تحركت بحرية في مساحات المسكوت عنه في السياسة السودانية..اقتحمت السجلات الخاصة لأبطال المسرح السياسي السوداني، ولم تقف على ذلك بل أخضع حتى أصحاب الادوار الثانوية والكومبارس ،لتنقيب قاسي في سيرتهم الذاتية،الوثائق وما حوت من معلومات كشفت مقدرات وامكانيات السفارات في السودان على جمع المعلومات بسهولة ويسر ، وذلك يرد لطبيعة خاصة بالشخصية السودانية ذات الميل الفطري للاستعراض بالمعلومات...فغالب المعلومات التي وردت في ترجمات صالح يمكن ردها لتلك الخاصية،بمعنى ان بذل المعلومات بسخاء في المجالس كان دوما أكبر معين لرجال السفارات والمخابرات في الحصول على أكبر قدر من المعلومات التي قد يصعب في بعض الاحيان تمييز ثمينها من غثها وصحيحها من كذبها. في الوثيقة رقم (28) من الوثائق الامريكية التي يقوم بترجمتها صالح..وهي تعرض تفاصيل دقيقة جداً عن الايام الثلاثة لانقلاب (19) يوليو مرسلة من سفير واشنطن بالخرطوم الى وزارة خارجيته..ذكرت الوثيقة عن الاعدامات التي تمت بعد عودة نميري ذكرت الآتي: (التاريخ: 30-7-1971 م من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية الموضوع: انقلاب السودان «نفذ حكم الاعدام في: بابكر النور عثمان، هاشم محمد العطا، محمد احمد الريح، فاروق حمد الله، محمد احمد الزين، معاوية عبد الحي. عندما وقع انقلاب هاشم العطا، كان محمد محجوب عثمان، عضو مجلس قيادة الثورة الجديد، وشقيق عبد الخالق محجوب، سكرتير الحزب الشيوعي، خارج السودان. نعتقد انه كان في الطائرة البريطانية مع بابكر النور وهاشم العطا. ايضا، نفذ حكم الاعدام في عسكريين أقل رتباً: محمد مصطفى عثمان الجوكر، عثمان الحاج حسين، عبد المنعم محمد احمد. ايضا، نفذ حكم الاعدام في مدنيين: عبد الخالق محجوب، سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، والشفيع احمد الشيخ، سكرتير اتحاد نقابات العمال، وجوزيف قرنق، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ووزير شئون الجنوب في وزارة نميرى الاولى)..! ...» ورد اسم الضابط محمد مصطفى عثمان الجوكر ضمن الذين تم اعدامهم في محاكمات الشجرة... قبل أيام جاءت معلومة صغيرة تفيد بأن الشخص المذكور حي يرزق يسكن الخرطوم بحي جبرة يعيش بعيداً عن الاضواء....عندما التقينا به قال لنا انه ظل لسنوات طويلة يتابع ما يكتب عن (19) يوليو ويتحسر من جراءة البعض على الكذب وتلوين المعلومات لخدمة رؤيتهم... ومصطفى الملقب «بالجوكر» ولهذا اللقب قصة لا تقل اثارة عن قصة تضمين خبر اعدامه في وثائق أهم دولة في العالم اليوم.. كانت تجمعه علاقة وطيدة بأحد قيادات حركة (19) يوليو «الهاموش» وعبر هذه العلاقة كان جزءاً من الحركة في أهم مراحلها صعوبة..وللجوكر علاقة غريبة الاطوار بجعفرنميري سيرويها في هذه الحوارات التي تمثل أولى افادات الرجل في قضية واسعة الجدل كثيرة اللغط...ومع الحوار تنشر الصورة التي التقطت للجوكر وهو يرفع يديه الى أعلى لحظة القاء القبض عليه بعد فشل الانقلاب،الصورة التي تناقلتها وكالات الانباء والصحف العالمية والاقليمية وقتها..على ثلاثة اجزاء سيروي الجوكر لقراء «الرأي العام» قصته مع 19 يوليو من الألف الى الياء: -------- * كيف كانت بداية دخولك للكلية الحربية؟ - الدراسة في الخرطوم الثانوية الحكومية القديمة ومن ثم الكلية الحربية والتخرج في 1/1/1965م الدفعة (16)، أول عمل لي كان بالمنطقة الشرقية القضارف، توريت (3) سنوات، كسلا، حامية الخرطوم، معلم بمدرسة المشاة جبيت وإتنقلت كبير المساعدين بالكلية الحربية. إبان فترة وجودي بتوريت تعرفت فيها على جعفر نميري، عبد المنعم محمد أحمد الهاموش قائدي المباشر وبعد فترة تم نقل عبد المنعم للقيادة فأستلم عنه جعفر نميري وهي الأيام التي بدأت تطلع علينا فيها منشورات تنظيم الضباط الأحرار. * مقاطعة .. كنت ضابطاً شيوعياً؟ - أنا لم أكن شيوعياً، ولكني متعاطف معهم، وفي الثانوي كنا نجتمع مع الشيوعيين ولكني لم أصنف معهم (كنت من بعيد لبعيد) . * أي لم يتم تجنيدك؟ - أبداً أبداً .. المهم أنه في تلك الفترة بدأت تخرج منشورات الضباط الأحرار وكان المنشور يأتيني وبقية الضباط وكنت (بشيل) الظرف أقدمه لجعفر نميري الذي كان يقول لي أفتحه وأقرأه واتركه معاك. * أحكي لنا قليلاً عن علاقتك بالهاموش؟ - هو أول ضابط أعمل معه كرئيس لي، وكان قائد سرية القيادة بينما كنا قوة المقدمة التي كان يجب أن تتسلم من الأورطة الثانية بتوريت ، وسرية القيادة، كان قائدها الهاموش الذي كان يتمتع بعلاقة قوية ومتينة مع الضباط وبالتالي مع جعفر نميري. * كيف كانت علاقته بجعفر نميري؟ - ممتازة للغاية.. كان فؤاد ماهر فريد قائدنا والتسليم والتسلم (عملتو) في مكتب الأركان بتاعنا بين فريد والمقدم معتصم المقبول ومن ثم بين معتصم وجعفر نميري. الهاموش كان صديقاً للناس كلها، وجعفر نميري عندما إستلم كان بالتأكيد صديقاً وأخاً لكل الضباط وأنا أشتغلت معاه كأركان وحصلت مشكلة بينه والقيادة الجنوبية حتى أنه أصابني نوع من الذعر والخوف فذهبت للهاموش وقلت له يا أخي أنا ما عايز أشتغل في الأركان مع جعفر نميري وكانت هناك خلافات بين القيادات في الضفة الشرقية توريت والقيادة الجنوبية. * من كان على رأس القيادة الجنوبية؟ - كان أحمد الشريف الحبيب وعندما أحتدت الخلافات رسلوا لينا (بلوك) فيه أخونا إبراهيم أحمد جلك رحمه الله ، وقتها جئت لعبد المنعم وكنت ضابط الإشارة الذي أوكل إليه حل الشفرة بإعتباري الوحيد الذي أخذت كورس إشارة في الشرقية وطلبت منه نقلي للعمل بوحدة خارجية. فبلغّ الهاموش جعفر نميري وقال ليهو الضابط ده جا وقال كده، فناداني نميري في المكتب تاني يوم وقال لي بكل رجولة: شوف أى خطأ تعملو أنت أو الناس المعاك في المكتب اعتبرني عملتو أنا، وأي شىء تعملو أعرضو علىّ، ولا أسمعه من جهة ثانية، وأي خطأ حدث منك أعتبر أنني من فعله، وأنا أدافع عن أى زول إشتغلت معاه. المهم بعد ذلك جاءت أحداث (ديتو) فأشتركنا فيها بعملية ضخمة اسمها (الريشة الخضراء) وكبدّنا المتمردين خسائر فادحة. بعدها أنتقلت لكسلا ومن .. * مقاطعة .. أحكي لينا أيام الضباط الأحرار؟ - أيام الضباط الأحرار كانت منشورات التنظيم تأتي لهناك وكنا نتناقش في هذه الأمور خاصة الهاموش وهو طبعاً معروف أنه شيوعي وكنا نتناقش حول أشياء كثيرة: وضع الجنود في الجنوب والذي كان مزرياً، إضافة لوحدات القوات المسلحة التي تلقت هزائم كثيرة من المتمردين الذين بدأوا في تلقى أسلحة من ثوار الكنغو ومن جهات خارجية وكانت الأسلحة أحدث وأقوى من أسلحة الجيش السوداني بالإضافة الى ان تعيينات جنودنا كانت لا تطاق فما كان من الممكن في عساكر ذاهبين للقتال أن يأكلوا (عصيدة وملاح ويكة) فالكلام ده كله أترفعت به مذكرة للخرطوم وتبنى ذلك ضباط بالقيادة الجنوبية على رأسهم فاروق عثمان حمدالله، وابو القاسم هاشم ضابط الإشارة وقتها وأرسلوا للقائد العام ووزير الدفاع فيما سمى بعد ذلك ب (حركة جوبا) وأشترطوا أن يأتي القائد العام ووزير الدفاع لوحدهما وأن من يأتي غيرهما بحسب ما سمعناه سيعتقل، وفعلاً حضرا وإجتمع بهما الضباط وحصلت بلبلة قبل مجيئهم على أساس أنهم جايبين القائد العام ووزير الدفاع وأنه ح يعتقلهم وهناك عساكر إنشقوا وآخرون بدأوا يمشوا (يشتغلوا) مع بعض الضباط، المهم أن الضباط إجتمعوا بيهم في المبني ووضحوا ليهم حالة القوات المسلحة حتى أن عبد الحميد صالح أقسم بالله أنه لم يكن يظن أن الجيش مبتلى بمثل هذه الحالة، وعلى العموم نحنا من هنا بنرجع نمشي الخرطوم ونشوف أوضاع القوات المسلحة كلها ونصلحها وفعلاً رجعوا الخرطوم لكنهم قاموا بإقالة (11) ضابطاً من الضباط الداعين لإجتماع جوبا ومعظمهم من الضباط الأحرار. وعند إقالة ال (11) ضابطاً، معظم الضباط الأحرار في المديريات الجنوبية الثلاث إتفقوا على تقديم إستقالات جماعية وفعلاً قدمنا إستقالاتنا وطبعاً في الجيش مافي إتنين أو تلاتة بيتفقوا مع بعض بأعتبار أن ذلك وبحسب القوانين يعد مؤامرة وتمرداً فكل واحد منا كتب نفس صيغة الإستقالة بتاعت الأخ التاني وإتكتبت كلها ومشت القيادة الجنوبية ومنها تحولت الى الخرطوم. والإجراء الذي حصل في رئاسة الأركان أو القيادة العامة إن ضباطاً أحيلوا للتقاعد تدخلوا لحل المشكلة وعلى رأسهم ضابط عظيم رحمه الله وهو أحمد حسن العطا كان قائد القيادة الوسطى وأنتدب من الخرطوم على أساس أن يجىء ويتباحث مع الضباط في المديريات المختلفة. * متى دخلت مجال العمل السري؟ - منذ أن كنا في توريت أبتدا الكلام عن التذمر والأوضاع الحاصلة. * الضباط الأحرار كان بينهم ضباط قوميون عرب وشيوعيون و ..؟ - (مقاطعة) .. لم يكن هناك تفصيل الكلام كله عن القوات المسلحة أهميتها ووضعها. بعد الجنوب وكما قلت سابقاً أتيت وتعينت في حامية الخرطوم ولكن قبل أن أستلم عملي بها سافرت لإنجلترا وبعدها إتنقلت لمدرسة المشاة جبيت، وهناك أبتدأ الكلام يكون بصورة واضحة، فجعفر نميري وعدد من الضباط ضمنهم أبو القاسم أبراهيم، منير حمد، مامون عوض أبو زيد الذي كان يعطي محاضرات وطبعاً الرئيس نميري في ذلك الوقت كان يمتلك شخصية طاغية لديه قرار وإنسان محبوب وضابط ذا كفاءة ممتازة وأبتدأ الضباط الإلتفاف من حوله، والضباط البيجوا جبيت وهم أغلبية الجيش السوداني حيث كان لزاماً على كل الضباط في الرتب الكبيرة أو الصغيرة المرور على جبيت وأخذ كورسات قواد السرايا أو الفصائل ما جعل من شعبية نميري طاغية، كما أبتدأ في ذلك الوقت حديث بين الناس وأتذكر انه في واحدة من (القعدات) مع جعفر نميري في بيت من بيوت الضباط وكان عندي (ريكوردر) جهاز تسجيل أشتريته بجوبا من الكنغوليين فقال جيبوا لينا وتعال فمشيت أديتو ليهو وشغلتو، وقتها جعفر نميري كان بادي بكلام مع أبو القاسم عن أحسن تكون المواطنين الثوار؟ واللا المواطنين الأحرار؟ فأبتدأ يقول بطريقة تمثيلية: أيها المواطنون الثوار أيها المواطنون الأحرار ترتيباً للبيان وكان ذلك في العام (1968). والذي حدث أننا بعد كل دورة وكورس في جبيت نأتي للخرطوم إجازة بتاعت إسبوع أو عشرة يوم وبالذات المعلمين فحدث أن جينا بالقطر وكان حينها من مهامي كاركان حرب لنميري في جبيت بالإضافة لعملي كقائد سرية البيان العملي وعلىَّ أن ألاقيه تاني يوم من وصولنا لترتيبات وتجهيزات للمدرسة، وفعلاً تاني يوم إتلاقينا ومشينا طوالي القيادة العامة ودخل مكتب مكتبين وفي التالت الذي كان مكتب بابكر النور تجاذبنا الحديث وكانت المرة الأولى لي التي أشاهد فيها بابكر النور ولم يكن في الحديث أمامي شيء ظاهر ولكن بعدما خرجت ووقف معه قليلاً وبرضو لم يكن حينها ظاهرا ما الذي يحصل، المهم أنني عندما حضرت معه كنت مريضاً ولدى إجازة مرضية ، فقضيت عملي معه وذهبت، أما هو «نميري»- فكانت زوجته عندها عملية في المستشفى الجنوبي فذهبت وزرتها الكلام ده كان تقريباً يوم (22) أو (23) مايو .. وعندما رأتني قالت لي وين أنت؟ وجعفر بيسأل منك وقال ليك ضروري جداً لو جيت هنا تجيهو في ود البصير وانشغلت لسبب ما حتى عرفت بالانقلاب فارتديت البزة الرسمية وذهبت للقيادة. بعد ذلك عملت مع مدير مكتب نميري؟ كان ضابطاً أعلى مني رتبة وهو المرحوم حسن أبو العائلة وأنا كنت مساعداً له، أرتب اللقاءات مع الصحفيين والضباط البيجوا وغير ذلك، وأخذنا فترة لغاية ما تترتب الأوضاع وإلى أن حدث اللقاء التاريخي بتاع ميدان عبد المنعم -نادي الأسرة حالياً- وبعدها بيومين تلاتة أستقرت الأوضاع جراء المجهودات والعمل الشاق. المهم ان كل هؤلاء الضباط كانوا موجودين وبينهم صداقة وأخوة وعدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة أنا بعرفهم معرفة شخصية، وبسبب مسألة مقابلة الناس وتحديد المواعيد وجدت أن (الدنيا دي كلها عندها مطالب) وهذا الأمر ضايقني جداً فطلبت من نميري أرجع جبيت وقلت ليه: ياريس عايز أرجع جبيت؟ وأنا تأهلت بالجيش لكي أكون معلماً وأمارس عملي بجبيت. فقال
لي: خلاص كويس وأضاف: أنت زهجت ولا شنو؟ فأجبته والله زهجت وكان ذلك في (برندة) القائد العام لكنه قال لي: قبل أن تمشي شوف الإحتياجات بتاعت قوة المشاة شنو؟ وأية جهة تمشي ليها يقصروا معاك في حاجة قول ليهم أنا جاي من الرئيس وهذه كانت بالنسبة لي فرصة جميلة جداً بإعتبار أن مدرسة المشاة في جبيت تفتقر لحاجات كتيرة جداً. فكنت أذهب لسلاح المهندسين، المخازن، المهمات، وغيرها وأقول ليهم داير كذا وكذا وأني جاي من الرئيس (يضحك) وهم يعرفون أن الرئيس هو قائد المدرسة، في ذلك الوقت العميد مزمل سلمان غندور القائد الأول للمدرسة كان في بعثة عسكرية بمصر. مشيت المدرسة وشاءت الأقدار أن تنقطع صلتي بالضباط الأحرار لكني كنت متابعاً عن بعد وقتها نقلي من مدرسة المشاة جبيت لوادي سيدنا يوم البيان بتاع (12) فبراير المشهور الذي انقلب فيه نميري على الشيوعيين وكنت حينها في القطار. * أين كنت من التوترات التي كانت حاصلة بين الشيوعيين ونميري؟ - إبتدت الخلافات تظهر ومن الأشياء المهمة جداً وهي البذرة بتاعت يوليو حركة تنقلات حدثت في صفوف الضباط بتاعين التنظيم الذين كانوا حول القيادة العامة، ثانياً ان مجموعة من الضباط الكبار تذمروا تذمراً شديداً من الترقيات التي حصلت لضباط الصف على أساس أنهم ساعدوا في قيام حركة (25) مايو. وعندما جئت الخرطوم أبتدأت تكون هنالك حركات في القوات المسلحة كنت أسمع بها وشفت في بعض اللقاءات أعضاء بحركة أحرار مايو (متعجباً) طيب مايو كلنا أحرار بتاعينها، وحركة أخرى اسمها أنصار خالد، ومجموعة من الناس بدأوا في تكوين أنصار جعفر، ما جعل هناك حالة من التشرذم داخل القوات المسلحة كما ظهرت وحدات متخصصة في مواجهة التنظيم أو الثورة «كتيبة جعفر على سبيل المثال» وهذا يعني أنها من المفترض بأن تكون أول وحدة تتحرك، اللواء الثاني مدرعات إختاروا له ناس معينين بكفاءات وولاءات معينة والمسألة دي الناس تجادلوا حولها وأذكر أنني قابلت عبد المنعم الهاموش في الخرطوم.. * (مقاطعة) .. أين كان يعمل وقتها وما هي الرتبة التي كان يتقلدها؟ - وقتها كان برتبة العقيد في سلاح المدرعات بينما كنت نقيباً ولأربع سنوات أي منذ مجيئ من إنجلترا، جلسنا في إجتماع محدود يضمني وإتنين او تلاتة بمنزلي بوادي سيدنا وأتكلمنا فيما يحدث وكان عبد المنعم (رجل بلدي نضيف ويتحدث دوماً باسم العائلة) قال لي بعد أن خرجنا نحو الباب: وحياة محمد وحياة زينب الأمور دي ما بتمشي بالطريقة دي؟ وده كان ديدنه منذ توريت فعندما تحدث مشكلة يقسم بأبنائه. توقيت (19) يوليو لا يمكن لأي واحد من الضباط بأن يقول إنه كان بيعرفه كان في ثلاثة ضباط أو أربعة على الأكثر يعرفوا التوقيت وهم: عبد المنعم الهاموش وهاشم العطا، (المحرر لم يضف اسماً آخر) لكن الناس كانت على أهبة الإستعداد توقعاً لشىء. * أنتم لم يتم تنويركم؟ - ما قاله الهاموش بأن الأمور دي ما بتمشي كده. كان كافياً. * إذاً هو شغل مرتب؟ - لا .. ولكن هناك احساساً بأن شيئاً ما سيحصل، المهم أول ما حصلت (19) يوليو وبعد البيان بتاع هاشم .. * مقاطعة أين كنت ساعتها؟ - كنت في وادي سيدنا مساعد كبير المعلمين كانت هنالك لقاءات، وفي تنوير وقناعة بأن الأمور لن تمضي بهذه الصورة وأنه سيحدث شيء وأبتدينا نسمع رسائل فحواها أن الأمور ما ماشة تمام ويوم (19) سمعنا البيان ومافي أي زول أدانا خبر بأي شيء. * لم تعرفوا البيان ولكنكم عرفتم هاشم العطا؟ - نعم فهو كان قدامنا في التلفزيون وبعدها بساعتين أتصل بنا عبد المنعم. * كان يعدك معهم بالرغم من أن علاقتك بالنميري كانت جيدة؟ - نميري نفسه كان صديقاً لعبد المنعم. * وكيف كانت علاقتك بنميري في ذلك الوقت تحديداً؟ - ممتازة ولا يشوبها شيء حتى أنني التقيت أبو القاسم في الوزارة وقال لي: تعال لينا بعدين، أنا كلمت نميري يجينا نتونس، وعندما سألته أجيكم متين؟ أجابني بعد الساعة أتنين صباحاً فرددت عليه: ياخي معقول؟ البيجبني شنو؟ (ضحك) علاقتي ونميري كانت أخوية. * لم تكن لك غبينة تجاه نميري؟ - لا مطلقاً. * ولم يكن لديك التزام تجاه الحزب شيوعي؟ - ولا التزام. * لديك فقط علاقة بالهاموش؟ _ علاقتي بالهاموش وما يحدث داخل القوات المسلحة بدأ الإنتشار بين الناس وأنا واحد منهم .. أنا كنت مؤيداً لموقف الهاموش. * مؤيد للتغيير ولو أودى بنميري؟ _ بالتأكيد حال حدوث تغيير كان النميري ح يكون برة. * ألم تعترض بإعتبار علاقاتكم بنميرى؟ - لا .. عندما تقول تغيير معناه أن تتقبل نتائجه؟ * ما هو دافعك الشخصي من هذا التغيير؟ _ الإنتماء للقوات المسلحة والدفاع عن سمعتها وعن الإنجازات التي تحققت. * وأنت.. ألم تكن تعرف بأن هذا العمل لصالح الحزب الشيوعي السوداني؟ _ لا. وأن الهاموش شيوعي؟ _ أعرف ذلك ولكنه ضابط. * .. دافعك كان فقط القوات المسلحة؟ _ بس. نواصل

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.