إستيقظ (مأمون) ، جهز نفسه للذهاب إلى (الشغل) ، كعادته أدخل يده فى رف الدولاب (تحت البناطلين) حيث كان يضع كعادته (الفلوس) فى هذا المكان (السرى) حتى لا تتعرف عليه (نعمات) زوجته ولا أحد من أبنائه ، وجد (بطاقته الشخصية) وورقة (الجمرة الخبيثة) وبعض الأوراق التى وضعها بالأمس ولكن لدهشته لم يجد الفلوس .. قام بوضع كل محتويات (رف الملابس) على السرير .. الفلوس كأنها فص ملح وذاب ! - يا نعمات يا نعمات شلتى ليكى قروش من هنا؟ - قروش شنو كمان يا راجل !! يعمينى - كدى أسألى أولادك ديل ما شالو ليهم قروش من الدولاب ده - أولادى ديل ما قاعدين يشيلو ليهم حاجة ما بتاعتهم .. أقعد فى الواطة وخت فى قلبك الرحمن وفتشهم بتلقاهم وبدأ (مأمون) فى البحث و(التدوير) من جديد ، أخرج محتويات كل (الضلف) ، تكومت أرتال الملابس على (السرائر) والكراسى وفى كل مكان .. ولكن ليس (للفلوس) أى أثر !! - شنو يا نعمات ؟ يعنى البيت ده مسكون إلا يكون جانا حرامى بالليل ونحنا ما شاعرين ! (نعمات قلبها ياكلا وتتجه نحو المطبخ حيث تضع مصروف البيت فى علبة لبن ) : - (وهى تصيح بأعلى صوتها فى خلعة) : سجمى .. سجم خشمى المصروف إتسرق !... نحنا إتسرقنا .. ما إن إنتهى (مأمون) من ترديد كلمة (حرامى) حتى سمع جاره (كامل) وهو (يكورك) ويصيح : - معقولة بس يا نعيمة ؟ يعنى جانا حرامى؟ - مالك يا راجل قول بسم الله فى شنو؟ - (إيراد الحافلة ده) السواق جابو بالليل ختيتو بى إيدى تحت المخده دى ونمت ألاقيهوا مافى؟ - قول بسم الله يا أبومحمد القروش دى أظن ختيتا فى محل تانى - محل تانى بتاع شنو؟ بقول ليكى ختيتا تحت المخدة النائم فيها دى ما أن خرج مامون ليستطلع الأمر حتى وجد الشارع يعج بالناس .. عوض سيد الدكان .. محمد بتاع اللبن .. الهندى بتاع الجرايد .. هويدا بتاعت الاتصالات .. وجميعهم (يلطمون) وقد إستولت عليهم (الحيرة والذهول) يعلنون بان هنالك من سطا على محالهم وإستولى على الفلوس وعدمهم (نفاخ النار) - يا جماعه كدى إستهدو بالله الظاهر دى عصابة عارفا عننا كلو حاجة أحسن نمشى نبلغ البوليس ! قالها لهم (شيخ التجانى) إمام مسجد الحى والذى تحسس جيبه فى ذات اللحظة ليجد ان (قروش الإيجار) التى كان مفترض أن (يوديها) لسيد البيت قد (إختفت) ! إتجه الجميع صوب (قسم الشرطة) الذى ما أن وصلوا إليه حتى شاهدوا جماعات وحشودا من المواطنين يتكدسون حوله وكلهم يفيدون بسرقة ما كان لديهم من نقود ، لم يمض وقت طويل حتى خرج إليهم (مدير القسم) ليعلن لهم أنهم فى القسم كذلك لم يجدوا (الفلوس) التى كانت موضوعة (كمعروضات) لديهم .. تكرر هذا المشهد فى كل أقسام الشرطة وفى كل المؤسسات والشركات والبنوك وكانت الشرطة قد دونت بلاغات لعدد من صرافى البنوك والشركات والمؤسسات كلها تعلن عن فقدانها (للفلوس) التى بحوزتها ! وجدت الحكومة نفسها فى موقف لا تحسد عليه فحتى (خزائن) البنك المركزى أضحت خاوية (ما فيها التكتح) ، ، توقفت الصحف عن الصدور (الناس ح تشتريها بأيه )، توقف المواطنون عن العمل (ح يدفعو ليهم رواتب من وين) توقفت حركة الحياة تماماً . إزاء هذا الوضع الغريب كان لابد من وجود خطاب إعلامى حكومى يوضح هذه الظاهرة الغريبة ويميط اللثام عنها ويقوم بتطمين المواطنين الذين أصابهم الهلع والذعر فقام (الناطق الرسمى) بكتابة خطاب تم إرساله على وجهه السرعة إلى مبانى التلفزيون حيث عهد إلى المذيعة (إلهام قدر ظروفك) بقراءته والتى كانت فى غاية التوتر إذ أنها وهى طالعة تذيع الخبر (هبشت) شنطتها فوجدت أن (قروش الصرفة) التى إستلمتها يا (دوبك) قد إختفت هى الأخرى . - قامت بعض العصابات المسلحة بسرقة بعض المواطنين والحكومة تناشدكم الهدوء وضبط النفس وتعد المواطنين بجبر الأضرار التى تعرضو لها وذلك بدفع التعويضات المناسبة لكل مواطن ! ما أن إنتهت المذيعة من إذاعة الخطاب حتى اتصل أحد كبار المسئولين بالتلفزيون : - أدونى مدير التلفزيون ؟ - أهلاً سعادتك معاك مدير التلفزيون - إنتو بتجيبو الكلام ده من وين؟ - كيف سعادتك ؟ ياتو كلام؟ - الكلام القالتو البت المذيعة دى قبل شوية فى البيان بتاع الحكومة ! - قالت شنو سعادتك ؟ - شنو قالت شنو؟ البت المذيعة دى غبيانة بتألف من عندها ؟ القال ليها الحكومة ح تدفع تعويضات للناس دى منو؟ ح نجيب للناس دى تعويضات من وين؟ البلد ما فيها تعريفة حمراء إلتزم الجميع الهدوء وسكنوا إلى منازلهم .. وح يطلعو علشان شنو؟ (قروش ومافى) ! إختفى الباعة المتجولون و(بتاعين الجبايات) و(العوائد) و(الضرائب) و(النفايات ) وإختفى كذلك رجال المرور من الطرقات (عشان مفيش عربات يا وحشين!) مش العربات بتمشى ببنزين والبنزين بى قروش !!؟ طيب رجال المرور ديل يقيفوا عشان شنو؟ ؟ خلت البلد تماماً من (النشالين) والسماسرة والشركات الوهمية وطلبات السلفيات والقروض البنكية (المن غير سقوف ، أصبح الناس يتلفتون (ذى التلفت الهسه ده) ويتساءلون دون أن يجدوا إجابة : - قروش الجن دى مشت وين !!!!