مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات: نقد ساخر
عامل مجنون !
نشر في الرأي العام يوم 29 - 02 - 2008

أشرقت الشمس كعادتها على ذلك الحى الشعبى ، بدأت (الديوك) بالصياح وبدأ باعة (اللبن) ينتشرون ثم ما لبثت الشوارع أن إمتلأت بالمارة ، داخل منزل قديم متآكل يستأجره الأستاذ (عزام) الموظف بإحدى المصالح الحكومية وزوجته (عزيزة) بدأت الحياة تدب ، المشهد العام للمنزل من الداخل لا يوحى بالراحة فأثاثات المنزل القديمة المتسخة مبعثرة هنا وهناك حيث يحتاج التمييز بين الثلاجة ودولاب الملابس إلى تركيز شديد لمعرفة أيهما يتدلى منه سلك الكهرباء ، ملابس (الأولاد) ملقاة في إهمال هنا وهناك تمتزج بأوراق الكراسات والكتب المهملة المبعثرة هنا وهناك فجأة إرتفع صياح طفلتهما (الرضيعة) مما جعل (عزام) ينقلب على سريره فى كسل وهو يخاطب عزيزة : .................................................................... - يا فتاح يا عليم .. يعنى الواحد أصلو ما ينوم ويصحى على راحتو؟ - قوم يارااااااااااااجل هى الدنيا دى فيها راحة؟ - (إستدار إلي الناحية الأخرى وقد اعتاد على هذه الأسطوانة) : عليكى الله خلينا من (الحكم الصباحية) بتاعتك دى - حكم ما حكم قوم امسك البت دى خلينى أمشى أشوف البيت (الفاضى) ده كان ألاقى ليا حاجه أعملا فطور للأولاد ديل - (عزام) وقد بدأ في تحريك جفنيه : مالك يا (عزيزة) من الصباح ..؟؟!! الناس تصحى تقول صباح الخير وإنت طوااالى قايمة من الصباح (نقه) ! - (عزيزة) وهى تقف حاملة الرضيعة التى لا زالت تبكى وتصرخ : أنا هسع قاعده (أنق) فيك دي آخرتها.. مش كده ؟ أقول ليك قوم جهز روحك أمشى الشغل أكون نقناقه مش كده ..يعنى أخليك تنوم عشان تمشى متاخر وبكرة يفصلوك من الشغل قدر (ماهيتك) التعبانه دى (قريشاتا) ما نلقاهن .... هسع سيد البيت ده قال لو ما حضرت ليهو إيجار الأربعه شهور المتأخر ح يرفع عليك قضيت إخلاء .. وناس النفايات أمس جابو ليك إنذار ليك تلاته شهور ما دفعت ليهم .. وولدك الكبير ده قالو ليهو لو ما جبت قسط (الكليه) ما بتمتحن والبت عاوزة رسوم الإمتحانات و(حماده) جزمة يمشى بيها الروضة ما عندو و(عباس) سيد البقاله رفض أمس يدينى (سكر) قال لمن تدفع ليهو القديم والجمرة قاطعه ليها يومين !! - (عزام) يقوم ببرود قاتلأً : عارف ... عارف .. عارف .. أها قمتا - (عزيزة فى زهج) : هسع ح تعمل مع الناس ديل شنو؟ (عزام) ينهض متكاسلا من السرير (المتهالك) وهويردد : - أعمل شنو ؟ ودى حاله يعملو فيها حاجه ؟ يعنى أجيب ليهم من وين؟ خرج عزام من منزله متجها إلى (موقف المواصلات) وهو يردد: - دى حالة ؟ هسه الواحد يعمل شنو؟ أجيب هسه للناس دى قروش من وين؟ ده يا دوبك الماهية تسدد قروش عباس سيد البقاله .. طيب و(حق الإيجار) و (قسط الولد) و(رسوم البت) والجمره وجزمت حماده !! .. لم تمض دقائق معدودة حتى وجد (عزام) نفسه دون أن يشعر يقف في (الموقف) فى إنتظار (حافلات الخرطوم).. طال إنتظاره إذ أن معظم سائقى الحافلات يفضلون (الخطوط الداخليه) عن الذهاب إلى الخرطوم نسبة لأن الحافلة فى تلك الأوقات الصباحية تعود (فاضية) من هنالك ، وقف (عزام) تحت أشعة الشمس الحارقة طويلا وهو يراقب (الحافلات) طال إنتظاره .. وتخطى المدة التي ينتظرها كل يوم بكثير.. بدأ (يلف) في المكان بين الجماهير الغفيرة التي تنتظر وهو يقف في منتصف الطريق حتى لا يسبقه أحد إذا ما جاءت الحافلة بحيث تكون له أسبقية الركوب .. مرت الدقائق ثقيلة جدا.. قبل أن تدخل إلى الموقف (حافلة) ويتعالي صوت (الكمسارى) - إستاد .. خرطوم إستاد .. فجأة حدثت ألانتفاضة.. تحول الموقف بأثره إلي بركان ثائر... الجميع يجري صوب الحافلة كسهام مندفعة.. والكل يحاول أن يحجز له فيها مكاناً لا تمتد به الوقفة في هذا المكان طويلا.. تدافعت الأيدي نحو باب الحافلة كأيدي الأخطبوط الكل يحاول أن يتشبث بالباب.. . فنجح منهم من نجح وأخفق منهم من أخفق.. أما هو فقد تشبثت يده (بيد باب الحافلة) في اللحظة الأخيره وترك نفسه لجموع البشر التي دفعته إلي داخل الحافلة دفعا تحت تأثير التيار العاتي ..ولم يدر بنفسه إلا وهو في منتصف الحافلة.. حيث تشبث بمكانه في إستماتة .. وهو يبتسم ابتسامة الظافر كمن حسمت له المسابقة.. تلك المسابقة التي يخوضها يوميا للحاق بالحافلة.. ما أن تحركت الحافلة حتى بدأ الكمسارى فى فرقعة أصابع يده وهو يمسك بالأخرى على (الفكة) - تذاكر يا أستاذ - إنت معاى أنا؟ - طبعا يعنى مع منو ! أدخل الأستاذ عزام يده فى جيب البنطلون اليمين .. الخلفى .. الشمال .. القميص .. تذكر أخيرا أن (الفكة) التى هى كل ما يملك كان قد وضعها (تحت المخدة على السرير) مع (بطاقته الشخصية) ! - والله ياخى الظاهر ... - الظاهر وإلا الباطن والله إنتو الحكايه دى عملتوها كتيرة ومسيخة - حكايت شنو؟ بقول ليك أنا ........ - أنا بتاعت شنو إنت من الصباح الزول العشرين يقول كده بالله فكونا .. لو ما عندك ما تقول عديل ما عندى شنو نسيت وما بعرف شنو - يا زول أنا نسيت وبطل كلامك الفارغ ده !! إنت حيوان كانت (إنت حيوان) هى آخر عبارة نطق بها الأستاذ عزام قبل ان يفيق من (الغيبوبة) التى دخل فيها لعدة ايام نتيجة لتلقيه (بوكس) على رأسه من قبل الكمسارى الذى إتضح أن كلمة (يا حيوان) التى قالها له أستاذ عزام تسبب له نوعا من الجنون المفاجئ .. رحلة بحث لم يعد (عزام) فى موعده فى ذلك اليوم .. إنتظرته عزيزة والأولاد فهو قد إعتاد أن يقوم بإحضار (رغيف الغداء) معه كل يوم فى طريق عودته من المصلحة .. عندما بدأ الليل يرخى سدوله بدأ القلق ينتاب (عزيزه) إذ لم يعودها عزام على التأخر .. قامت بالذهاب إلى منزل زميله (مأمون) الذى يعمل معه فى ذات المكتب بالمصلحه والذى يسكن فى الحى المجاور .. - والله (عزام) ده الليله من الصباح ما جاء المكتب .. أنا قلت يكون عندو ظروف!! - والله طلع فى مواعيدو ذى كل يوم قال ماشى الشغل .. هسه يكون مالو - ما تشفقى إن شاء الله يكون خير - أها ونسوى شنو؟ - إحتمال يكون فى حاجه بسيطه خلينا كدى نفتش أقسام البوليس تكون حصلت مشكله ولا حاجه !! يومان قضاهما (مأمون) وبعض اقرباء (عزام) فى البحث عنه فى جميع أقسام الشرطه ولكن البحث لم يسفر عن شئ مما حدا بمأمون أن يخاطب عزيزة فى حزن : - والله بعد ده إلا نفتش فى المستشفيات فى إستقبال مستشفى (الحوادث) : - والله بنسأل لينا عن زول مختفى وما لاقنو ؟ - إسمو منو ؟ وجاء متين ؟ - إسمو (عزام أحمد عزام) زول أخدر نحيف كده عندو شويت جلحات كده ، إختفى قبل تلاته يوم كدا - (يقلب فى الدفتر الذى أمامه) : والله قبل تلاته يوم ما عندنا زول دخل بالإسم ده .. لكن بتذكر إنو فى واحد جابوهو بيشبه الوصف بتاعكم ده .. أخدر وعندو جلحات ونحيف لابس ليهو بنطلون (كحلى) وقميص (أبيض) .. مضروب فى راسو !! - وين هو هسع - فى (عنبر الجراحه) .. الطابف الأول بس تطلع السلم داك وتلف يمينك!! عزام فى العنبر عندما دخل (مأمون) و(عزيزة) إلى العنبر ومعهما (حماده) فوجئ الجميع بعزام وهو ممدد على أحد الأسرة وهو يقوم بتحريك رأسه فى صعوبة وعلى رأسه تلتف عددا من (الضمادات) بينما الممرضه التى تقف إلى جانبه تصيح مخاطبه الطبيب الذى كان يمر فى العنبر :: - المريض بدا يفوق يادكتور هرع الطبيب علي الفور بمجرد سماعه العبارة.. فاقترب من الفراش الذي يرقد عليه ... حيث كانت (عزيزة) تقف بجواره في خنوع ودموعها تغرق وجهها والذى ما ان رآها حتى خاطبها فى وهن وضعف ظاهرين : - ( أنا وين...؟؟)... فقالت له زوجته .. (أنت هنا يا عزام أنا عزيزة مرتك ) نظرإليها باستغراب شديد من تحت كومه الضمادات التي تحيط وجهه - وده (مأمون) زميلك .. وحماده ولدك - (بصوت خافت متسائلا) : ( عزيزة منو؟؟) ومأمون منو وحماده منو ؟ ضربت ( عزيزة) صدرها بيدها صارخة في الطبيب ... - سجمى يا دكتور ... سجم خشمى يادكتور ده ما عارفني!!!! تبادل الطبيب والممرضة بعض الحديث الهامس راعى ألا يصل لمسامع زوجته ( عزيزة ) - يكون فقد الذاكرة يا دكتور ؟ داخل المستشفى فى حجرة عزام الذى كان ممددا على السرير بينما بعض الأسلاك والأجهزة موصلة برأسه الملئ بالضمادات كان الهرج يملأ (العنبر) إذ أن الوقت كان وقت زيارة فى صعوبة بالغة إستمعت الممرضة للدكتور قبل أن يغادر الغرفة وهو يقول لها : - ما تكلمى زوجتو أحسن تقوم (تجوط) لينا الدنيا لغاية لمن نتأكد من الكلام ده ينظرعزام الى زوجته نظرة تملؤها التساؤل ويدقق فى وجهها فى تركيز كأنه لم يرها عمره ويقول لها : - قلتى ليا انتى منو؟ تسمر وجهها عندما لم يعرفها ونظرت إليه كالمصعوقة وقد تجمدت ملامحها تماما وهوة ينظر اليها بدهشة غريبة كأنه فعلا لا يعرفها ويقول لها : - انتى مالك بتعاينى ليا كده فى شنو؟ مالك؟ وردت عزيزة : - معقولا يا عزام انت ما بتعرفنى ولا شنو؟ أنا مرتك يا خوى سلامت عقلك ما متذكرنى والا شنو؟ يرد عليها عزام : - نعم؟ ... انتى بتقولى شنو؟ مرتى ؟ شوفى يا زوله أنا لا بعرفك ولا حاجه أنا أول مرة أشوفك؟ - مواصلا- كمان قولى ليا (حماده) القلتيهو دا ولدى !! خرجت (عزيزة) من الغرفة وهى فى حالة يرثى لها وهى تبحث عن الممرضة حتى وجدتها : - شنو الحصل للراجل ده ما ؟ ما عرفنى كلو كلو ؟ - حالة نسيان مؤقتة بإذن الله ح يخف بسرعه ما تقلقى عليهو - نسيان ؟ سجم أمى يعنى راجلى نسانى ! (تبدأ فى البكا) !! -كدى اهدى كدة الراجل ده ما ما عندو حاجه .. شويت الضربه الفى راسو دى وح يخف منها بس يوم يومين .. الإنتى بتعملى فيهو ده غلط - أقول ليكى راجلى نسانى .. ما عرفنى ... تقولى ليا غلط انتى عايزانى اعمل شنو يعنى؟ - (وقد استنفذت كل ما لديها من ذوق) : يا ست كدة غلط ؟ المرضى الفى العنبر ديل عاوزين هدؤ ردت عليها عزيزة : - خلاص طيب أرجعى معاى الغرفه للدكتور بتاعك دة ... لمن اشوف عملتو لى فيهو شنو كضمتوهو ليا كده وخليتوهو ليا (طاشى شبكه) !! ما أن دخلت الممرضة ومعها (عزيزة) إلى غرفة (عزام) حتى وجدتا السرير (فاضى) ، وعزام غير موجود : - يا حماده أبوك مشى وين؟ - طلع بالباب ده عزام تائه خرج (عزام) الى الشارع الرئيسى وهو لا يعرف اى شئ من حوله كل ما كان يريده هو ان يخلص من من حكايت (المرا) والأولاد والدكتور والممرضه والمستشفى والدوشه . أخذ ينظر فى وجوه الباعة والمواطنين والعربات والزحمة فى بلاهه ، أمسك بأحد المواطنين وقام بسؤاله : - العربات والزحمة والناس الكتييييره دى جايه من وين؟ اجابه الرجل بدهشة : - إنت مش عارف إنو ساعات الشغل غيروها والناس بقت تطلع هسه يعنى الساعه أربعة ؟ الناس دى راجعه بيوتا تعجب الرجل بشدة من سؤال (عزام) وضرب كفاً بآخر ومضى فى طريقه بينما كان (عزام) يقف مندهشا مما يفعله هولاء الناس فقد كان كل ما حوله جديد عليه تماما . . فهو لأول مرة يرى هذه المخلوقات (الكئيبة) التى تهرول في عجلة . - عليك الله يا ولدى (السوق المركزى) بى وين ؟ - قلتى شنو يا حاجه؟ - قلت ليكا (السوق المركزى)وين؟ مالك بتعاين ليا كده؟ ظل محملقا في وجهها دون أن ينطق . . ما جعل المرأة بعد برهة تنتفض مبتعدة عنه و هي تقول : - أستغفر الله العظيم . . (سكران)؟؟ هى متين الواطا (فللت) تابعها بنظره مندهشا الى أن غابت في الزحام فالتفت ليكمل طريقه عندما ارتطم برجل ضخم الجثة الذى حدجه بنظرة غاضبة وهو يقول : - متعاين قدامك .. انت (مسطول) ؟! - (فى براءة) : لأ - شنو انت بتهظر ؟ - (بمنتهى البراءة) : لأ والله أمسك الرجل بتلابيب عزام في مشهد (كوميدي) فالرجل ضخم الجثة بينما (عزام) يعانى (النحافة المفرطة) - مش تفتح عيونك ديل .. حركات النشالين دى إنتو قايلين نحنا ما بنعرفا ؟ احساس شديد بالبلاهة يغمر ملامح (عزام) الآن . . خصوصا مع تجمهر الناس حوله وتعالي أصواتهم : - يا جماعة والله أنا ما من هنا وما قاصد (أخش) فى الزول ده وما شايفو - هسه زول طويل وعريض ذيى كده ما بتشاف ؟ يا حرامى يا نشال - (متطوع من الجمهور) : كدى يا إبن العم شوف قروشك فى؟ - (وهو لا زال يمسك به يقوم بتفتيش المحفظة فى جميع جيوبه) : ما قلت ليكم الزول ده نشال .. أهو قروشى إتسرقت .. !! بينما كان الرجل الضخم يمسك بتلابيب (عزام) ويجره نحو القسم كانت جموع المتجمهرين تردد - ياهو ياهو .. النشال .. ياهو ياهو قال عزام بعض الكلمات التي لم يتبينها أحد بالطبع بسبب تعالي الصيحات و الاعتراضات و المطالبات بتسوية الموضوع
بدلا من الذهاب إلى القسم والبهدلة كما قال أحد المتجمهرين ولكن بلا أي جدوى فى القسم وجد عزام نفسه وجها لوجه امام ضابط القسم متهما بالنشل و ....نظر إليه الضابط من أعلاه الى أسفله وقام بالدوران حوله كم دورة ثم وقف قبالته وحدجه بنظرة معناها ( ما تعمل لينا فيها حركات أحسن تعترف وتتخارج) ثم خاطبه والشرر يتطاير من عينيه : -انت بتنشل براك ولا معاك ناس تانين ؟ - أكيد الزول ده هو السرقو يا سعادتك .. ده الظاهر بتاع مشاكل شوف راسو مخيط كم غرزه؟ - نخليهو يعترف يا جنابو !! خمسه دقائق (الطيارة قامت) ويورينا سلم المحفظة لمنو؟ ويجيب الناس المعاهو - لا يا (شاويش حسين) هو هيجيب المحفظة براهو !! هنا كانت الدموع بالفعل تترقرق في عيني (عزام) وهو يقول صارخا - والله يا جماعه أنا ما نشلت الزول ده .. أنا بس خبطتو وما كنت شايفو .. يكونو نشلوهو الناس الجو وقفو يعاينو - أيوه خبطتني ولميت الناس واصحابك هم النشلونى إنت قايلنا ما بنعرف حركاتكم دى - ورينا الناس البنشلو معاك يا زول !! - (عزام وقد تقطعت أنفاسه) : (أ أ أ ن ن نا يا يا جنابو لا بنشل ولا حاجة بس الزول ده ما شفتو وخبطت فيهو بس - خبطت فيهو وقام صاحبك ناشلو ؟ مش كده ؟ - مواصلاً: - ما تضيع زمنا إعترف وما تتعبنا عشان ما نقوم (ندورك) هسه! - انا ح أعترف يا سعاتك بس قول عاوزنى أعترف ليكم بى شنو؟ - شنو عاوز تعمل لينا فيها يعنى (مجنون) ؟ - لا والله .. لا مجنون ولا حاجه أنا قلت ليكم ما نشال !! ينظر اليه الضابط وقد نفذ صبره مخاطباً : - طيب ما نشال شغال شنو ؟ رجل أعمال - أصلو .. فى الحقيقه .. يعنى - شنو إنت ح تقدم ليا برنامج ؟ إنت ما عارف شغال شنو؟ - تصدق بالله يا سعادتك ؟ - (بزفرة حادة) : الله يطولك يا رووووح .. طيب إسمك شنو؟ - (وهو يرتجف) : أصلو أنا فى الحقيقه - أصل شنو وفصل شنو؟ كمان اسمك ما عارفو؟ - فى الحقيقه يا جنابو أنا أصلي ما عارف اسمي .. وما عارف ذاتو شغال شنو .. - (وقد بدأ يفقد آخر قطرة صبر) : أيوااا عاوز تعمل ليا فيها (أطرش) طيب (نشوووف)- مواصلا- يا شاويش دخل الزول العامل فيها مجنون ده الحراسه !! داخل الحراسة كانت هناك اثنتين وعشرين كتلة بشرية داخل حجرة (حراسة القسم ) إضافة إلي بعض الكتل «الحشرية» الأخري والتي لا يستطيع جهاز (التعداد والأحصاء) معرفة أنواعها وأعدادها من ذباب مختلف الأشكال والألوان والأنواع وبعوض ونمل وصراصير ورغم اختلاف القضايا التي زج بسببها هؤلاء جميعا إلي هذا المكان إلا أنهم يشتركون تقريبا في نفس الملامح مع اختلاف أماكن هذه الملامح علي وجوههم ، أمضى عزام ليلته في (حراسة القسم) وهو لا يعرف أين هو ولا كيف أتت به الأقدار إلى هذا المكان (الغريب) .. تفرس الوجوه التي حوله بتمعن وبدأ قلبه بالخفقان السريع حتى كاد جميع من في الغرفة سماعه : - مالك يا فرده ؟ متهم بى شنو؟ قالها الرجل الذى يستند على (الحائط) ويفترش بعض الصحف القديمة وعلى وجهه آثار جروح و(غرز) قديمة : - لا مافى حاجه والله ما عملت حاجه - كلنا بنقول كده !! الأخ (هواء) وإلا (مويه) وإلا (كرب) ولا شيكات ؟ كان (عزام) يستمع الى هذه (المصطلحات) لأول مرة فى حياته لم يفهم معناها .. قبل أن يرد على سؤال الشخص الذى (يفترش الجرائد) كان قد إستغرق فى النوم فقد كان مجهداً !! عزيزة عاملة أيه: عزيزة في منزل والدتها ...تجلس وحولها أطفالها يتفننون في احداث أكبر قدر من الضجة كالعادة تبدو من هيئتها وعينيها المتورمتين أنها كانت تبكي ... - ياعزيزة يابتي وبعدين معاك - لكن أسوى شنو يمه ما خليت حته ما سألت فيها .. للمشرحه مشينا!! - لاحول ولا قوة الا بالله يابتي - اهدي بس ان شاء الله ح يرجع ! - يرجع كيف يمه وهو ما عارف أى حاجه ؟ - شوفى يا بتى جارتنا (فوزيه) دى راجلا شغال ليهو فى واحده من (الجرائد دى) أحسن تمشى ليهو وتشيلى صورت راجلك دى وتخليهو يعمل ليكى (خرج ولن يعود) - تفى من خشمك يمه (لن يعود) دى شنو؟ إسمها (ولم يعد) - (لم يعد) لن يعد بس إنتى ودى ليهو الصورة وخليهو يعمل ليكى إعلان إحتمال زول يعرفو يوريكى بكانو وين !! بدت الفكرة لعزيزة (مش بطاله) قامت بالبحث عن صورة لعزام حتى وجدتها أخيراً بأحد الأدراج ، فى اليوم التالى وعلى احدى الصفحات الداخلية لأحدى الصحف ظهرت صورة عزام وعليها الإعلان التالى : خرج ولم يعد المواطن عزام أحمد عزام البالغ من العمر 46 عاما من منزل أسرته ولم يعد يرتدى بنطلون كحلى وقميص أبيض وينتعل حذاء اسود ، يضع على راسه ضمادات من أثر جرح جديد ، فاقداً للذاكرة الرجاء من يتعرف عليه تسليمه الى أقرب نقطة شرطة . فى المحكمة قضى عزام ليلته فى (الحراسة) وفى الثامنة من صباح اليوم التالى تم إخراجه ومعه جميع من فى الحراسة فى طابور طويل إتجه بهم إلى أمام غرفة القاضى التى تتوسط القسم - بالله دخل الزول العامل لينا فيها (مجنون) ده أول زول قالها (الشاويش حسين) وهو يخاطب (حاجب المحكمة) الذى كان يمسك بأوراق القضايا ، والذى سرعان ما قام بتنفيذ الأمر وهو يقوم (بدفر) عزام إلى داخل غرفة القاضى الذى قام بوضع الصحيفة التى كان يقرأ فيها جانبا وقام بفتح يومية التحرى التى سلمها له المتحرى : - إسمك وسنك وعنوانك !! - أصلو .. فى الحقيقه .. يعنى - شنو؟ ما تتكلم .. كمان إسمك ما عارفو؟ - يعنى فى الحقيقه أصلو انا القاضى يتمعن فى وجه عزام مليا .. يقوم بفتح (الصحيفة) التى كان يطالع فيها .. ثم ينظر إليه من جديد ... ثم يهز رأسه ويمد يده بالصحيفة الى عزام قائلا : - ده مش إنت ؟ بينما كان عزام ينظر إلى صورته ويقوم بقراءة الإعلان كان القاضى يمسك بالقلم ويكتب حتى إذا ما إنتهى رفع رأسه قائلا : - لقد وجدت المحكمة المتهم (عزام أحمد عزام) بريئا ذلك لإصابته بفقدان فى الذاكرة على أن يتم تسليمه إلى ذويه !! لدهشة القاضى فقد خاطبه عزام قأئلا : - يا مولانا ده ما أنا !! واصل قضيتك بالله ..الواحد لو عاوز يتخارج من الحياة الصعبه دى ويعمل (مجنون) ما تخلوهو !!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.