يثير اسامة عبد الله - المدير التنفيذي لوحدة تنفيذ السدود - الجدل عندما يمارس هوايته غير المحببة في الإختباء من وسائل الإعلام ويلتزم صمتاً في الغالب غير بليغ تجاه قضايا تحمل على الصراخ رغم مسؤوليته المباشرة عنها. غير ان جدلاً من نوع آخر، أثاره الرجل أخيراً بحديثه لا بصمته هذه المرة، عندما قال لمرؤوسيه في احتفال معايدة عيد الفطر إن الطاقة المستغلة من كهرباء سد مروي تمثل (58%) من الطاقة الكلية بينما (42%) من كهرباء السد فائضة عن حاجة الشبكة القومية وغير مستغلة بناءً على طلب مركز التحكم بالهيئة القومية للكهرباء!!. ---- وكما هو معلوم، فإن وزير الطاقة الزبير أحمد الحسن، قد رد تحية أسامة تلك بأخرى اشد حرارة منها، وقال في مؤتمر صحفي خصصه فيما يبدو لحديث أُسامة، ان هيئة الكهرباء تستغل كل المنتج من سد مروي، وهو الحديث الذي أشار إلى وهن السقوف التنسيقية بين الهيئة والسد، وإنتهاء العسل بينهما بعد ان استمر لبضعة شهور. المواطنون الذين هتفوا كثيراً للسد بوصفه أحد أكبر الانجازات الوطنية والتنموية التي شهدتها البلاد على مر تاريخها، بدوا في حيرة من أمرهم، فهم لا يعرفون من يصدقون.. الوزير أم المدير؟ غير ان الاجابة لم تكن تعنيهم كثيراً، فهم قد اعتادوا على رؤية هكذا صراع، المهم ان تتعارك الافيال بعيداً دون ان يلحقهم اذى، ولما كان هذا الأمر غير ممكن في الصراع الاخير، فان المواطنين كانوا معنيين بالدرجة الأولى بأن تتوافر لهم الكهرباء وان لا تمارس انقطاعها بصورة ربما كانت غير مسبوقة حتى قبل دخول كهرباء سد مروي التي طال تجريبها. وعلى خلفية ذلك، ظل أُسامة السد، كما يطلق عليه البعض، قاسماً مشتركاً في احاديث المدينة ونقاشات المهتمين الذين وجدوا متسعاً من الوقت لذلك بعد ان توقفت اعمالهم بانقطاع الكهرباء، الحديث كان يدور حول شخصية الرجل.. ايجابياته وسلبياته، ومدى مسؤوليته عما حدث وهي ذات المحاور التي تلامسها هذه المادة وتحاول ان تسلط عليها بعض الاضواء الكاشفة. رشح اسم أسامة مرة اخرى في الايام الفائتة إبان انعقاد المؤتمر الثالث للمؤتمر الوطني عندما كان الحديث يدور حول ضرورة تصعيد الشباب الى المكتب القيادي الذي احتكره «الكبار» لفترة طويلة، ولكنه انسحب من انتخابات المكتب القيادي. والملاحظة ان أسامة الذي تبقت له - حسب أحد اصدقائه المقربين - بضعة اشهر للدخول في عامه الخمسين، يشار إليه عندما يكون الحديث عن احتمالات التصعيد للشباب رغم لحيته البيضاء التي تنسج لبشرته السمراء غموضاً يلفه ببدلته السفاري. وأكتنف الغموض عمله التنظيمي في قطاعي الشباب والطلاب بالحزب وعمله التأسيسي للشرطة الشعبية إلى جانب عمله كمنسق للخدمة الوطنية،وأخيراً عمله في سد مروي. لكن تقارير اخرى، ترى في الحديث عن اخفاقات وغموض تحاملاً على الرجل فبرأيهم مثلاً ان أسامة يتحمل جزءً من مسؤولية انقطاع الكهرباء، ولكنه بالطبع لا يتحملها كلها، فقد كانت له في مواقع عمله اشراقات عديدة. وأجمل كمال حسن علي وهو احد اللصيقين بأسامة وكان قد خلفه في امانة قطاع الطلاب ومنسقية الخدمة الوطنية، أجمل تلك الاشراقات في اسهامه مساهمة كبيرة في نقل الخدمة الوطنية الجديدة والكبيرة لدرجة اضحى معها للخدمة دور وملموس في دعم كافة القطاعات بفضل ترتيب أسامة لإدارتها وإرتقائه بمستوى الاداء - فيها حسب كمال. اهتمامات أسامة بالعمل التنظيمي الطلابي ليست جديدة، فرغم مولده ونشأته في جزيرة مساوي ذات النفوذ المطلق للطائفة الختمية والاتحاديين، إلا انه كان أول طالب يتولى مسؤولية الأمين العام للاتجاه الاسلامي بجامعة الخرطوم وهو لم يزل بعد طالباً في السنة الأولى، ودفع ثمن ذلك غالياً عندما لم يستطع الجمع بين الاختين «الدراسة والسياسة» فطلق الأولى، وصعد في الثانية على نحو لم يعرف التدرج. ليتقلد الكثير من المواقع بالغة الحساسية بحكم قدراته الشخصية التي اكتشفها د.حسن الترابي الذي كان يشبهه آنذاك بأسامة بن زيد، ويحبه جداً قبل المفاصلة، إلى جانب علاقته ومنذ كان طالباً بمسؤول الجهاز الإداري للتنظيم وقتها علي عثمان محمد طه - المحامي - ثم علاقته بالدكتور عوض الجاز فيما بعد. لهذا كله، فمن غير المفهوم ان يصمت الرجل طويلاً هكذا ويبتعد عن العمل الجماهيري وعن الحديث، إن لم يكن يعتقد كما قال زميله في جامعة الخرطوم الصحافي عمار محمد آدم ل (الرأي العام) في مادة مماثلة اعدها الزميل عبد الغني أحمد إدريس قبل اربع سنوات، من ان اسامة لا يعتقد انه في حاجة الى العمل الجماهيري، يكفيه فقط برأيه سند من هم أعلى. فيما تقول تحليلات مغايرة، ان انجازات الرجل لا ينكرها إلاّ من كان بعينه رمد، حيث تشير الباحثة ونائب أمين قطاع الطلاب بالمؤتمر الوطني سناء حمد الى ان أسامة ترك بصمات واضحة في كل المواقع التي عمل بها، ونوهت الى انه من أكثر الناس حرصاً على الملفات التي يمسك بها، فهو يقتلها بحثاً، ويتمتع بمقدرة عالية على الصبر، ويمثل قدوة في سلوكه وتعففه الى جانب حرصه على العلاقات الاجتماعية خارج العمل. وعزت سناء بعد ان وصفت أسامة بالناجح، نجاحه إلى انه «بيحرس» الاشياء المكلف بها، ويجيد اختيار الكادر الذي يعمل معه، واتفق معها في ذلك الزميل الصحافي رحاب طه الذي عمل طويلاً في القطاعات الطلابية، وقال إن أسامة في العمل التنظيمي احدث نقلات كبيرة في إطار امانتي الشباب والطلاب، ونوه إلى قدرات خاصة قال إن أسامة يتمتع بها، واضاف، من الاشياء الايجابية انه يعطي الذين يعملون معه حرية العمل مع مراقبة إدارية ذكية. «دعكم من ايجابياته، فليس من اختصاص هذه المادة الخوض فيها أكثر نريد التعرف على سلبياته» سؤال طرحته على سناء حمد والصحافي رحاب طه، فاختلفت النظرة لسلبيات أسامة باختلاف الزوايا التي نظرا منها، ففيما قالت سناء إن من سلبيات أسامة صفويته، إلى جانب إدارته القابضة التي يدخل معها في تفاصيل التفاصيل، فقد ذهب رحاب الى القول بأن أسامة يحاول القفز فوق المؤسسات احياناً رغم قدراته التي تمكنه من انجاز ما يريد وفقاً للمؤسسية، هذا الى جانب ان بعده عن اجهزة الاعلام في فترة من الفترات اضرت كثيراً بالتكاليف الموكلة إليه. وحينما سألت موسى طه، وهو من الذين عملوا مع أسامة في محطات عديدة ومن المقربين منه عن سلبيات أسامة، لم يتقيد بالسؤال كثيراً، عندما وضع اسفله هذه الاجابة «هو رجل حاسم وحازم ويتمتع بطاقة وحيوية ما عادية، لا يعرف اليأس في تنفيذ المشروعات الموكلة إليه وينفذها بكل الوسائل، وله مقدرة كبيرة على العمل الميداني والمتابعة التنفيذية اليومية». وقتها، قلت لطه، وما فائدة تلك المتابعة التي تتحدث عنها لسد مروي مثلاً إذا كانت المحصلة النهائية انقطاع للكهرباء على نحو غير محتمل؟ فكان ان رد بقوله: المطلوب من سد مروي تغذية الخطوط الرئيسية، أما التوزيع وكل العمل اللوجستي فهو مسؤولية الهيئة القومية للكهرباء. وفي السياق ذاته، مضى رحاب طه، وقالت سناء إن المطلوب من أسامة بناء السد واستخراج كهربته وقد نجح في ذلك، لكن بطريقته فقد جعل انقطاع الكهرباء وكأنه مشكلته هو، أما كمال حسن علي فقد قال إن السد لم يتم استلامه من الشركات المنفذة بعد ومازال في طور التجريب وعندما يحين وقت التسليم الكامل يكون هناك حديث آخر.