أسوأ من آفة الجراد وكافة الآفات الزراعية تصريح مدير إدارة وقاية النباتات بوزارة الزراعة الوارد في (الرأي العام) أمس السبت وفيه صدق الرجل، إذ صرح بكل ما هو متوقع في مجال التبرير الذي يجافي الحقيقة ويخدع القراء والمواطنين. عندما داهم الجراد السودان وأهلك ما أهلك كانت الشكية من عدم وجود طائرات للرش ووردت أنباء عن توفر طائرة واحدة. وبعد أن شبع الجراد من محاصيلنا وهاجر في أرض الله الواسعة ووصل إلى إسرائيل وغيرها من دول الجوار جاءت وزارة الزراعة لتقول إنها وفرت ثماني عشرة طائرة للرش وكان الأوفق أن تقول ان الطائرات إنما خصصت لوداع الجراد بعد زيارة ناجحة للسودان شبع فيها وشبع اهل السودان من بيعه حتى الخواجات ((شبعوا منه)) وفق ما أفادت بائعة الجراد الحاجة زهرة حامد لصحيفة (السوداني) أمس ولم تنس الحاجة أن تؤكد أن هذا الجراد لم يتأثّر بما فعلته وزارة الزراعة والري، إذ أكدت أن الجراد الموجود (خالٍ من المبيدات) ((حفاظا على صحة المواطن)). وبعد الحملة الموفقة من وزارة الزراعة في القضاء على خمس آفات بنهاية الموسم الحالي من قبل وزارة الزراعة فإن إنتاج السودان أصبح وفيراً في خمسة محاصيل مهمة هي الذرة والسمسم والدخن والقطن المطري والمروي والبطيخ والصمغ العربي. وحسب مدير إدارة وقاية النباتات فإنّ هذا العمل مكن أنظر ل ((مكن)) هذه من تأمين الغذاء لثلاث سنوات. بالطبع من الغباء أن نسأل أنه في حال تم القضاء على الجراد من يوم وصوله وأن الطائرات الثماني عشرة كانت متوفرة فكم كانت سنوات الوفرة والتأمين للغذاء. بالطبع أيضاً من الغباء أن نسأل عن الخسائر الناجمة عن الجراد والآفات التي ضَربت البلاد، إذ لم يكن هذا هدف التصريح، والحديث الصحفي هذا حديث وتصريح هدفه جلل وأمره كبير وشأنه خطير انه مانع من أن نفهم أن هذه الوزارة لا تعمل وهو ضرورة لتنبيهنا أن الجراد إنّما غزا السودان لتوفير الطعام للخواجات في سوق كرور والأسواق التي يأتي منها وليس هو بالجراد البائس الذي يأكل من خشاش أهل السودان الفقراء في الزرع والضرع وأهل الوزارة الفتية التي تصرح ونحن (سلة غذاء العالم) غذائنا وضيوفنا من الجراد. هل يقرأ المجلس الوطني ونوابه مثل هذه التصريحات؟ هل في الحكومة من يسأل عن هذه الإدارات الغائبة إلاّ في التبرير والتعليل؟