لم يكن عنباً عادياً ذلك الذي رأيناه في مكتب أحد الوزراء الكبار ظهيرة أمس. فقد اتسم بمذاق خاص، وطعم أكثر حلاوةً من ذلك العنب الذي يأتي من خارج البلاد، بما في ذلك العنب البناتي اللذيذ. صَحيحٌ، قد يرى شخص آخر مذاق العنب عادياً، غير أن الأمر غير العادي هو صاحب المزرعة التي جاء منها ذلك العنب، فحسب ما هو مكتوب خارج صندوق العنب، فإنه من إنتاج مزرعة (الحواره) لصاحبها عمر حسن أحمد البشير. البشير، الذي قال لدى افتتاحه مشروع سوبا في مارس من العام الماضي، إن أرباح إنتاج مزرعته الخاصة بمنطقة السليت بالخرطوم بحري أضعاف راتبه كرئيس للجمهورية، بدا حريصاً على عدم خلط الأوراق فيما يبدو أو استغلال وضعيته كرئيس للجمهورية في تحقيق مكاسب خاصّة من قبيل تسويق منتجات مزرعته، فلم يُشِر القائمون على أمر المزرعة لذلك، بل كتبوا اسم صاحب المزرعة مجرداً من ألقابه الرئاسية والعسكرية والحزبية كأي عمر آخر في السليت. كل ما كُتب أعلى صندوق (عنب البشير) كما يظهر من الصورة المصاحبة هو (مزرعة الحواره لصاحبها عمر حسن أحمد البشير، إنتاج سوداني (100%)، إلى جانب عبارة تحرض على توطين الزراعة بالداخل وهي: (ما في داعي نستورد عنب دا إنتاج الحواره أحلى عنب). مهما يكن من أمر، فإنّ ما كتبته سابقاً قد يندرج تحت طائلة الدعاية لعنب مزرعة (الحواره)، ولكنها دعاية مجانية بالطبع، فلا يعقل أن أنتظر البشير في (الحواره) لأطالبه بمقابل هذا الترويج، كما أن مطالبته به في أي مكان آخر يُعد خلطاً شنيعاً بين العام والخاص. ولكن لا بأس من أن يهدي البشير صناديق أخرى من العنب لقادة المعارضة امتثالاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا)، خاصةً وأنه قد تم في السابق تجريب الأساليب كافة، إلاّ العنب.