التوجيهات المباشرة التي أصدرها الرئيس البشير إلى د. عوض الجاز بإغلاق نفط الجنوب حدت بالكثيرين الى إنتاج نكتة جديدة ملخصها (اقفل يا عوض)، ورغم الظلال الكثيفة من الفكاهة التي تحتويها العبارة بين القوسين، لكن الشاهد هو ان د.عوض الجاز هو الممسك - ربما بصورة حصرية - بملف النفط. ربما لا يوجد وزير في حكومة الانقاذ ارتبط اسمه بالوزارة التي عمل فيها أكثر من ارتباط عوض الجاز بالنفط رغم ان الجاز عمل في عدد من المواقع السيادية والوزارية الحساسة، منها وزارة شؤون الرئاسة ووزارة الطاقة، ولكن بصمة الجاز على النفط كانت هي الاوضح في مسيرة التوزير للرجل. ربما يكون قد جاء دور النفط ليضع عليه د.عوض الجاز بصمته الخاصة ويبدو ان الرجل في طريقه لأن يفعل ذلك، فعند احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج الغنية بالنفط وبعد تحريرها مباشرة، سارع د.الجاز الى هناك وعسكر وأقام بهجليج عددا من الايام حتى اعاد البترول الى سيرته الاولى واستطاع ان يفتح (بلف هجليج)مرة أخرى. صحف الامس حملت قيام د.الجاز بالتمهيد لقفل البلف عبر خطاب عممه على عدد من الشركات العاملة في مجال البترول بوقف تصدير نفط الجنوب خلال شهرين .. وبعملية الفتح والاغلاق يكون الجاز قد وضع بصمات إضافية على النفط. البعض إعتبر ان عوض الجاز، والتوجيهات الرئاسية التي تصدر إليه مؤشراً لتطور أو تدهور العلاقة مع دولة الجنوب، فإذا كان التوجيه مثلاً بفتح الأنبوب، فإن ذلك مؤشر على تطبيع العلاقة وانسيابها في فضاءات التعاون الطبيعية بين البلدين. أما إن كان التوجيه بقفل الأنبوب كالذي صدر يوم السبت الماضي، فإن ذلك مؤشر على تدهور العلاقات وانزلاقها إلى منعطفات التصعيد. وفي ظل غياب الجدية والإرادة الحقيقية من دولة الجنوب لوقف دعم متمردي الجبهة الثورية، فإن على د. عوض أن يظل على أهبة الاستعداد لتلقي توجيهات رئاسية أخرى بشأن الأنبوب، فحتى إذا افلحت الوساطات وتم تقديم الجنوب لبعض الضمانات الكافية لإصدار توجيه جديد بفتح أنبوب النفط، فإن بعض المتنفذين في الجنوب قد يدفعون في إتجاه إغلاق الأنبوب من جديد حال واصلوا في خرقهم للاتفاق بدعمهم للمتمردين من الجبهة الثورية. في كل الأحوال، يبدو أن د. عوض الجاز، وزير النفط، ومفجر ثورته منذ أوخر التسعينيات، سيشكل حضوراً لافتاً في المرحلة المقبلة، وسيظل في واجهة الأحداث وقاسماً مشتركاً بين نقاشات المهتمين ومجالس المدينة، حتى وإن كان من باب الطرفة التي صورته كأي عوض آخر يرتدي أبرول ويمسك بمفتاح إنجليزي وهو يقوم بصورة شخصية بقفل وفتح الأنبوب.