بشفافية بلف البشير حيدر المكاشفي صُعقت وفوجئت واندهشت وتعجبت مثل آخرين كثيرين حينما علمت بالأمس ولأول مرة، أن هناك «بلفاً» يسمى بلف البشير، وذلك عند إطلاعي على الخبر الذي يقول إن السلطات السودانية سارعت في خطوة احترازية إلى إغلاق «بلف البشير» رداً على خطوة حكومة الجنوب التي شرعت في إنفاذ إجراءات فنية لايقاف تدفق نفطها عبر أنابيب النفط في الشمال التي تملكها حكومة السودان، وقد تناقلت الفضائيات والوكالات والصحف العالمية والاقليمية الخبر تحت عنوان «إغلاق بلف البشير».... ومصدر اندهاشي وعجبي هو أن يطلق على هذا «البلف» الذي يفصل دخول بترول الجنوب إلى أنابيب الشمال مسمى البشير الذي هو رئيس دولة السودان، هذا لا يليق وتلك تسمية غير موفقة أن يقرن اسم الرئيس بكل رمزيته وتمثيله للسيادة الوطنية ب«بلف»، من دون كل الانشاءات البترولية الضخمة، فلو أطلق اسمه مثلاً على إحدى آبار أو حقول النفط أو على إحدى المصافي لكان ذلك أفضل حالاً من اطلاقه على «بلف». المؤكد أن البشير قد شهد وافتتح العديد من المشاريع البترولية وليس هذا «البلف» وحده حتى يستأثر ويفوز باسمه، هذا غير الدلالات والاشارات غير الحميدة التي يوفرها هذا المسمى ل«المغرضين» والشانئين لجهة أن عبارة «بلف» قد ارتبطت ليس في الثقافة الشعبية السودانية وحدها، بل في ثقافات عربية أخرى، بمعانٍ ودلالات ساخرة تقلل من شأن الذي يطلق عليه مسمى «بلف»، فمثلاً عند سائقي الحافلات «البلف» هو الكمساري، وهي ثقافة مستمدة من المهنة، وإذا قال لك أحدهم «أمشي يا بلف» فلا شك أنه يشتمك بما لا ترضاه، وسيدفعك للتعارك معه لا محالة، أذكر أن اثنين تشاجرا وظلت مشاجرتهما مجرد تلاكم بالألفاظ ولم تتطور إلى اشتباك بالأيدي أو استخدام أية «آليات» أخرى إلا عندما قال أحدهم للآخر «روح يا بلف»، فما كان من الموصوف ب«البلف» إلا أن هرع ناحية حجر كبير تناوله بسرعة و«طااااخ» على رأس غريمه الذي تدفق منه الدم بغزارة، ودخلت المشاجرة بعدها طوراً آخر أقرب إلى أن يكون «حرابة»... قال لي أحدهم معلقاً على خبر «البلف»، سبحان الله! الحكومة التي كانت تتهم المعارضة والشيوعيين تحديداً ب«قفل البلوفة» إبان أزمة مياه ضاحية بري الشهيرة، هي التي تقفل «البلف» بنفسها الآن؟، قلت ربما هي معارضة أخرى وشيوعيون آخرون اضطروها لممارسة تكتيك المعارضين والشيوعيين «الأولانيين»، والانسان يتعلم من الخبرات السابقة وخصوصاً السالبة منها، وقد لا يصدق محدثي ولا أصدق أنا ولكن نقول بكل الصدق إن مسمى «بلف البشير» خاطئ وغير موفق، ونتمنى أن يسحب من كل المضابط رسمية وغير رسمية.... الصحافة