اثار قيام (سد النهضة) الإثيوبي في الآونة الاخيرة الكثير من الجدل والتباين في الآراء حول السلبيات والايجابيات الناجمة عنه ، فالمصريون يتخوفون من شح في مياه النيل سيؤدي بالضرورة الى انتقاص حصتهم التي كانت تكفي حاجتهم قبل قيام السد الاثيوبي الجديد ، كما انهم يتوجسون من تحكم اثيوبيا في المياه ، ما قد يهدد أمنهم الاقتصادي والحياة المعيشية للمواطن المصري والدولة المصرية التي تعتمد على الزراعة في اقتصادها بشكل كبير ، ولكن الرؤية الاثيوبية ترى غير ذلك ، حيث ذكر السفير (أباري زمو) بالسودان ان مصر لايمكن ان تضرر من قيام السد بل ستستفيد كثيرا هي والسودان وعددا من الدول الافريقية من قيامه ، بالحصول على الطاقة الكهربائية ، مؤكدا الاستحالة في استخدام السد لأغراض أخرى غير إنتاج الطاقة الكهربائية وأن كل الدراسات الفنية قد أوضحت بشكل علمي وتقني عال بانه ليس هناك نقص في مياه النيل ، ولا توجد أدنى تهديدات هندسية ، مؤكدا أن بلاده ستبيع الطاقة الكهربائية لمصر والسودان بأسعار أقل بكثير من الأسعار السائدة حاليا ، مؤكدا حصل السودان على (100) ميغاواط وسيحصل على (100) أخرى بسعر سبعة سنتات بدلا من أربعة عشر سنتا ، وأبان (زامو) بان سعة سد النهضة تبلغ اربعة وسبعين مليار متر مكعب من المياه وإنتاجيته من المياه تبلغ ستة آلاف ميجاواط ، وان تكلفة المشروع الكاملة قد بلغت ستة مليارات دولار ستعود بالفائدة والمصلحة لكل بلدان حوض النيل، وان الشعب الاثيوبي سيخرج تدريجيا من دائرة الفقر حيث مازال هناك اكثر من سبعة ملايين اثيوبي يواجهون نقصا حادا في الأمن الغذائي وان 27% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ولقد كان حديث السيد سفير اثيوبيا في الخرطوم في مركز دراسات المستقبل بالخرطوم ، مقنعا من حيث ان واجبات كل دولة في العالم توفير الامن الغذائي لشعبها واقامة المشروعات المستقبلية التي تنعش الاقتصاد لأجيال قادمة وتؤمن لاهلها العيش الكريم في ظل الصراعات الاقليمية والدولية والاستعمار الاقتصادي الجديد الذي سلب بعض دول العالم ارادتها في التعبير عن نفسها بعد أن رهنت إرادتها للذين يقدمون الدعومات الاقتصادية ، ومما وضح في حديث السفير الاثيوبي بان (سد الالفية) لا يؤثر ابدا على حصة المياه للمصريين بل سيزود مصر بالطاقة الكهربائية ، وايضا السودان مما يجعل للتعاون والتفاهم بين كل دول حوض النيل أمرا هاما ومفيدا لكل شعوب هذا النهر العظيم خاصة اشقاؤنا في مصر واثيوبيا بحيث يمكن التنسيق الكامل للاستفادة القصوى من المياه عبر لجان فنية مشتركة يكون مقرها الخرطوم لمزيد من التقارب السياسي والاقتصادي والاجتماعي بما يحقق مصالح الشعوب في المنطقة, كما يمكن للسودان ان يلعب دورا ايجابيا في تقريب وجهات النظر بين مصر واثيوبيا وصولا الى تفاهم وتعاون مستدام في كل المجالات.