(استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فاستوصوا بالنساء خيراً).. رواه الشيخان! تلفزيون السودان التقى قبل سنوات ضيفاً، مقيماً، ينتمي إلى دولة إفريقية، وعندما وجه إليه مقدم البرنامج السؤال الأزلي، المتكرر، والمعتاد عن كم وكيف الاختلافات الاجتماعية بين شعبه وشعوبنا في السودان، ضحك الرجل بدهشة متجددة، ثم قال إن أكثر الاختلافات التي أثارت حيرته كانت تنازل الرجال عن مقاعدهم لتجلس النساء في المواصلات العامة، بينما في بلاده تقف النساء (على حيلهن) لكي يجلس الرجال .. لا بالله ..؟! بعض الصحف العربية حدثتنا قبل فترة عن تباهي عريس عبر برنامج شهير يبثه التلفزيون الصربي بصفع زوجته على وجهها أمام الكاميرات، الأمر الذي وصفته والدة العروس بالإجراء التربوي الذي تستحقه ابنتها، أما عروس البخاتة فأقرت بأنها ربما كانت تستحق الصفع على وجهها بين الحين والآخر! .. قالت بهذا ثم نظرت إلى زوجها بمحبة لا تخطئها عين، ولسان حالها ذلك المثل الشعبي المبتذل عن ضرب الحبيب وأكل الزبيب .. يا سلام ..! فالصفع لا يعتبر حتى الآن عند بعض فئات المجتمع الصربي ضرباً بل (تأديباً) وعظة للزوجة المخطئة، وتنازل المرأة عن مقعدها للرجل الأقوى بنية والأشد بأساً في تلك الدولة الإفريقية لا يعد مهانة أو قسوة، بل (احتراماً) لمكانة الرجل المبجلة في مجتمع ذكوري صرف..! أما مجتمعنا المحلي فله ثوابته الدينية وأعرافه الممتدة عبر تاريخنا الاجتماعي، ونظرة أفراد هذا المجتمع تتحد بقوة في شجبها لمبدأ ضرب الزوجة، والمتأمل في تاريخ الأسرة الممتدة عندنا يخلص إلى اعتبار الضرب سقطة أخلاقية يقع فيها الأزواج قليلي الأصل والأخلاق والدين، هذا ما كان عليه آباؤنا الأولين ..! اليوم انتشرت ظاهرة ضرب الزوجات بين الأزواج الشباب الذين يستدلون على سلامة مواقفهم بمشروعية الضرب في الإسلام (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) .. وهو كما ترى استدلالاً مبتوراً وفيه اعتساف للنص ..! معلوم أن أمر الضرب في الآية هو أمر إباحة لإنقاذ العلاقة الزوجية من الانهيار بوقوع الطلاق في حال نشوز الزوجة، وهو أمر مشروط بوقوعه بعد تمرحل العلاج من العظة إلى الهجر في المضاجع (وليس هجر بيت الزوجية) ثم الضرب غير المبرح (الذي فسره بعض العلماء بأشياء كثيرة عدا فعل الضرب نفسه) .. والحديث عن هذا يطول ..! انتشار الظاهرة يعني أن هذا الجيل محبط بشدة، وهو يفرغ مخزون يأسه من قلة الدخل وقلة الحيلة في الإصرار على هدم جدار السترة .. إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، لم يشرع الزواج لضرب الزوجات مبرحاً كان أم غير مبرح .. اتقوا الله في بنات الناس ..!