لا تضربها يا عبد الرحيم ..! منى أبو زيد [email protected] حنان زوجة تعيسة، سألتني أن أطلب من زوجها (الشاب، المثقف، المتدين، الذي يحرص على قراءة هذه المساحة بانتظام) أن يكف عن ضربها الذي صار هوايته المفضلة، منذ أن فقد عمله، وجلس بجوارها في البيت، يقرأ الصحف، ويلوم الأقدار، ويشتم الحكومة، ثم يتسلى بصفعها وركلها كلما (هفَّت) له ..! لا أملك – يا حنان - إلا أن أعيد صياغة رأي سابق كتبته في ذات الشأن/الظاهرة، أما أنت يا عبد الرحيم ف (يضربك الضريب) .. هل يعقل أن يضرب شاب (عاقل/ مكلف/مثقف/يقرأ الصحف/يشتم الحكومة فوق رأي!) زوجته في القرن الواحد والعشرين ..؟! الطلاق للضرر – في القانون - يحدث لأسباب تتفاوت باختلاف المجتمعات.. تلفزيون السودان التقى قبل سنوات ضيفاً، مقيماً، ينتمي إلى دولة إفريقية - لا يحضرني اسمها – وعندما وجه إليه مقدم البرنامج السؤال الأزلي، المكرر، والمعتاد عن كم وكيف الاختلافات الاجتماعية بين شعبه وناسنا في السودان، ضحك الرجل بدهشة متجددة، ثم قال إن أكثر الاختلافات التي أثارت دهشته كانت تنازل الرجال عن مقاعدهم لتجلس النساء في المواصلات العامة .. بينما في بلاده تقف النساء ويجلس الرجال ..! وقد تحدثت بعض الصحف العربية – قبل فترة – عن تباهي عريس - عبر برنامج شهير يبثه التلفزيون الصربي - بصفع زوجته على وجهها أمام الكاميرات - الأمر الذي وصفته والدة العروس بالإجراء التربوي الذي تستحقه ابنتها، أما عروس البخاتة فأقرت بأنها ربما كانت تستحق الصفع على وجهها بين الحين والآخر .. قالت هذا ثم نظرت إلى زوجها بحنان، ولسان حالها ذلك المثل الشعبي المبتذل عن ضرب الحبيب وأكل الزبيب ..! فالصفع لا يعتبر حتى الآن في المجتمع الصربي ضرباً بل (تأديب) وعظة للزوجة المخطئة، وتنازل المرأة عن مقعدها للرجل الأقوى بنية والأشد بأساً في تلك الدولة الإفريقية لا يعد مهانة أو قسوة، بل احترام لمكانة الرجل المبجلة في مجتمع ذكوري صرف..! مجتمعنا يختلف، له ثوابته الدينية وأعرافه الممتدة عبر تاريخنا الاجتماعي، ونظرة أفراد هذا المجتمع تكاد تتحد في شجبها لمبدأ ضرب الزوجة، والمتأمل في تاريخ الأسرة الممتدة عندنا يخلص إلى اعتبار الضرب سقطة أخلاقية يقع فيها الأزواج قليلي الأصل والأخلاق والدين، هذا ما كان عليه آباؤنا الأولين ..! اليوم انتشرت ظاهرة ضرب الزوجات بين الأزواج الشباب، شأنها شأن ظاهرة الطلاق المبكر، والمتكرر، حتى أن أزواج هذا الزمان من الشباب قد كسروا قاعدة المثل الشهير (البدق ما بطلِّق) فهم (يدقون) و(يطلقون)، ثم يستدلون على سلامة مواقفهم بمشروعية الضرب في الإسلام (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) .. يا سلام! كلا .. معلوم أن أمر الضرب في الآية هو أمر إباحة لإنقاذ العلاقة الزوجية من الانهيار بوقوع الطلاق في حال نشوز الزوجة، وهو أمر مشروط بمجيئه بعد تمرحل العلاج من العظة إلى الهجر ثم الضرب غير المبرح (الذي فسره بعض العلماء بال.. والحديث عن هذا يطول ..! انتشار الظاهرة بتلك الكثافة يعني أن هذا الجيل محبط وهو يفرغ مخزون يأسه من قلة الدخل وقلة الحيلة في الإصرار على هدم جدار السترة .. لا تضربها يا عبد الرحيم، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ثم ان الزواج لم يشرع لمناقشة مشروعية الضرب (مبرحاً كان أم غير مبرح)، اتق الله في بنات الناس، اخرج وابحث لك عن عمل ..! صحيفة التيار