وأخيراً أدركت الولاياتالمتحدة كبر ما اقترفته بشأن الجنوب وهي تجامل حكومة الحركة الشعبية على حساب القيم الأمريكية المزعومة في السياسة وحقوق الإنسان وحماية المدنيين ومكافحة الفساد.. واشنطن اقتنعت بأن الأوضاع في الدولة الوليدة تمضي نحو الهاوية مع حلول العام الثالث للانفصال. دولة الجنوب ظلت طفلاً مدللاً لواشنطن، الحراك داخل المؤسسات الأمريكية يمضي الآن باتجاه (فرز الكيمان) في أعقاب الخلافات التي أطلت برأسها داخل منظومة الحكم في الدولة الوليدة.. أجهزة واشنطن تعبأ الآن ضد سلفا كير وحكومته في أعقاب التقارير المتواترة عن الأزمات الأمنية والإنسانية الحادة واستشراء الفساد على نحو مُقلق.. غريبٌ جداً أن تفاجأ واشنطن بكل طاقتها الاستخبارية وأجهزتها المتقدمة بأنّ الوضع في الجنوب وصل إلى هذا الحد من السوء. من الواضح أنّ اختلال معادلة الحكم في الدولة الجديدة منح الولاياتالمتحدة الضوء الأخضر للتدخل الحاد.. القناعات التي بدأت تشكلها قيادات بارزة داخل الحركة الشعبية آخذة في استدراج الموقف الأمريكي باتجاه التعبئة السالبة ضد سلفا كير والتيار الذي يناصره داخل الحركة وحكومة الجنوب. اعترافات باقان أموم النادرة بفشل الحركة الشعبية في إدارة الجنوب، لغم أعد بعناية لوضع حكومة سلفا في مواجهة مع المجتمع الدولي، باقان اراد التبرؤ من صلته بالواقع الموجود في دولة الجنوب، ذات النغمة بدأ يعزف عليها د. رياك مشار وهو يهاجم طريقة سلفا كير في إدارة الدولة.. الرجل يبدو أنّ جهات خارجية بدأت توفر له الحماية بعد محاولات لعزله من قبل سلفا كير.. جهات عديدة بذلت مساعٍ حثيثة للتأكد من نوايا سلفا تجاه نائبه.. خلافات رئيس الدولة مع تعبان دينق ودينق ألور ستفتح عليه النار من اتجاهات عديدة تحاول تأزيم علاقات الرجل مع المجتمع الدولي والولاياتالمتحدةالأمريكية على وجه الحدود. التزامن الغريب بين الخلافات داخل دولة الجنوب والانتقادات الأمريكية النادرة والصريحة لطريقة الحركة الشعبية في ادارة الحكم، وتداعيات إعفاء تعبان ومحاولات عزل مشار يمهد الطريق إلى سيناريو تغيير نشط ستدخل فيه جوبا خلال المرحلة المقبلة. متغير مهم في العلاقات بين واشنطنوجوبا تلك المذكرة الخطيرة التي رفعها رباعي مستشاري حكومة الجنوب من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية وأبرزهم المستشار روجر وينتر وقائد مجموعة الأزمات الدولية برندر قاست، هذه المذكرة تُعد بمثابة (البيان الأول) في الثورة ضد حكم سلفا كير، الرباعي قال ان الأوضاع داخل الجنوب تمضي نحو الهاوية وانتقد طريقة الحركة الشعبية في إدارة الدولة الوليدة. كل هذه المتغيرات تشير إلى أن الخلافات بلغت مداها في دولة الجنوب وأن القادم سيحمل هندسة جديدة للأوضاع داخل الحكومة والحركة الشعبية مع احتدام وتيرة الخلافات التي تهدد بانهيار السلطة القائمة. وعلى ما يبدو فإنّ واشنطن دخلت خط التغيير في دولة الجنوب، الأوضاع السياسية هناك مرشحة لتطورات قادمة ربما وضعت حكومة سلفا كير في موقف لا تحسد عليه مع اشتداد وطأة الخلافات الداخلية، والضغوط الخارجية.