لا حديث للأوساط السياسية في جنوب السودان هذه الأيام إلا قضية فساد المسؤولين الذي ضرب بأطنابه الدولة التي لم يتجاوز عمرها العام الواحد، وتواجهها تحديات بالجملة، للدرجة التي دفعت الدول المانحة في مجال التنمية وهي النرويج وبريطانيا والولايات المتحدة في اجتماع مع سلفا كير لتحميل حكومة جنوب السودان المسؤولية في الاختلاس، وحذروا من استشراء الفساد وسوء إدارة مساعدات الدول المانحة. وحذرت مجموعة تمثل ست دول تُعرَف بالفريق المشترك للدول المانحة حكومة جنوب السودان من الإساءة في إدارة مساعدات التنمية المستقبلية. ووجهت ممثل دول المانحين ووزيرة التعاون النرويجي هيلدا جونسون انتقادات من العيار الثقيل لحكومة جوبا، واتهمتها بالفساد والمتاجرة بالسلاح والفوضى. حديث بموقع «انتربرايد ريبورت» قادة دولة الجنوب بسرقة «10» مليارات دولار أمريكي من عائدات دولة الجنوب من النفط خلال السبعة أعوام الماضية، وأشار التقرير إلى أن العائدات التي سلمت لحكومة الجنوب خلال فترة حكومة الوحدة الوطنية كانت تقدر ب «12 17» مليار دولار. وفي محاولة لكبح جماح الفساد المستشري وجه رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت رسالة إلى أكثر من «75» مسؤولاً سابقًا وحاليًا، يطلب منهم مباشرة إعادة الأموال المسروقة، والتي تبلغ في مجملها نحو «4» مليارات دولار، سرب أغلبها إلى خارج جنوب السودان، وأودعت في حسابات مصرفية أجنبية، وتم استخدام بعضها لشراء العقارات. ودعا سلفا كير المسؤولين المختلسين إلى إعادة الأموال المنهوبة كاملة أو جزئية مقابل العفو عنهم والإبقاء على سرية أسمائهم. وفسر المراقبون الخطوة بأنها محاولة لاسترضاء الدول المانحة، وتأكيد أن حكومة جوبا تقوم بالإجراءات اللازمة لمحاربة الفساد، عقب التقارير الغربية التي صدرت، والتي تؤكد استشراء الفساد في جنوب السودان بصورة مبالغ فيها. ويرى البعض أن رئيس حكومة جنوب السودان سارع لاتهام قيادات حكومته ووجههم بإرجاع المبالغ المسروقة لإبعاد الشبهة عنه ومحاولة التخلص من الذين ازدادت طموحاتهم وشكلوا مراكز قوى داخل حكومة الجنوب، بصورة أصبحت تهدد استمراره في السلطة، خاصة أن لهم علاقات ونفوذ على الدول الغربية الداعمة لجوبا. وعقب إعلان سلفا كير برزت إلى السطح خلافات حادة وسط قيادة الحركة الشعبية، بسبب نشر أدلة ممثلة في كشوفات لحساب وودائع قيادات في دول أوربية ودولة عربية من أموال المانحين التي تم اختلاسها من خزينة الدولة، بجانب جرائم الفساد. واتهم سلفا كير قادة بارزين بامتلاك أرصدة مليونية بعدد من الدول الغربية، أبرزهم جيمس هوث رئيس أركان الجيش الشعبي، واليجا مالوك محافظ بنك جنوب السودان السابق، وأوياي دينق أجاك وزير الأمن الداخلي، واللواء توماس دواس وزير الأمن الخارجي، بجانب باقان أموم أوكيج الأمين العام للحركة الشعبية. المسيرة التي نظمها تحالف منظمات المجتمع المدني بمدينة جوبا والتي شهدت تسليم مذكرة لسلفا كير تطالب فيها بإرجاع هذه الأموال ومحاكمة المتورطين، وتفويض وزارة الداخلية لإجراء التحقيق معهم، هذه المسيرة كانت أحد وجوه المشهد على السطح، لكن حديث الشارع الجنوبي كان يدور حول وجود فساد بصورة أكبر مما تناوله سلفا كير، وطالت اتهاماتهم مسؤولين كثرًا من بينهم سلفا كير نفسه. لكن حتى الإجراءات التي اتخذها رئيس حكومة الجنوب لم يكن لها لتمضي للنهاية، فقد قرر اجتماع ضم عدة لجان لإدارة الأزمات بمنزل سلفا كير بجوبا عدم الخوض في تفاصيل محاسبة المتورطين، حتى لا يتم استغلالها من الجهات المتربصة داخلياً وخارجياً بما فيها السودان، في تأليب الرأي العام وهز صورة حكومة جنوب السودان. وقدم خلال الاجتماع وثائق وشهود تؤكد أن المتورطين هم قيادات الحركة الشعبية، وأن فتح هذه القضية سوف يكون زلزالاً يهز كل الجنوب، وإزاء هذه الضغوط اضطرت قيادة حكومة الجنوب إلى التراجع عن ملاحقة المتورطين في سرقة الأموال العامة. ومؤخراً تم تسريب قائمة سرية في جنوب السودان تحوي حوالى «50» قيادياً تورطوا في سرقة الأموال «من بينهم شماليون» كما تم الكشف عن جملة المبالغ التي قام بسرقتها كل مسؤول، وذلك على النحو التالي: الفريق سلفا كير ميارديت: لا يوجد رقم محدد لحجم الأموال التي استولى عليها، لكن ممتلكاته وعقاراته بالخارج تقدر بمئات الملايين من الدولارات. اكول اتيان: وزير مالية الجنوب سابقاً، اختفت في عهده مبالغ تقدر بمليار ومئتي مليون دولار. باقان أموم: متهم بسرقة 600 مليون دولار «جزء من المبلغ ذهب للفريق سلفا كير». د. رياك مشار: نائب رئيس حكومة الجنوب متهم باختلاس حوالى «500» مليون دولار «جزء من المبلغ ذهب للفريق سلفا كير». الفريق سلفا مطوك: نائب رئيس هيئة الأركان للإدارة اتهم بسرقة مبلغ «250» مليون دولار استولى عليها بالتلاعب في الأموال الممنوحة من قبل الحكومة الأمريكية لتمويل مرتبات الجيش الشعبي، وذلك عن طريق كشوفات وهمية للمرتبات. أنطوني مكنة: وزير المالية، اتهم بسرقة «300» مليون دولار بدعوى إنشاء شركات وهمية لأبناء بحر الغزال «مجموعة سلفا كير» لتأمين الغذاء لجنوب السودان وشراء الذرة وتطوير وزارة المالية. جيمس كوك: وزير الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث، اختلس «150» مليون دولار من ميزانية الوزارة تمثل منحًا وقروضًا من المنظمات الدولية. دينق ألور: وزير التعاون الإقليمي بحكومة الجنوب ووزير مجلس الوزراء حالياً «150» مليون دولار. لوكا بيونق: وزير رئاسة حكومة الجنوب «114» مليون دولار. تعبان دينق اشويل: والي ولاية الوحدة «65» مليون دولار. شيرتو دينق: وزير مكتب رئيس حكومة الجنوب ووزير الشباب «50» مليون دولار. الفريق فيانق دينق مجوك: نائب رئيس هيئة الأركان «77» مليون دولار من مبالغ دعم وتمويل الحركات المسلحة. سامسونق كواجي: وزير الزراعة الراحل «72» مليون دولار توزعت أمواله في العديد من البنوك الأوربية وذهبت لورثته. آرثر كوين: وزير المالية السابق «47» مليون دولار. الفريق كوال ديم: وزير الجيش الشعبي الراحل «45» مليون دولار. نيال دينق نيال: وزير الجيش الشعبي سابقاً ووزير الخارجية حالياً «40» مليون دولار. ملونق اوان: حاكم شمال بحر الغزال ومدير هيئة أمن الجنوب سابقاً «25» مليون دولار. اليجا ملوك: محافظ بنك الجنوب «32» مليون دولار. وياي دينق أجاك: وزير الاستثمار ثم وزير الأمن القومي اختلس «30» مليون دولار. قير شوانق: وزير الداخلية «21» مليون دولار لوكا منوجا: وزير الصحة «16» مليون دولار. بول ميوم: وزير الري «11» مليون دولار. برنابا ماريال بنجامين: وزير الإعلام «21» مليون دولار. جيمس واني ايقا: رئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان «22» مليون دولار. استيفن ديو: وزير مالية أعالي النيل «11» مليون دولار. مجاك اقوت: «10» ملايين دولار من أموال شراء المليشيات والمجموعات الحزبية. اوت دينق اشويل: وزير العمل والخدمة «10» ملايين دولار. اقنس كواجي: وزيرة المرأة والرعاية الاجتماعية «3» ملايين دولار لورنس فيرناندو: مفوضية حقوق الإنسان «6» ملايين دولار. ربيكا نيادينق: وزير الطرق والجسور «7» ملايين دولار. د. آن ايتو: وزير التعاونيات والتنمية الريفية «6» ملايين دولار. نيالوك تبنقو: وزير الثروة الحيوانية والسمكية «3» ملايين دولار. ميري جيرفس: وزيرة تنمية القوى العاملة «2» مليون دولار. فرسيلا جوزيف: «3»ملايين دولار. بيارمدوت بل: وزير الاتصالات «7» ملايين دولار. جيما نونو كمبا: «4» ملايين دولار. كوال دينق ايوت: مدير أمن الجنوب سابقاً «7» ملايين دولار. د. جاستين ياك: مستشار رئيس حكومة الجنوب «راحل» «7» ملايين دولار. نيادين مليك: والي واراب «6» ملايين دولار كوال مجانق: والي جونقلي «10» ملايين دولار. جون لوك: وزير العدل «8» ملايين دولار. جوك ضوك: نائب حاكم أعالي النيل «3» ملايين دولار. مالك عقار: «35» مليون دولار. عبد العزيز الحلو: «42» مليون دولار. ياسر عرمان: «30» مليون دولار «تسلم عقار والحلو هذه الأموال لتنفيذ مخطط الحركة الشعبية في المنطقتين إضافة لمبالغ أخرى هي حقوق المقاتلين وأسرهم والمتوفين، بينما قام عرمان باختلاس مبالغ كبيرة من الأموال التي تسلمها لقطاع الشمال».