دعوة الفريق سلفاكير الصريحة للإنفصال لم تحمل عنصر الصدمة للمكون الشمالي، فقد قابلها الكثيرون ببرود لم ترفع درجة حرارته اي محفزات او شفقة على وحدة السودان.. الجزء الاكبر من الشماليين بدا - من واقع ردود الفعل الذي ابداه، او من واقع عدم رد الفعل بتعبير اصح- وكأنه لم يعد يرى نفسه معنيا اكثر من الجنوبيين بموضوع الوحدة. ما استدعى الانتباه هو ان سلفا وهو في طريقه الى الكنيسة (حيث اذاع حديثه الانفصالي) دهس ما بناه في القاهرة اعقاب زيارته الى جمهورية مصر حيث وشَح اقامته في قاهرة المعز بعتاب رقيق للعرب لأنهم لم يقوموا بما يلزم لتحقيق الوحدة، مع تأكيداته المغلظة بأنها (الوحدة) اقرب الخيارين واولاهما، وتطميناته للقيادة المصرية بألا تخاف ولا تحزن من الانفصال لأنه مجرد خيار بديل وشرط جزائي وفاقا على الشمال اذا تقاعس عن تحقيق تطلعات الجنوب في المساواة والعدالة في كل شيء. قطاع الشمال اكثر قطاعات الحركة هما وتأثرا بموضوع الوحدة احتفى بمخرجات زيارة سلفا الى مصر ولقاءاته بالقيادة هناك، وحمل موقعه على الانترنت بشريات الوحدة، وقطعيات النائب الاول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب أن فرصة بقاء السودان موحداً مازالت قائمة. ونقل الموقع عن سلفاكير عقب لقائه الرئيس المصري حسني مبارك بقصر الرئاسة بالقاهرة قوله (إن تنفيذ بنود إتفاقية السلام يجعل خيار الوحدة راجحاً، ذلك أن الإتفاقية صممت لترجيح هذا الخيار. وأضاف سلفاكير أن الوحدة هي الخيار الأصيل والإنفصال خيار بديل إذا عجز الشريكان أو أحدهما عن الوفاء بإلتزامات الإتفاقية). برود الشماليين تجاه دعوة رئيس الحركة للانفصال لا يعفيهم من التهمة التي تشكلت مؤخرا واصبحت مادة كاملة الدسم للتداول والاخذ والرد على المواقع الاسفيرية وصفحات الصحف، وطالت النخب الشمالية بمثقفيها ومفكريها وسياسييها، فهؤلاء الذين تبوأوا مقعد الصدارة تعبيراً عن الشمال في اساليب حكمه وطرائق معيشته وحيواته، تكمن اضعف حلقاتهم الفكرية - كما تقول التهمة - في موضوع وحدة السودان. هذه المقولة لا تريد جر الشماليين الى فخاخ اليأس من الوحدة، والقعود على المنابر الانفصالية الظالمة والعادلة - اذا كان هناك انفصال عادل- تحت دعوى انه من الافضل عدم اضاعة الوقت حرثا في بحر الوحدة، وفي ذات الوقت لا ترغب التهمة في ان تحضهم على ركوب مخاطرة تقسيم السودان الى نصفين كحل يريح الجنوبيين من نير الظلم، ويستريح الشماليون بعدها من(النقة)، التي كسرت الحجر في المثل السوداني الدارج، وفي طريقها لأن تكسَر السودان، ولكن ليس بالضرورة الى نصفين فقط. تهمة(الحلقة الضعيفة) تقول ان الشماليين ليس لديهم تصور استراتيجي لموضوع وحدة السودان، بخلاف معظم الطليعة السياسية في الجنوب.. بل بخلاف صانعي السياسة المصرية الذين يجمعون في شأن السودان على موقف واحد هو (الوحدة). النخب السودانية لا تستطيع ان تجيب اجابة موحدة على اسئلة بسيطة جدا في شأن الوحدة: - هل من مصلحة السودان ان يكون موحدا؟ - ماهي فوائد الوحدة، وما هي مضار الانفصال؟ او العكس؟