لكم إحتفى السودانيون بالسكر ولكنه ظل عصيا عليهم وضعوا له الألحان وصوروا مصانعه قمرا وتغنى به أكبر موسيقيي ومطربي السودان وهام بعشقه برامكتهم. ولعل هذا يفسر القدرة الهائلة للقائمين على قطاع السكر في تقديم صورة وردية لواقع مرير ومر إذ تجد عندهم دوما عبارات من شاكلة أن الكميات متوفرة في المخازن والأسواق وفي الميناء وان الفجوة «إسم الدلع للندرة» مقدور عليها وأن السبب هو التجار والأسعار العالمية والمضاربات. لذا لا يكون مستغربا أن تسجل أسعار السكر أكبر زيادة لسلعة في وقت وجيز وبين غمضة عين وإنتباتها يقفز سعره من حدود المائة إلى المائة والسبعين ويستمر في الزيادة الخرافية. الشركة السودانية للسكر وشركة سكر كنانة هي شركات منتجة للسكر وايضا هي التي تتاجر فيه ولشركة السكر السودانية مائة تاجر تتعامل معهم ومؤخرا إختارات الشركة ثلاثين منهم لتطرح عبرهم السكر ولكنانة إثني عشر تاجرا . وهم يتخذون إجراءات مع هؤلاء التجار لتقنين التعامل معهم ورغم هذا يضعون اللوم على التجار ويتهمونهم بأنهم وراء الزيادة. إنتاج مصانع السكر ومصنع كنانة يشكلان نسبة مرتفعة من تقديرات الإستهلاك في السودان وهي تزيد قليلا على المليون طن تنتج منها المصانع الأربع أكثر من ثلاثمائة وخمسين طنا ويقارب إنتاج كنانة منه الثمانمائة ألفا ورغم هذا تقع هذه الفوضى في هذا القطاع المهم والإستراتيجي. وشركة السكر السودانية تعمل منذ سنوات دون مجلس إدارة. والأزمة التي تفاقمت وبلغت هذا المدى الخطير كانت واضحة المعالم ولكنها الفوضي حتى في تعريف السبب وتعليله. وزير الصناعة يقول أن سبب الإرتفاع الزيادة العالمية في سعره والناس يعلمون أن سعر السكر المهرب في مناطق من السودان يباع بأقل من السبعين جنيها للجوال. عندما إنخفض سعر السكر باقل من قرش واحد سارع السيد وزير الصناعة بعقد مؤتمر صحفي ليبشر بالإنخفاض ولكن عندما إرتفع بأكثر من سبعين جنيها صمت الوزير إذ أن «الحكومة» تفهم المؤتمرات الصحفية على أنها ساحة لعرض المنجزات وليست منابر لمخاطبة الرأي العام فيما يهمه وهل يهم الناس أكثر من معرفة مسببات هذه الزيادة الكبيرة في واحدة من أهم السلع؟ يحترق كنانة فيصمت الوزير تدخل كنانة في إنتاج الأثينول فلا نرى الأثينول ولا نجد غير السكر المرتفع الأسعار ولا يفتأون يحدثوننا عن مصانع جديدة وخطط وإستراتيجيات. وكلما بشرونا بحلاوة وجدنا مرارة. هل يعمل فينا من يريد ان يسقط هذه الحكومة في الإنتخابات القادمة. قطاع السكر واحد من أهم الحلفاء للأحزاب التي تريد أن تهزم هذه الحكومة. كم من حكومة أسقطتها وهزتها أسعار السكر ؟