الجسور والطرقات والسيارات الباهية الجميلة ومبني برج الفاتح وهيلتون الخرطوم والسلام روتانا وإستاد المريخ بألوانه الصارخة الحمراء والصفراء هي الصورة الجديدة التي قدمها السودان للعالم خلال اليومين الماضيين. واليوم كل مواطن في السودان وكل الأجهزةالشرطية والأمنية والتجارية وقطاعات الأمة السودانية وعلى الأخص الجماهير الرياضية نحن جميعا أمام تحد جديد. أمامنا أن نؤكد هذه الصورة الزاهية بتنظيم مباراة سلسة ومريحة ومستقرة جديرة بنا كأمة سودانية ذات تأريخ حافل في كرة القدم وفي العلاقات الدولية والعلاقات العربية. أدنى خلل وأقل شغب من اي مواطن سواء كان داخل الملعب أو حوله أو في كل أنحاء العاصمة الخرطوم من شأنه أن يغبش هذه الصورة الجميلة. أتاحت لنا هذه المبارة أن نغير صورة السودان في الفضائيات بأن تختفي صور الحرب والتسول ودارفور وحروبات الجنوب وقتلى القبائل. أمامنا اليوم أن نقدم صورة نضرة في منظرها وفي المشهد العام والخارجي وأيضا في القيم والمعاني في التشجيع والترحيب بالضيوف. إنها مسؤولية كل مواطن أن يعلي من شأن السودان. سكتت معارك دارفور واصوات السلاح والبندقية وعلينا أن نبدل هذه الصورة. تسنمت الصين مكانا رفيعا بتنظيم المونديال العالمي. وكل دول العالم تسعى لتنال شرف تنظيم مباريات دولية وأصبح هذا طريق سالك لتنطلق به الدول بوجه جديد تؤكد به على قدراتها الإدارية والتنيظمية ورقيها ونهضتها. في العام الثامن والستين من القرن الماضي نشبت حرب في أمريكيا اللاتينية بين السلفادور وهندوراس بسبب مبارة في كرة القدم. لن تنشب حرب بين الجزائر ومصر بسبب مباراة في كرة القدم ولكن السودان يستطيع أن يقدم صورة جديدة بنقل التصعيد الكبير في الإعلام وبين الدولتين إلى حالة من الوفاق. نجاح اليوم يمكن أن يفتح الباب أمام السودان لينظر إليه العالم كله بوجه جديد تختفي معه صورة البلد التي تلفها الحروبات والصراعات إلى بلد قادر ليخاطب العصر بلغته وقادر على أن يسهم في أعمال حضارية راقية. أمامنا أن ننتقل لإستثمار الرياضة في نهضة السياسة وتغيير صورة السودان وأمامنا أن نستثمر الرياضة في الإقتصاد والسياحة والعلاقات الخارجية. وهذه مسؤلية لا تتحملها الدولة السودانية والحكومة السودانية ولكن يتحملها كل مواطن. سننجح إذا قدمنا مبارة مستقرة في الملعب وسننجح أكثر إذا أحسنا الضيافة وإستقبلنا مشجعي الفريقين في دورنا وطرقاتنا.