استوقفتنى استراحة فى هذه الصحيفة ..بعنوان ( الله يكضب الشينة ) استعرض فيها زميلى الاستاذ/ ضياء الدين بلال ..جانبا من شريط ذكرياته المبكرة فى مهنة المتاعب ساردا قصة شاب مبتدى فى عالم الكتابة الصحفية.. اسمه الهادى تم طرده منذ اول خبر نشره بالصحيفة التى شهدت بداياته غير الموفقة طبعا وذلك بسبب استشرافه ومن خياله الصحفى الغض ..عودة الامام الصادق المهدى وقد استقبل استقبال الفاتحين فى مطار الخرطوم وصلى بعدها فى جموع انصاره الغفيرة فى مسجد جده بودنوباوى الى اخر الخبر المفبرك والذى كان مجرد الحلم به فى المنام ليس ممكنا فى ظروف العداء المستفحل وقتها بين حكومة الانقاذ ..والصادق الذى كان يقود حملة معارضة شعواء ضدها لم يكن يرضى بديلا عن اسقاطها...ولم يكن ثمن الخبر قد دفعه الشاب المسكين فقط بل عوقب ايضا سكرتير التحرير من قبل الراحل /محمد طه..رئيس الصحيفة المعنية ..ولكن ديدن السياسة ودأبها الذى لايعرف ثوابت الامور ..قاد دولابها ليتحقق استشراف ذلك الفتى الطريد وبالمسطرة والقلم .. ولعل المرحوم / طه..و بعد ان صدقت رؤية ذلك الفتى التى ربما كتبها من قبيل تهديف الصدفة. ظل يبحث عن ضحيته فيما بعد وحتى وافته المنية مغدورا به هو الاخر جراء جرأة قلمه وشجاعته الادبية المصادمة والمباشرة .. عليه رحمة الله.... وربما تغير مصير ذلك الشاب ( الهادى ) ثلاثمائة وثلاثون درجة واتجه الى منحى اخر بعيدا. عن القرطاس والقلم... وتلك جزئية تذكرنى بحادثتين الاولى طريفة والاخرى فيها درس مستفاد واصرار.. اما الاولى فتقول ان فتاة فلسطينية صغيرة اسمها فاطمة العجمى جاءت الى الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب ليختبر صوتها لاعتقادها بانها تغنى جيدا.. وبعد ان استمع اليها قال لها فى استخفاف وسخرية يا ابنتى صوتك هذا بالكاد يصلح للرقص.. فخرجت محبطة.. ولكنها فكرت فى نصيحته غير الجادة ..بعمق ..فكانت ان تحولت الى (نجوى فؤاد) التى ملأت شهرتها الافاق كاحدى راقصات مصر اللائى امتلكن المال مع الشهرة.. اما الحادثة الثانية فقد حدثت لى شخصيا وانا فى بدايات تعاملى مع الصحافة فى اوائل سسبعينيات القرن الماضى وانا لازالت طالبا ..اذ تهكم احد الشباب الذى يكبرنى بسنوات قائلا فى مجلس عام ان هناك اسما مشابها ( للجربوع هذا يقصدنى انا ) يكتب فى الصحف هذه الايام ..فتصدى له اخر منبريا فى الدفاع عنى ومؤكدا اننى ذات الاستاذ على حد تعبيره الذى يكتب بالصحف وليس الجربوع. كما وصفنى الآخر. وحيث اننى قد لزمت الصمت وتجنبت اقحام نفسى تأدبا لمن هم اكبر منى .. فقد خالجنى احساس هو خليط من عبرة احتبست فى حلقى حيال ذلك الظالم المتحرش ..ودمعة فرح تجاه موقف ذلك المنصف المدافع عنى .. فآليت على نفسي ان اهمل الاول .. و.. امضى بتحفيز الاخير فى مواصلة عشقى لمحبوبتى الكلمة الذى امتد حتى كتابة هذه السطور.. ولعل استراحة اخى ضياء ..وحروفى المتواضعة تكون حافزا ( للهادى ) ليعود الى ممارسة استشرافه عبر بلاط صاحبة الجلالة ..عساه يستشرف لنا بحسه الصحفى المبكر .. قيام او عدم قيام الانتخابات القادمة ..وتقرير مصير الجنوب.. وكل القضايا العالقة فى حبال الغيب .. والذى لايعلمه الا الهادى الرحيم العليم..بخفايا الامور وبواطنها...مع تحياتنا للشاب الهادى اينما كان.