مُخرجات السياسة السودانيّة أمام التحديّات العاصفة التى يمكن أن تعصف بالسودان مُخرجات رخوة, مثل الأشجار التى تتظاهر بالكبرياء لكن تعصف بها الرياح من أوّل عصفة... سياسة لم تثمر كثيرا وإن أثمرت فهى ثمرات الحنظل والعُشر و النيم, لا فائدة مرجوّة منها إلا فى مجال التداوى (البلدى)! اتأمل شجرة النخيل, فأرجو للسياسة السودانيّة صمودا وصلابة وإثمارا مثل النخلة... فللنخلة شموخ وكبرياء غير زائف وصلابة فى مواجهة الرِيح الصرصر العاتيّة... وفيها إثمار وفيها حنان وحنين... وللنخلة تجاوب مع نغمة الطنبور! لشجرة النخيل نسب ومصاهرة مع شجرة العائلة السودانيّة... والنخلة بنت التربة والبيئة والمناخ والمزاج السودانى... فهى أكثر الأشجار فى مملكة النبات التى صوّب نحوها الشعر السودانى الغنائى وغير الغنائى... وللسلّم الخماسى توقيع على جذع النخلة وجريدها وثمرتها... وعلى خريطة النضال السودانى معركة (النخيلة)... والنخلة فى قاموس الأسماء السودانيّة, فمن أسماء المرأة (النخيل) ومن أسماء الرجال (النخلى)... وفى الخرطوم (النخيل) اسم لشارع طولى بحى الطائف... و منتزه النخيل على شارع النيل من ضفّته الأمدرمانيّة... بل ومن العائلات القبطيّة السودانيّة التى عملت فى مجال الصيدلة بالسودان وتقف آثارها كالنخلة فى المحطة الوسطى بالخرطوم: صيدليّة أبو نخلة! النخيل فى القرآن مذكور فى عشرين موضع بتصويرات فنيّة ووظيفيّة كثيرة: فهو مشروع اقتصادى ووجاهة إجتماعيّة وأسرة منتجة وثمرة مثيرة لهرمون الولادة: (فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة)... (والنخل باسقات لها طلع نضيد)... (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سَكرا ورزقا حَسنا), وفعلا اتّخذه السودانيّون خمرا فى جانبه المُحلّل (الشَربوت), وفى جانبه المُحرّم (..). شجرة النخيل حزمة من الفوائد: فهى أمل وعمل وصورة جماليّة وزينة (النخيل المَلكى) ومشروع إنتاج (التمر) وسعفها سوط نباتى وجَريدها وقود حيوى... وهى أوّلا وأخيرا رمز للعافية (زيت النخيل)! أكاد على المناداة لإستبدال النخلة بصقر الجديان شعارا وطنيّا فهى أقرب إلينا من صقر الجديان الذى يأكل الضِعاف لا العدو... النخلة يمكن أن تكون شعارا عمليّا للسياسة السودانيّة, نرفع يدينا لها كل يوم بالسلام الوطنى: هاتِ هاتِ يا نَخلاتى!!